محطة مهمة على طريق التحرر الفلسطيني..! (3-3)

محطة مهمة على طريق التحرر الفلسطيني..! (33)
علاء الدين أبو زينة
أخبار البلد -  
لدى التعليق على الجولة الأخيرة من الصراع التحرري الفلسطيني من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني الإبادي بطبيعته، ينبغي التركيز– من منطلق المسؤولية الأخلاقية والعملية- على بعض الخلاصات التي ترشّد هذا التعليق. وهي خلاصات يدعمها المنطق.
 

أولًا: سوف يُعلن المشروع الاستعماري– أي مشروع استعماري، وبخاصة الاستيطاني- إنجاز مشروعه وانتصاره النهائي لحظة وصول الشعب المستهدف إلى لحظة اليأس المطلق والشعور بالهزيمة النهائية. كان ذلك حال الزعيم الهندي الأحمر، سياتل، حين أعلن هزيمة شعبه في خطبته الشهيرة، والقبول بسوقهم إلى المحميات.
 

بذلك، يمكن من دون أي مصادرات منطقية، اعتبار كل خطاب تيئيسي يعظم الخسائر ويهمل أي مكاسب بسياق نضالات مناهضة الاستعمار، جهدًا يخدم الجهاز الدعائي لسلطة الاستعمار. وليس من الصعب العثور على التماهي بين خطاب الذين يحملون المسؤولية عن القتل والتدمير للضحية وخطاب أفيخاي أدرعي. ثمة مكان واحد هو الملوم عن خسارة الحياة البشرية في السياق الفلسطيني: الاستعمار الإبادي الصهيوني.
ثانيًا: أن يقول مسؤول أمني فلسطيني، بإيمان، أن الفلسطينيين الشباب الذين يواجهون العدو بسكين أو ينفذون عمليات منفردة ويقاتلون بلا إمكانيات تقريبًا، هم «خارجون على القانون» وأصحاب «أجندات خارجية»، هو استغباء صفيق لوعي الشعوب. لا يمكن تسويق فكرة أن المقاوم الشاب الذي اقتحم معسكر جيش العدو عند حاجز تياسير المصمم لإذلال الفلسطينيين، وقتل وأصاب عشرة جنود قبل استشهاده، فعل ذلك من أجل خامنئي وفي قلبه حماية إيران.
ثمة حقيقة أساسية منطقية: إذا سمحت لك سلطة استعمارية-استيطانية بأن ترتدي زيًا عسكريًا وطنيًا، وتعلق رتبة على كتفك وأوسمة على صدرك ومسدسًا في حزامك، فلأنك تخدم هذه السلطة ولا يمكن أن تكون عدوًا لها. ولن يكون هناك فرق بينك وبين هاغاري، أو أدرعي أو غسان عليان. وستجد نفسك تكرر نفس تصريحات هاغاري وأدرعي التي تصف المقاومين الفلسطينيين بالإرهابيين (الخارجين على القانون) الذين ينفذون أجندة إيران.
ثالثًا: إذا تعقبتَ اتجاهات معظم الكتاب والمعلقين الذين يجتهدون في العثور على منطق للوم المقاومة في كل شيء، وصرف الانتباه عن مسؤولية الاستعمار الوحشي عن محنة الفلسطينيين، فستجد أن خلفياتهم تلتقي مع مشروع تبرير القبول بالكيان الاستعماري الإبادي في المنطقة على حساب القضية الفلسطينية، وتسويق التطبيع. ويستخدم هؤلاء ألعابهم اللغوية لاجتزاء الأحداث من سياقها الكبير وجعلها قضايا تامة بحد ذاتها.
رابعًا: يجري تبرير التخاذل عن نصرة الفلسطينيين في غزة– وبالتالي المساهمة في مقتل كل هذه الآلاف من الناس بالسكوت- على أساس أن الذين يشتبكون مع العدو هم «حماس» و»الجهاد الإسلامي». وبالنظر إلى المواقف المختلفة من «الإسلاميين» في دول المنطقة، فإن التناقض مع المقاومة في غزة، بمعنى كل أهل غزة، يُعرض على أنه التناقض الأساسي الأعمق من التناقض مع الكيان الصهيوني. ويعلن قادة العدو في أكثر من مناسبة أن هناك في الإقليم من يشجعهم على التخلص من «الإسلاميين»– ما يعني عمليًا استكمال التدمير والإبادة الجماعية لكل الفلسطينيين في القطاع. والفكرة، كما يبدو، هي أن هؤلاء «الإسلاميين» إذا حققوا حتى انتصاراً تكتيكيًا على العدو الصهيوني، سيشكلون خطرًا ساحقًا ماحقًا لا راد له على أمن الدول العربية؟! غير منطقي!
