أخبار البلد - أخبار البلد - خالد محمد النوباني
لدينا نحن الشعب الأردني شيء مفقود و لا نريد أن ننظر في عين العاصفة. للأسف الشديد كلنا يحوم حول الحمى لا يريد أن يقع فيه. القضية واضحة و لا نريد أن نراها. نمني أنفسنا بقضايا جانبية ليست ذات أهمية و نترك عين العاصفة دون مراجعة. معظم الذين نسمع أصواتهم أناس فقدوا مقاعدهم و يبحثون عن مكان شاغر لملئه, لكن و بما أن جميع الأماكن محجوزة فإننا لن نرى في القريب العاجل أو غير العاجل أي تغيير حقيقي يصب في مصلحة المواطن و لا أقول الوطن لأن الوطن شيء خيالي غير محسوس و الذين يتشدقون باسمه يفعلون ذلك من منطلق الرفاهية الفكرية لا أكثر.
إننا لا نريد أن نضع أيدينا على الأعباء الحقيقية التي تثقل كاهلنا. رغيف الخبز؟. في ضوء الواقع السيء للتعليم الحكومي , تأمين بيئة حسنة لتعليم الأولاد؟ تأمين دخل منتظم للعائلة؟. من في ظل هذا الواقع المتشرذم مستعد أن يضع نصب عينيه مكافحة الفساد كهدف أو قضية له. إن القضايا التي تستوجب إيجاد الحلول لا تأتي من فوق بل تنبثق كضرورات من بين الناس. مكافحة الفساد ليست من قضايانا المصيرية, نحن نجدها في استنزاف مواردنا الأساسية لسد عجز مديونية أتت أساسا من واقع فاسد. لكن هذا لا يهم بشكل عام فمكافحة الفساد بالنسبة لنا أشبه بمحاربة طواحين الهواء بالنسبة لدونكيشوت. إن المتصدرين لها هم نوع من المجانين. إنهم أشبه بمن يريد أن يلتقط القمر و النجوم في مياه البئر فما أن يرمي نفسه وراء ما أمسك حتى يبتلعه البئر و يذهب به الى غير رجعة.
ما هي قضيتنا الأساسية , المحسوسة و الملموسة. كيف نحس بها و كيف نراها. بين الفينة و الأخرى تخرج لنا الأنباء بقضية رأي عام أو قضية كراهية (جريمة) ضد الإنسانية بكل ما تحمل هذه الكلمات من معاني. ألهذه الدرجة وصل مجتمعنا من الإنحدار. كيف يمكن لشخص أن ينمو دون وجود قيم في نفسه؟ من نسي من؟ أين العائلة؟ أين الدين؟ أين التثقيف الحكومي (أم أنه محصور في تقييد الحمل)؟ أين المساجد؟ أين التربية؟ أين العشائر؟ هل نبت هؤلاء المجرمون في البرية , متوحشين , بعيدين عن الناس و العقد الاجتماعي؟ ألهذا الحد نحن مجرمون؟. ما يوجد عندنا من جرائم يوجد مثلها في الشعوب الأخرى. و هنا منبت القصيد ؟ نحن لسنا مختلفين في قيمنا و نظمنا و مؤسساتنا عن الآخرين. غير أننا مسالمون أكثر منهم فلي من السهل أن نتبنى قضية.
الولاء الذي نحمله لما نسميه الوطن له ثمن, نستلمه آخر الشهر. و الإستقرار الذي نحسه له ثمن , فلا قضايا مصيرية "مسموح" لنا بأن نتبناها. الصمت هو مفتاح الفرج و ليس الصبر فليس هناك قضية ننتظرها حتى نصبر لأن تتحقق. لا توجد لنا قضية نبحث عنها.