الذين لم يشهدوا حفل الإستقبال الذي أقامه رئيس ومجلس نقابة المهندسين يوم الاثنين 7 أيار الجاري ، لم يلتقطوا أهمية النتائج التي أسفرت عنها إنتخابات رئيس ونائب رئيس ومجلس نقابة المهندسين الأردنيين يوم الجمعة 4 أيار ، فالحشد الهائل من المهنئين بشكل لافت غير مسبوق ، دفع القطاع الواسع منهم كي يقدموا الواجب ومن ثم يغادروا لإعطاء المجال والمكان لغيرهم لأن قاعة الرشيد وما يحيط بها لم تتسع لهذا الكم المتنوع من المهنئين .
أعرض ذلك ، ليس فقط كمراقب ، بل كسياسي مدقق في محاولة لقراءة الحدث ودوافعه وتداعياته ، فالتخلص من التركة الماضية سمة غالبة على الحضور ، والرهان على المقبل خيار مشروع ، على قاعدة العناوين الثلاثة التي استأثرت بالإهتمام من قبل قواعد المهندسين ، وغدت حوافز للناخبين كي يتخطوا العزوف وينتظموا نحو المشاركة الإنتخابية وهي
1- صناديق النقابة وخاصة صندوق التقاعد والقلق الشديد على محتوياته ،
2- التأخر في الأداء المهني ، حيث طغى العامل الحزبي من اللون الواحد على مقدرات النقابة مهنياً ، وكان ذلك على حساب
تطوير تشريعاتها وعدم الدفع بعصرنتها وضعف لحاقها بالتطور الكيفي على المستوى العالمي ،
3- وأخيراً الكم الكبير من الشباب المهندسين العاطلين عن العمل ، مما جعل التنافس الشديد بين القائمتين على خلفية القضايا الثلاثة ، وكانت حصيلته الإنحياز نحو التيار النقابي المهني الوطني نمو وهي تحالف عريض من الإتجاهات القومية واليسارية والليبرالية والمستقلين إمتداداً للقائمة النقابية الخضراء وتطويراً لها، على حساب قائمة إنجاز وهي إمتداد للقائمة البيضاء المعبرة عن تحالف الإخوان المسلمين مع المستقلين .
في التدقيق بالمعطيات الرقمية حصيلة إفرازات صناديق الإقتراع نلحظ أن مرشح قائمة التحالف القومي اليساري الخضراء عام 2015 المهندس خالد رمضان كان قد حصل على 5039 صوتاً ، بينما فاز عليه مرشح الإخوان المسلمين البيضاء المهندس ماجد الطباع وحصل على 6666 صوتاً ، أما في هذه الدورة عام 2018 ، فقد حصل مرشح القائمة البيضاء إنجاز المهندس عبد الله عبيدات على 6790 ، وفاز عليه مرشح نمو المهندس أحمد سمارة الزعبي بعد أن حصل على 7933 صوتاً لنجد أن البيضاء إنجاز لم يرتفع تحصيل مرشحها عن 124 صوتاً بعد ثلاث سنوات من العمل ، بينما إرتفع تحصيل مرشح الخضراء نمو من 5039 عام 2015 إلى 7933 عام 2018 ، أي بزيادة 2894 صوتاً ، وثمة مدلول أخر وهو أن فروع المحافظات التي كانت تقليداً تعطي أغلبية أصواتها للبيضاء إنجاز ، تغير التصويت لصالح الخضراء نمو لدى محافظات إربد ، المفرق ، جرش ، عجلون ، مأدبا ، السلط ، الكرك ، الطفيلة ، معان ، أما في عمان كانت النتائج مناصفة بين القائمتين ، وبإستثناء الزرقاء التي حافظت على إنحيازها لصالح إنجاز – الإخوان المسلمين .
وثمة نتيجة لافته فرضتها قواعد المهندسين وإفرازات صناديق الإقتراع وهي أن مجلس النقابة بات يُعبر عن الشراكة بين القائمتين فقد حصلت إنجاز على أربعة قواعد ، بينما حصلت نمو على سبعة مقاعد ، مما يفرض التعاون بين القائمتين لمواجهة متاعب النقابة وتحدياتها ، كما يستدل من النتائج أن الحزبيين حققوا حضوراً بين الناجحين فالمهندس سمير الشيخ يساري من حزب الوحدة الشعبية ، والمهندس محمد المحاميد من حزب البعث العربي الإشتراكي والنقيب من الإتجاه القومي الملتزم ، إضافة إلى حزبيين من جماعة الإخوان المسلمين في قائمة إنجاز ، مما يدلل على أن التنوع سمة أصيلة لدى المهنيين .
في أول إجتماع لمجلس النقابة ، قرر :
1 – سحب الدعاوي القضائية المرفوعة ضد المهندسين الخضر والمعارضين للمجلس السابق الأبيض ،
2 - إبراز الذمة المالية لأعضاء مجلس النقابة أسوة بالوزراء والنواب والأعيان ،
3 – إعلان ميثاق شرف كي تكون النقابة للجميع والتعامل على أساس مصلحة النقابة بدون أحقاد وعدم دفع أثمان إنتقامية لمواقف سابقة ،
4- عدم تحمل صندوق النقابة كلفة حفل المباركة والنجاح الذي أقيم يوم الاثنين 7/5/2018 ، وأن تكون الكلفة على نفقة النقيب نفسه ولوحده .
مقدمات ضرورية تخلق جواً من التسامح والمهادنة ، وتفرض توجهات إيجابية من أجل كسب الجميع وجهودهم نحو النقابة ، ويبقى قانون التمثيل النسبي هو معيار التعددية والإلتزام بقيم الديمقراطية إضافة إلى أنه القانون الأكثر عدالة للنقابة وللعمل الإنتخابي برمته في بلادنا ، وقواعد المهندسين في حالة إنتظار وترقب ورهان !! .
h.faraneh@yahoo.com