أتباهى بما فعلت، وأفخر بما كتبت، ليس لأني متميز وأتفوق على أقراني أو زملائي أو رفاقي في السياسة أو في المهنة أو في الحياة، ولكنها المتابعة والتدقيق واجتراح الاقتراحات العملية الملوسة لتحقيق الهدف، والهدف لدى كل أردني وعربي ومسلم ومسيحي العمل باتجاهين الأول محاولة عزل وتطويق ومعاقبة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي عن طريق هزيمته، لأنه غير مشروع وضد الحق ويفتقد للعدالة، والهدف الثاني هو تعزيز مكانة المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، وتلبية احتياجاته الضرورية وتطوير أدائه، وفق خطوات تراكمية تؤدي الى التضامن معه ونجاحه في تحقيق أهدافه على طريق انتصاره لأنه على حق ويملك عدالة قضيته وشرعية مطالبه .
فقد كتبت يوم 12/2/2017، في صحيفتي الدستور الأردنية، والأيام الفلسطينية مقالاً حمل عنوان " نحو تعليق عضوية البرلمان الاسرائيلي " أبرز ما جاء فيه :
أقر البرلمان الاسرائيلي يوم الاثنين 6 شباط 2017، بأغلبيته من قبل ممثلي أحزاب المستوطنين المستعمرين الأجانب، وأحزاب اليمين الصهيوني المتطرف، قانون سلب أراضي الفلسطينيين الخاصة في مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، ومصادرتها بأثر رجعي، مقابل دفع تعويضات مالية لأصحاب الأرض المسيطر عليها، ولذلك أطلقوا عليه اسم " قانون التسوية " وهي تسمية كاذبة مضللة، لأنه قانون يستهدف شراء أرض الفلسطينيين بالاكراه، ولذلك وصفته صحيفة هأرتس العبرية على أنه " قانون السرقة "، فالقانون وفق الصحيفة العبرية أقر للدولة " سرقة أراضي الفلسطينيين، وستتم السرقة بأثر رجعي، فالمستوطنات والبؤر الاستيطانية أقيمت على أرض خاصة ستصادر من أصحابها بشكل رسمي، وتمنح السارقين الساكنين فيها صك براءة، ولمنح السرقة بُعداً متساوياً، فان الفلسطينيين الذين يثبتون ملكيتهم سينالون تعويضاً مالياً زائداً " هذا اذا وافقوا على الحصول على تعويضات عن أراضيهم، مقابل تنازلهم عنها، وهو اجراء وتوجه لا تقره قيم المجتمع العربي الفلسطيني أخلاقياً وسياسياً ووطنياً، فتزداد معاناة الفلسطينيين وافقارهم، فهم من جهة لا يستطيعون استرجاع أراضيهم، ومن جهة أخرى لا يملكون شجاعة قبول التعويض عنها، مبدئياً وأخلاقياً .
البرلمان الاسرائيلي، بمبادرة من حزب المستوطنين " البيت اليهودي " ورئيسه وزير التعليم نفالتي بينيت، أقر قانون السرقة، وبالتالي فهو يتحمل مسؤولية خرق القانون الدولي، والتعارض مع قرارات الأمم المتحدة وآخرها قرار مجلس الأمن 2334 الصادر قبل أقل من شهرين فقط، مما يستوجب التوجه نحو المجتمع الدولي لمحاسبة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، والمجتمع الدولي ليس عاملاً هامشياً، فقد لعب دوراً أساسياً الى جانب مبادرة الحركة الصهيونية في قيام اسرائيل ومشروعها الاستعماري، ما يستوجب العمل نحو دفع المجتمع الدولي للتراجع عن مواقفه السابقة في تبني ودعم المشروع الصهيوني، وردعه عن مواصلة سياساته العدوانية الاستعمارية التوسعية، على وطن الفلسطينيين الذين لا وطن لهم سواه .
لقد صوتت فرنسا وبريطانيا مع قرار مجلس الأمن الدولي 2334، ضد الاستيطان والمستوطنين، وقد عبرت رئيسة الوزراء البريطانية أمام نتنياهو في لندن عن معارضتها للسياسة الاستيطانية التي تقودها حكومته، وقد سرب الأوروبيون عن تأجيل الحوار الأوروبي الاسرائيلي الذي كان مقرراً نهاية شهر شباط على خلفية " قانون التسوية السرقة " الاسرائيلي، واعتبرته فدريكا موغريني مفوضة السياسة الخارجية الأوروبية، على أنه تجاوز للخطوط الحمر، كما دعت فرنسا عبر وزير خارجيتها حكومة نتنياهو والبرلمان الاسرائيلي عن التراجع عن هذا القانون، لما يشكله ذلك من تعارض مع الالتزامات المطلوبة من قبل تل أبيب مع المعايير الدولية وحل الدولتين .
