أكبر كرسي .. ومصائب "الكراسي"

أكبر كرسي .. ومصائب الكراسي
أخبار البلد -  
أخبار البلد ــ الكراسي جزء من الثقافة الأردنية، بما تحمله من رمزية ودلالة. حاضرة في أمثالنا، وموجودة في تراثنا الاجتماعي، وهذا بالطبع، امتداد لرمزية الكرسي التاريخية، ليس في السياسة فقط، بل شتى المجالات، الإجتماعية والثقافية، والدينية. على الدوام كان الكرسي في التاريخ الإنساني، يعبر عن السلطة والقوة والجاه والسمو، والمكانة ..

في الأردن، الشعب يحب الكراسي، والنخب وقادة المجتمع كذلك؟! المواطن والمسؤول، كلاهما يحب الكرسي؟! ولذا اشتهر في الثقافة السياسية الأردنية مصطلح " تدوير الكراسي أو المناصب"، الكرسي عندنا، له ارتباط وثيق بالوجاهة والمكانة والقيمة الاجتماعية، وإذا جلس أحدنا على الكرسي، لا يقوم أبدا، فالكرسي يولد رغبة شديدة للبقاء مدة أطول في المنصب!

أكبر مصائبنا في الأردن، وأكثر ما يشغل بالنا، الكراسي، ومن يجلس عليها؟ وكيف وصلوا لها؟ هل بالجدارة والكفاءة أم بالواسطة والمحسوبية؟ وهل "قسمة الكراسي" في تشكيلة الحكومات -مثلا- كانت عادلة وأخذت كل عشيرة نصيبها؟ وهل نالت كل محافظة أو منطقة، حصتها منها؟ نحن ننظر للمسؤول بأنه مجرد واجهة للكرسي!

خبر تسلم المناصب وتشكيل الحكومات، والتوقعات بشأنها، وتكهنات الصالونات السياسية؛ والاشاعات والتضليل في هذا السياق؛ مادة جاذبة لوسائل الإعلام، وبالتأكيد هي بالنهاية توزيع كراسي.

نحن نفرح كثيرا عندما يتسلم أحد معارفنا أو أصدقائنا منصبا حكوميا، نفخر كثيرا بأن، ابن العم وابن العشيرة، أصبح وزيرا أو أمينا عاما، أو مديرا في إحدى الوزارات أو المؤسسات الحكومية، وبالتالي أصبح له منصب، وجلس على كرسي؟ تبا لهذه القطعة الخشبية، هي من تصنع الحضارات، وهي من تصنع المجد أيضا ؟!

أوجه الفشل في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ وجميع المصائب التي حلت بالوطن، والويلات والخيبات .. كانت أيضا بسبب الكراسي، ومن يجلسون عليها. وهناك لعبة أردنية شهيرة، يعرفها من يعملون في المجال السياسي، اسمها "لعبة الكراسي"، هذه اللعبة خطيرة جدا، تتطلب الحذر ودرجة عالية من الوعي السياسي؟! 

أحد أسباب الترهل الإداري في مؤسسات الدولة، في كثير من الأحيان كانت أيضا، بسبب الكراسي، إذ أن الترضيات والتنفيعات وتوزيع المكاسب والغنائم كانت من خلال الكراسي، أو -ربما- بسبب تشوه إداري لتعدد المرجعيات أو تضارب الصلاحيات، وكانت أيضا بسبب هذا اللعين من خلال تفريخ الأطر في هياكل المؤسسات، و"تدشين" كراسي جديدة حتى نرضي الجميع؟!

"الكرسي عزيز وغالي" هكذا يقال، إذن فالمحافظة عليه تتطلب العمل الجاد، والتضحية، لكنها للأسف قد تكون على حساب المصلحة العامة؟! ويقال أيضا لمن يجلس على الكرسي،" لو دامت لغيرك ما وصلت إلك"؟ 

أغلب مشاكلنا يا سادة، كانت بسبب "الكراسي" ومن يجلسون عليها، والعلاقة التي تربطهم بحبها، والتنازلات التي يجب أن يقدمونها من أجل البقاء فيها، إلى حين الانتقال إلى كرسي آخر؟

أخطر قيمة، وأهم قيمة، فقدناها في السنوات الأخيرة، هي قيمة تحمل المسؤولية وأداء الأمانة المرتبطة بالكراسي، وطريقة تعاطي المسؤول مع الكرسي الذي يجلس عليه، هل هو سلطة من أجل خدمة المصلحة العامة؟ أم أنه سلطة لاثبات الذات والوجاهة والمنفعة الشخصية؟ الكراسي عندنا تشريف وليست تكليب وغالبا تغيب عنها المساءلة والمحاسبة؟!