خامسًا: من المنطلق السابق، يوصف قادة المقاومة في غزة بأنهم طباق للنموذج السلطوي في الإقليم: قادة متعالون منفصلون يضحون بمواطنيهم من أجل السلطة والنفوذ والامتيازات– بالطبع لتبرير التخلي عن فلسطينيي غزة. ولا يقال الشيء نفسه عن المفرّطين بمرتكزات القضية الفلسطينية ويعيشون حقًا في القصور ومع المراسم. يصعب في الحقيقة تصور ترف وسلطة في حياة الذين يعيشون مطاردين، مستهدفين بالاغتيال في كل دقيقة، ومجبرين على العيش عشرات الأمتار تحت الأرض. وعندما يتعلق الأمر بالتضحية، يكون هؤلاء في أول الصفوف ويفتدون مواطنيهم بأنفسهم. ثمة قاعدة منطقية تمامًا: إذا كان المرء مطاردًا ومستهدفًا من الكيان الصهيوني أو أميركا، فإنه بالضرورة ومن دون أي نقاش في الجانب الصحيح عندما يتعلق الأمر بالقضية الوطنية– والعكس صحيح.
سادسًا: قال نتنياهو في مقابلة أول من أمس إن «إقامة دولة فلسطينية ليست انتصارًا لحماس فقط، وإنما لإيران، وهزيمة لنا». النية الخبيثة واضحة طبعًا. لكن هذه الفكرة غير المنطقية نفسها هي التي يجري بيعها على المواطنين العرب لتكفير المقاومة ضد الاحتلال، على أساس أنها حتى لو انتزعت دولة فلسطينية، فإن هذه الدولة ستكون انتصارًا لإيران، وبذلك لا حاجة لنا بهكذا دولة ولا هكذا مقاومة. دائمًا يتم الزج بإيران لتبرير أي فشل في اتخاذ الموقف الإنساني والأخلاقي والوطني الصحيح. ويصح في الحقيقة أن تستدل على سوء النية في العثور على إيران في مداخلة تفسر الصراع مع الكيان الصهيوني، على أساس إعفاء الكيان من موقع النقيض الأساسي.
سابعًا: تكرار لازمة، «ليست لنا القدرة على مقاومة هذا الاحتلال» لا يليق بقادة حركة تحرر وطني من استعمار استيطاني إبادي. وإذا شعر أحدهم بأن هذه قناعته، وبأن غايته هي البقاء بأي شروط، فإنه ينبغي– كواجب وطني- أن يتقاعد ويفسح المجال للذين يحتفظون بالإصرار والأمل. في النضالات المناهضة الاستعمار، وخاصة الاستيطاني، ليست مهمة الشعب المستعمَر تحسين شروط الحياة تحت الاستعمار، حتمًا بثمن توطيد الاستعمار، وإنما التحرر من الاستعمار. كل سبب يجعل الاستعمار يأمن ويستقر، هو نفس سبب نزع استقرار المستعمَر وأمنه– وصولًا إلى فقدان توازنه النهائي وسقوطه في ثقب النسيان.