يتضح من متابعات المشهد السياسي على المستوى الدولي، وخاصة الأوروبي، أن ثمة نهجاً معتدلاً أخذ يشق طريقه لدى بعض البلدان الأوروبية، ولدى برلمانييها بشكل أفضل، لصالح الفلسطينيين، ما يستوجب المبادرة من قبل المجلس الوطني الفلسطيني المعترف به رسمياً كعضو عامل لدى الأتحاد البرلمان الدولي، وبالتنسيق المسبق مع البرلمان العربي، واتحاد برلمانات الدول الاسلامية، لدعوة إتحاد البرلمان الدولي، للعمل على تعليق عضوية البرلمان الاسرائيلي ووقف نشاطاته على المستوى الدولي حتى يستجيب رسمياً وفعلياً لالغاء قراراته ذات الطابع العنصري والاستعماري ضد حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني، وبما يتعارض مع القرارات والقوانين الدولية .
سيجتمع خلال شهر نيسان في بنغلادش الإتحاد البرلماني الدولي، ما يستوجب سرعة التحرك وتنظيم الخطوات مع البرلمان الأردني، ومع رئيسي لجنة فلسطين لدى مجلس النواب يحيى السعود، ولجنة فلسطين لدى الأعيان حيا القرالة، باتجاه الدفع نحو تنسيق الجهد وتفعيله مع كافة البرلمانات العربية والاسلامية والصديقة كي يعملوا على مطالبة البرلمان الاسرائيلي اما بالتراجع عن قراره واما يتم اتخاذ اجراءات تأديبية بحقه وأقلها تعليق عضوية البرلمان الاسرائيلي لدى اللجان البرلمانية المختلفة المنبثقة عنه " .
هذا ما جاء في مقالتي يوم 12/2/2017، وأعقبها اتصالي وحديثي المباشر مع المعنيين، لدى المجلس الوطني الفلسطيني ولدى مجلس النواب الأردني، وهذا ما حصل وحقق النتيجة الاجرائية في دكا ببنغلادش، فقد قررت المجموعتان العربية والاسلامية في الاتحاد البرلماني الدولي دعم مقترح برلماني عربي لادراج ادانة قانون شرعنة الاستيطان على جدول اعمال الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي التي ستعقد يوم 3 / نيسان في العاصمة البنغالية دكا.
جاء ذلك خلال اجتماع المجموعتين صباح الأحد 2 / نيسان على هامش الدورة 136 للاتحاد البرلماني الدولي التي تنعقد في بنغلادش بمشاركة وفد المجلس الوطني الفلسطيني وتم خلال الاجتماعين بحث المقترح العربي - الذي تم تبنيه بالاجماع خلال المؤتمر 24 للاتحاد البرلماني العربي الذي عقد في الرباط في 20 / أذار /2017 -حول قانون شرعنة الاستيطان الذي اقره الكنيست الاسرائيلي في السادس من شباط 2017، باعتباره تصعيدا في سياسة اسرائيل الاستعمارية التي تنتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرار مجلس الامن الدولي رقم 2334، كما تنتهك مبادئ واهداف الاتحاد البرلماني الدولي، وتدمر فرص تحقيق السلام القائم على حل الدولتين.
وفي ضوء ذلك أصدر رئيس الاتحاد البرلماني الدولي وامانته العامة بيانا تضمن ادانات واضحة لما قام به الكنيست الاسرائيلي، وارسل رئيس الاتحاد رسالة لرئيس البرلمان الاسرائيلي طالبه فيها بسحب " قانون التسوية " الذي يشرعن الاستيطان في اراضي دولة فلسطين المحتلة واعطاء حق لسلطة الاحتلال بمصادرة اراضي المواطنين وبناء المزيد من المستوطنات فيها وهدم البيوت ونقل السكان، وكلها اجراءات مخالفة لميثاق الامم المتحدة واتفاقية جنيف.
وفي نهاية الاجتماعات قررت المجموعتان تشكيل لجان متابعة داخل الاتحاد البرلماني الدولي لحشد التأييد لصالح المقترح العربي الذي يطالب البرلمانات الاعضاء بصفتها الممثل المنتخب لشعوب العالم ان تتخذ اجراءات لوضع حد لإفلات اسرائيل وبرلمانها من العقاب وللدفاع عن القانون الدولي والقيم الانسانية.
h.faraneh@yahoo.com