أخبار البلد -
أيتها الشمس اسمحي لي أن أقول لكِ ما شئتُ, فنحنُ في عصر الديمقراطية, أيتها الشمس نعلم حق العلم انكِ كل يوم ترسلين بسخاء خيوط أشعتكِ الذهبية لتُعلني بداية يوم جديد, ونعلمُ انه على موعدكِ أيتها الشمس يُضبط الصباح الباكر, ونعلمُ انه على موعدكِ تستيقظ العصافير مبتهجة من نومها, أيتها الشمس نعترف لكِ انكِ أنتِ التي تنشرين بهدوء وسكينة النور الإلهي على كل الوجود, أيتها الشمس نعلمُ ولدينا علم اليقين انه عند شروقكِ يأتينا جمال ما بعده جمال, ويأتينا نسيم ما بعده نسيم, وعند شروقكِ تطبعين على جبين الحياة قبلة معطرة بخيوط ذهبية فتظهر الفراشات الملونة بعد أن سرقتها أيادي الظلام من بين الزهور, أيتها الشمس نُوقّع لك بالحبر الأسود الصيني دون تردد على كل الأوراق البيضاء, نُوقّع انكِ لم تخلفين ميعادكِ معنا شفقا وغسقا كل يوم حين تعانق السماء الأرض, أيتها الشمس نحبكِ لأنكِ آية من آيات الله عز وجل.
أيتها الشمس نعلمُ كم أعطيتِ أسراركِ للقمر كي يضيء عتمة الليل الطويل, ونعلمُ انه عند اختفاءُكِ خلف غيوم السماء السوداء تبدين كفتاة أفغانية خجولة تتردد في الظهور على الآخرين لكنكِ تختفين وراء الغيم لتأتي بالمطر الوفير, أيتها الشمس أليسَ لكِ في كل الفصول قصة جديدة؟ أليسَ أنتِ التي تتحكمين بموعد الفصول الأربعة؟ متى تبدأ ومتى تنتهي, أيتها الشمس أليسَ لكِ كل يوم لوحة جميلة تجتهدين برسمها من لحظة شروقكِ حتى لحظة غروبكِ؟ أيتها الشمس أليسَ أنتِ التي تقومين بتحديد مواقيت أعظم عبادة عند الله عز وجل وهي عبادة (الصلاة) بأوقاتها الخمسة؟ أيتها الشمس نُحبكِ لأنكِ جئتِ اسما لسورة من سور كتاب الله عز وجل نزلت من فوق سبع سماوات.
أيتها الشمس ما الذي جرى وما الذي تغير وما الذي حدث لكِ؟ هل نحنُ تغيرنا أم أنتِ التي تغيرتِ؟ لم افهم حقيقة ما يجري أبدا, هناك شيء غريب عجيب, هناك طارئ على سطحك,...نُصارحكِ أكثر, لم نعد نحتملُ أبدا مثل حرارتكِ, ومثل لهيبكِ, ومثل عصفكِ, ومثل سعيركِ, أيتها الشمس كل شيء بات يستغيثُ من لهيبكِ ويبحث عن ظل تحت نخلة, والنخلة عطشى, بات كل شيء يهربُ من وجهكِ المستدير, وبتنا نبحثُ عن كوكب آخر في مجموعتكِ الشمسية اقل حرارة كي نرحل إليه, أيتها الشمس نُناشدكِ بضحاك أن تكوني حنونة, ونتوسل إليك بمستقرك أن تكوني لطيفة, أيتها الشمس لم يعد أطفال اليوم يرسموا وجهك الملتهب على دفاترهم, ولم تعد طيور المساء تسافرُ معكِ لتعود إلى أوكارها,..مع كل ذلك نُحبكِ لأنكِ سجدتِ يوما من الأيام مع الكواكب والقمر ليوسف عليه السلام.
أيتها الشمس أرجو أن تلتمسين لنا عذراً, لم يعد الهواء على أرضنا هواء, ولم يعد النسيم على أرضنا نسيم, فطائرات الأطفال الورقية مع توقف الهواء سقطت واختل ميزانها, والشجر أمامكِ في كل مكان دون حفيف أو حركة, والهواء الذي تلعب فيه المراوح هنا وهناك فيه حرارة من حرارتكِ, وفاتورة الكوندشن قاسية كـقسوة صيفكِ الطويل, والناس مختبئة من الحر خوفا وطمعا, أيتها الشمس نتمنى عليكِ أن تبتعدين عن كوكبنا قليلا كي نشعر بالبرودة,..يكفينا وكوكبنا حرارة الأسعارِ, وقلة الأمطارِ, وقصائد الثوارِ, أرجو أن تلتمسين لنا عذراً, يكفينا الكاميرات الالكترونية في ملابسنا الداخلية, ويكفينا البوابات الالكترونية في أقصانا واقصد هنا المسجد الأقصى, ويكفينا همز وغمز المجندات الإسرائيليات على البنادق, والقادمُ أصعب, القادمُ ربما يكون نوافذ الكترونية تحت الجلدِ, أرجو منكِ أن تقترحين علينا ماذا نفعل, فكل الطرق عليها حواجز شمسية, حتى أغنية المطربة شادية المشهورة (قولوا لعين الشمس ماتحماشي أحسن حبيب القلب صابح ماشي) عليها مراقبة حرارية وحماية شعاعيه, فأين المفر؟ وأين المقر؟