ثامنًا: يثبتُ كل يوم، كما كان ثابتًا على الدوام، أن مقاومة الفلسطينيين وصمودهم هما الحصن الأخير أمام سقوط العرب جميعًا. وكما تقول بوضوح حالة الفزع من تصريحات ترامب عن غزة، فإن عدم فعل كل شيء لوقف الهجمة الوحشية على القطاع أفضى منطقيًا إلى ما أفضى إليه: فرضُ أي وكل شيء على الإقليم. وثمة إدراك متأخر لحقيقة أنها لم تكن ثمة حكمة، ولا إدراك للمصالح الوطنية– بألطف الأوصاف- في التراخي عن دعم مقاومة الفلسطينيين وصمودهم والسماح بإضعافهم تحت أي ذريعة. وينطبق هذا على مسألة التناقض الأساسي والحتمي، بين مشروع التحرر العربي ومشروع الاستعمار الصهيوني-الأميركي. كان ينبغي عزل الكيان الصهيوني في الإقليم كشرط أساسي للتحكم في التوازنات بعض الشيء، واستخدام أدوات التأثير المتاحة التي يعرفها كل العرب العاديين لدفع الولايات المتحدة إلى التفكير قبل التصرف بحرية لإذلال العرب. وفي الحقيقة، ما يزال من الممكن الاعتراف بماهية المصلحة القومية العربية التي لا يمكن أن تتصالح مع مصالح الهيمنة الأميركية وأداتها الصهيونية. وأن تصل متأخرًا خير من أن لا تصل أبدًا.
ختامًا، ثمة أولئك من كل الأنواع الذين يعطون أنفسهم الحق في تقرير من الذي يجب أن يحكم الفلسطينيين. إذا أراد هؤلاء ادعاء أي قرب من الديمقراطية واحترام إرادة الشعوب، فإن عليهم قراءة اتجاه الرأي العام الفلسطيني واحترامه. إذا أردت أن تكون وصيًا على يُتم الفلسطينيين، فينبغي أن تكسب حق التفرير معهم –أو عنهم- من رعايتك لهم وإظهار كم أنت مهم في صيانة أرواحهم وكرامتهم، وإلا فاتركهم لشأنهم.
يبدو المشهد فوضويًا للغاية كما هو. لكنّ الفلسطينيين لا يمكن أن يستسلموا لأيّ وهم بأن قضيتهم خاسرة. وسوف يرون أن ما يجري ليس بالضرورة شرًا كله. ثمة بعد كل شيء وعي عالمي جديد ينشأ ويتمحور إلى حد كبير حول فلسطين. وثمة معسكرات ربما تتشكل لعزل تحالف «أميركا - الكيان» الذي وضع نفسه بوضوح في مواجهة العالم كله (ولو أنه يعرض الأمر كله على أنه تقويض إيران التي تشكل الخطر الوحيد على العالم، والفلسطينيين بالطبع لأنهم «ذراع» هذا الخطر) متسلحًا بالوحشية والغطرسة. وينبغي ألا يكون الاختيار صعبًا عندما يتعلق الأمر بالجانب الذي يصطف فيه العرب والفلسطينيون، كشيء طبيعي.
شريط الأخبار رئيس مجلس النواب يزور مقر قائمة العمل والانجاز (صور) صدامات مع الشرطة وحل لمجلس نقابة المحامين... اعتقال رئيس بلدية إسطنبول يفجّر أزمة سياسية في تركيا دائرة الجمارك: 3164 مركبة أعيد تصديرها من الأردن إلى سورية إجمالي الدين العام للأردن يرتفع 0.8% في أول شهر من 2025 مسؤول كبير في "الشاباك" يفجر قنبلة بحديثه عن نية اغتيال رئيس الوزراء نتنياهو على يد الشاباك حشود من الاردنيين في وسط البلد عجلون... تساقط الثلوج وغرف الطوارئ على جاهزية قصة "محو" عائلة فلسطينية في غزة الملك: في ذكرى معركة الكرامة نقف إجلالا للجيش العربي المصطفوي ترفيعات في وزارة الداخلية - أسماء ارتفاع مساحات الأبنية المرخصة بنسبة 16.9% في كانون الثاني أجواء باردة وماطرة الجمعة وارتفاع تدريجي السبت ضبط 1.5 طن من التمور غير الصالحة للاستهلاك البشري في الكرك تراجع نسبة المتزوجات في الأردن وفق أرقام رسمية "الصحة النيابية" تزور البشير انخفاض الطلب على المشتقات النفطية 14% الحجز على أموال نائب أردني معروف سقوط حافلة في موقع الحفريات بإربد إتلاف 5 أطنان مواد غذائية غير صالحة في العقبة أبو عبيدة: ندعو كل أحرار أمتنا إلى الانخراط في معركة الدفاع عن الأقصى لكسر شوكة إسرائيل