"الأقليات الصارخة" التي نراها في مجتمعنا، وأولئك ممن سار في ركب الشعبوية، ونراهم تعلو أصواتهم في الضجيج والتشويش، هم الآخرين ليسوا ببعيد عن "قصة الكراسي"، ثمة طبقة سياسية انتهازية يعلو صوتها في النقد والتجريح، والهجوم أيضا، علاجها لا يكون إلا بالكراسي؟ ( كما يقول الأردني: فلان بدور على منصب .. من الآخر) 

حتى في الفعاليات والمؤامرات والندوات، الكراسي مهمة جدا، وموقع الجلوس له أهمية بالغة عند المدعوين، سيما إن كانوا من أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة، الأمر الذي قد يؤدي إلى إلغاء الفعالية أو إحداث فوضى فيها،  بسبب الكراسي ثارات خلافات ونزاعات، وتكشفت حقائق لم نكن نعلمها لولا أن أصحابها غادروا الكرسي وهم غاضبين ساخطين؟ 

ختاما، على الرغم من الهدف النبيل الذي يحمله "أكبر كرسي" في الأردن والمنطقة، ودوره في دعم صناعتنا الوطنية، سيما الصناعات الخشبية والأثاث، فإنني أقترح على غرفة صناعة الأردن وعمان، أن لا تفوّت فرصة هذا العرض المهيب، والمقرر إقامته يوم الجمعة، وأن تدعو جميع الطامعين إلى الكراسي، ومن تتوق أنفسهم إليها، ثم تجلسهم عليه، أملا بأن نشبع رغباتهم، وتهدأ نفوسهم، وحتىى نتخلص من داء إجتماعي خطير، يتمثل بعشق الكراسي والرغبة بالجلوس عليها. 

يجب أن لا ننسى، ونحن نحتفل بأكبر كرسي في صناعتنا الوطنية، مصائبَ "الكراسي" والخيبات التي أصابتنا بسببها، نحن كمجتمع، ومسؤولون في الدولة أيضا. أرجو أن يكون هذا الكرسي نقطة بداية، نثور فيها جميعا على "ثقافة الكراسي" ونهذب أنفسنا وننتصر عليها.

ألف تحية لعمال الوطن ممن صنعوا هذا المنتج الفريد، وهنيئا لهذا المصنع الذي خرج بهذه الفكرة التسويقية الإبداعية بهدف الترويج للمعرض.
 
شريط الأخبار "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا غوغل تكشف أبرز مواضيع بحث الأردنيين في 2025 استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد مراسم الاستقبال الرسمي لبوتين أمام القصر الرئاسي في نيودلهي (فيديو) حفل سحب قرعة كأس العالم 2026 اليوم أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غداً وفيات الأردن اليوم الجمعة 5/12/2025 "شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر": ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر بعد اجتماع ديسمبر.. الفدرالي الأميركي يستعد لثمانية اجتماعات حاسمة في 2026! وزير العمل: شبهات اتجار بالبشر واستغلال منظم للعمالة المنزلية الهاربة اتفاق أردني سوري لإنعاش الأحواض الشمالية قريبا هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد حماس: نتوقع حدوث محاولة اغتيال في دولة غير عربية انخفاض سعر صرف الدولار إلى ما دون 76 روبلا للمرة الأولى منذ 12 مايو 2023 آخر موعد للتقديم على المنح والقروض من "التعليم العالي" وزارة اردنية الافضل عربيا من هي ؟ العراق يتراجع عن إدراج حزب الله والحوثيين على قوائم الإرهاب