في مراحل متقدمة من العمر وبعد أن نفذ صبر زوجتي من أمي وأبي هددت بالخروج من المنزل وأخذ الأولاد معها وحرماني من أبسط حقوقي إذا ما اتبعت تعليماتها الصارمة وبإصرار شديد ليل نهار وإغلاق كل السبل أمامهم بوضعهم بملجأ العجزة انتقاماً منهم.
كانوا مولعين بأبنائي وخصوصاً يزن الصغير بدأت تظهر علامات مرض الزهايمر المبكر على أبي وأمي كانت تعاني من مرض ارتخاء شرايين القلب الأبهرية.
وقبل كل هذا تنازل لي أبي عن المنزل فقمت بوضع نصفه لي والنصف الآخر لزوجتي قبل مرضه وأوصاني بزوجتي وأبنائي ومضت أيام ولم تهدأ زوجتي وهددت بحرق نفسها إذا ترددت بعدم وضعهم بدار المسنين وكان هذا إنذار أخير بالنسبة لي وخفت على أولادي من نوبات جنونها المتكررة.
جلست معهم قبلها بساعات وجلست أنظر لملامحهما وأتذكر طفولتي وكيف كان أبي يلاعبني ويأخذ بذلك الشاب الصغير إلى السوق وكيف صنعت لي أمي من رجليها أروع مرجوحة شهدها التاريخ فهي الأرجوحة الوحيدة التي لا تنقطع وكفالتها مدى الحياة وشعرت بالحزن الشديد لحظتها وباتت جميع الحلول غير متاحة وقامت بتر كل الفرص ولم يتبقى شيء أعمله.
وفي هذه اللحظة ،،،لحظة تاريخية بعقوق الوالدين وأمام أبنائي قلت لها أعطيهم آخر فرصة وسأقوم على خدمتهم فهم أعطوني أغلى ما يملكوا غدا سنصبح مثلهم،،،وبدون رحمة أقسمت يمين بأن تحرق نفسها وأبنائي إذا لم آخذ الإجراء السريع
بوضعهما بدار المسنين فقالت أستخدم حيلتك بإقناعهما بالذهاب معك اليوم وليس غداً وإلا،،،،،، همست بأذن والدي ووالدتي بأني أنوي الذهاب معهم بمشوار صغير من أجل التغيير والتنزه ويا لطيبتهما ففرحوا ورفعوا أيديهم ودعوا لي الخالق بأن يطيل عمري ويوسع برزقي وأن يعطيني على قد نيتي فهنا اهتز بدني واقشعر جسدي فأصروا علي أخذ يزن الصغير معنا من حبهم وولعهم به فوافقت على مضض،،،من باب عدم لفت نظر والدي.
وكأن قلب أمي كان دليلها فقالت لي الموت أرحم بني فلا تقسو علينا ببيت العجزة وأبوك رجل مريض ويحتاج إلى عنايتك أنسيت كم كان يحبك ويدللك أنت عن دون إخوتك وأجهشت بالبكاء وأمسكت بابني الصغير وقالت يا ولدي إياك من غضب الله فكما تدين تدان،،،ولم أفكر بأي شيء لحظتها وقمت بإرغامهم على تقبل الوضع وإلا سأحرمهم من رؤية أبنائي فوافقوا أخيراً ما أن وصلت المنزل كانت زوجتي قد أحضرت لي من الطعام والشراب الكثير وقامت بإضاءة شمعتين لإضفاء الأجواء الرومانسية ولم يهدأ بالي وبدأت أشاهد أحلام مخيفة بشكل يومي ولم أزورهما طوال ثلاثة أشهر وبيوم من الأيام شعرت بتعب شديد بصدري وذهبت إلى غرفتي وفي هذه اللحظة بدأت أهلوس من شدة التعب وأشاهد خطوط سوداء وبيضاء وبهذه اللحظة كنت وحيداً ورأيت ملك الموت قادم من بعيد بلباس أسود داكن يصرخ بوجهي وينادي ماذا صنعت بحق والديك وماذا تنتظر من أبنائك وكيف ستقابل وجه ربك أيها الغافل أيها العاق،،،،صحوت من غفوتي ولم أصحو من غيبوبتي.
أقالوني من عملي بدون سبب مقنع تراجعت أموري المادية وبدأت علامات الكهولة ترتسم على وجهي وابيض شعري بأربع سنوات فقط قمت بزيارتهم أذكر ثلاثة مرات ،،،احدودب ظهري وأصبحت عاجز عن أي عمل بسيط أقوم به بعد أشهر توفى أبي بجلطة دماغية وتبعته أمي بسبعة أشهر من جراء مرض انسداد الشرايين بالكامل ولم أودعهما.
بعدها بعام وثلاثة أشهر تقريباً مرضت زوجتي بمرض عضال وتطلب مني بيع ما تبقى من أثاث والطابق السفلي للمنزل لإكمال علاجها ولم نهنأ بشيء لا بنوم ولا بشراب ولا بطعام.
بدأت أشعر بالوهن والتعب الشديد ،،،لحظتها قمت بالمناداة على ولدي الحبيب لإيصالي إلى المستشفى القريب فقام بالنهوض على الفور ووضع والدته معي لمرافقتي،،،وبدأ يقول يزن ويذكرني بما صنعت بوالدي وكل الذي يحصل معي هو جراء عقوقي وما هي إلا ثلث ساعة ووصلنا وعند نزولي من المركبة شاهدت شيء غريب لم أشاهده منذ مدة فكان نفس الملجأ نفس المكان نفس الظروف تذكرت وقتها ماذا صنعت وكيف جلبت والدي هناك وكيف كان شعورهم وكيف كانت تنام عيونهم فقال لي ابني هل تذكر أبي ماذا فعلت بجدي وجدتي كيف كان قلبك وقتها وما كانت كلمة جدتي رحمها الله.
كما تدين تدان،،،، هذا أبسط شيء أستطيع عمله لك وأذكرك بقول الله تعالى.
يقول الله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله بين عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير
يقول الله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا صدق الله العظيم.