أسبوع آخر يلوّح لنا مودعاً، لكنه يأبى المغادرة تاركاً خلفه ضحكة مشروخة بالهلع.
على وسائل التواصل، توزّع الناس بين من يلتقط صورته مع المثلجات والبطيخ داخل بركة السباحة، ومن يوثّق المجازر، وبين من يوزّع طاقة إيجابية على شكل "ستوريات”؛ لأن الحياة، كما يقولون، معركة نفسية قبل أن تكون واقعية.
وهناك من تفتح البث المباشر لتطهو لزوجها وجبة بلا طعم، لا يهم فنظراته لها تدل على أنها أعظم انتصاراته حتى لو كانت تطهو الدجاجة بريشها، وسط أخبار انفصال الفنانة المشهورة التي لم يتجاوز عمرها ١٩ عامًا وخطيبها بين تأكيد ونفي من المتابعين، وتنبؤات المحقق كونان بداخل المهووسين بقصة حياتها.
درجات الحرارة لم تَعد تصعد… بل تسخر. تتحدّى المكيّف مباشرة، وتُجري مقابلة وداعية مع آخر نسمة هواء باردة قبل انقراضها.
وفي مكان آخر من الكوكب، تحديدًا على كوكب بيزوس، أقيم الزفاف الأسطوري الذي كاد أن يعلن هدنة دولية. حدث فلكي نزل فيه القمر شخصيًا ليرفع طرحة لورين… كل شيء كان باهظًا لدرجة أن الفقر شعر بالإهانة!
غزة، لم تحتفل بشيء هذا الأسبوع… سوى بالمزيد من المجازر!
الطيران الحربي يحتفل يوميًا بعروض نارية حقيقية، ولا أحد يلتفت للأطفال الجياع تحت الركام، فالعدسات مشغولة بتوثيق حفلات الحب ولحظات العمر.
الناس هناك، مستمرون في سباق البقاء: من يعثر على ماء، من يجد كيس طحين، من ينجو، البحر وحده يستمع للشكوى، لكنه يبدو منشغلًا بملوحة الأيام، بينما نحن منشغلون بترند الكركم في الماء!
والهدنة بين مستنكر ومدين بشدة، وآخر يرجو وقف الحرب، فيما الشعوب تُطهى على نار الشمس، وتُتبّل بقرارات الرجل الأصفر.
في الضفة، الاحتلال يواصل إعادة تعريف كل ما هو مدني:
الزيتون تهديد أمني، الماء رفاهية، والتنفس تصرّف عدائي.
وفي لبنان، الزيتون يحاول مقاومة الانهيار، لكنه اكتشف أن الدولار أعمق من الجذور.
وأخيرا الدولة "المحرّرة”، فقد أطلقت "هويتها البصرية الجديدة”…
نعم، لا نمزح. في خضم أزمات الخطف والقتل الطائفي والاختفاءات المتكررة، أعلنت سوريا رسميًا عن "إطلاق الهوية البصرية” في ظل المزيد من تقلص الجغرافيا.
محاولة لطيفة لإقناع المواطن أن كل شيء تغيّر، الرئيس، الجيش، الحكومة، العلم والشعار… باستثناء الواقع!
ومشاحنات إلكترونية يتصدرها فيصل القاسم وأمثاله لإثبات أن "الصقر” ليس ماركة مشروبات كحولية ألمانية، بل إرث قومي.
وفي كل هذا العبث، لا يزال رجال الله يضعون بصمات أحذيتهم على مؤخرات جنود الاحتلال، وعلى ما تبقى من أسطورة تدعى "الميركافا”.
تتشابك المجازر مع حفلات الزفاف، و لا نملك ترف الحياد… نضحك بانكسار، ونقاوم كي لا نصير خبرًا عابرًا في نشرة الطقس.
وسط كل العبث والسخرية.. غزة تمرغ أسطورة “الميركافا”

صبا منصور
أخبار البلد -