أخبار البلد -
يشهد شهر أكتوبر(تشرين الأول) عددًا من الأعياد الدينية اليهودية التي تحمل أبعادًا طقسية وسياسية، تؤثر بشكل مباشر على مدينة القدس، لا سيما المسجد الأقصى. تبدأ هذه المناسبات بـ عيد رأس السنة العبرية (روش هشناه)، الذي يحل في الثاني من أكتوبر(تشرين الأول). تبدأ طقوسه مع غروب الشمس وتستمر ليومين، تتوقف خلالهما الحياة العامة في كيان الاحتلال، حيث تُغلق المؤسسات والمواصلات والأسواق. يتوافد آلاف اليهود إلى حائط البراق لأداء ما يُعرف بـ”صلاة الاستغفار” أو "السليخوت”، كما يُنفخ في بوق الشوفار، المصنوع من قرن كبش، في الثالث والرابع من أكتوبر(تشرين الأول) ، في طقس رمزي يهدف إلى إعلان بداية العام العبري من محيط المسجد الأقصى باعتباره "الهيكل المزعوم”.
يلي ذلك عيد الغفران (يوم كيبور)، والذي يصادف الحادي عشر من أكتوبر(تشرين الأول) ، ويأتي بعد عشرة أيام مما يسمى "أيام التوبة”. يتميز هذا اليوم بصيام يمتد 25 ساعة متواصلة، وتشهد فيه دولة الاحتلال إغلاقًا تامًا، مع فرض حواجز على الضفة الغربية ويمنع استخدام وسائل التنقل الحديثة والسيارات وغاز الطهي عادة لا يلتزم كثيرون بهذه الطقوس. تُؤدى فيه الصلوات داخل الكنس وعند حائط البراق، وتمارس طقوس ذبح رمزية باستخدام الديوك والدجاج، إضافة إلى إشعال الشمعدان. يعتبر هذا العيد من أكثر الفترات حساسية، حيث تتكثف محاولات اقتحام المسجد الأقصى ونفخ البوق في ساحاته، في محاكاة لطقوس "الهيكل”، وسط محاولة تسجيل أكبر عدد من المقتحمين.
في السادس عشر من أكتوبر(تشرين الأول) ، يحتفل اليهود بـ عيد العُرش (سوكوت)، الذي يستمر ثمانية أيام تخليدًا لفترة التيه في صحراء سيناء. خلال هذا العيد، يتم بناء أكواخ رمزية تُعرف بـ”سُكّاه”، وتقديم قرابين نباتية مثل سعف النخيل. وفي اليوم السابع من العيد، الذي يُعرف بـ”هشوعناه”، تُؤدى طقوس تُحاكي طواف الكهنة حول "مذبح الهيكل”، ويتم السعي إلى إدخال هذه الطقوس إلى باحات المسجد الأقصى، في سياق فرض حضور رمزي وتكريس السيطرة الأمنية عبر الشرطة والمستوطنين.
أما في الخامس والعشرين من أكتوبر(تشرين الأول)، فيأتي عيد الأنوار (الحانوكاه)، الذي يمتد لثمانية أيام، ويحيي ذكرى سيطرة اليهود على القدس بعد نهاية الحكم اليوناني. هذا العيد ليس من الفروض التوراتية، بل تم استحداثه من قبل الكهنة، ويشترك مع عيد المساخر في طابعه الاحتفالي التاريخي. تتضمن طقوسه إشعال الشمعدان وأداء طقوس رمزية، وقد تُمارَس فيه طقوس قرابين أيضًا.
و تستغل الجماعات التوراتية هذه الأعياد لتعزيز وجودها في القدس، وفرض طقوسها على المسجد الأقصى، ما يجعل من شهر أكتوبر (تشرين الأول) كل عام فترة توتر وتصعيد في المدينة المحتلة.
وقد يشهد أخطر وأكبر اقتحام للمسجد الأقصى المبارك من قبل جماعات "الهيكل” المتطرفة وسط تصعيد غير مسبوق من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وتبدو الظروف الحالية، ي ظل التمزق والضعف العربي والإسلامي، بما في ذلك العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة وتراجع الاهتمام العربي والإسلامي الرسمي والشعبي، قد تستغل لفرض وقائع تهويدية خطيرة في المسجد الأقصى، فالاحتلال يعتبر المسجد "جبهة عقائدية يجب حسمها” على غرار جبهات أخرى.
إن الرباط والتواجد الشعبي هو صمام الأمان في ظل التخاذل غير المفهوم فلسطينيا وعربيا وإسلاميا لعرقلة مخططات الاحتلال، ومنع فرض تقسيم زماني ومكاني للمسجد.
“أعياد” يهودية قادمة تهدد القدس والمسجد الأقصى
صبا منصور






