(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ,لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ , تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ, سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) صدق الله العظيم
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )صدق الله العظيم
فهذا الشهر الهجري ليس ككل الأشهر فهو الأقدس والأكثر بركة وخيرا وهو ليس كذلك فقط لأنّ فيه ليلة القدر وهي ليلة تعادل الف شهر .
كما أنّ شهر رمضان ابتدأ الله فيه إنزال القرآن في ليلة القدر؛ هداية للناس إلى الحق، فيه أوضح الدلائل على هدى الله، وعلى الفارق بين الحق والباطل. فمن حضر منكم الشهر وكان صحيحًا مقيمًا فليصم نهاره. ويُرخَّص للمريض والمسافر في الفطر، ثم يقضيان عدد تلك الأيام. يريد الله تعالى بكم اليسر والسهولة في شرائعه، ولا يريد بكم العسر والمشقة، ولتكملوا عدة الصيام شهرًا، ولتختموا الصيام بتكبير الله في عيد الفطر، ولتعظموه على هدايته لكم، ولكي تشكروا له على ما أنعم به عليكم من الهداية والتوفيق والتيسير.
وقد وقعت في رمضان عدة غزوات ومعارك كان لها تأثير في حياة الناس ومنها غزوة بدر وكانت في السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة , وفتح مكة كانت في العاشر من شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة , ومعركة القادسية كانت في رمضان سنة خمسة عشر للهجرة بقيادة سعد بن أبي وقاص , وفتح بلاد الأندلس كان في رمضان سنة 92 هـ بقيادة طارق بن زياد ,و معركة الزلاقة وهي في جنوب دولة إسبانيا حالياً كانت في سنة 479هـ ومعركة عين جالوت كانت في رمضان سنة 685هجري بقيادة السلطان قطز والقائد العسكري بيبرس , و موقعة حطين كانت في رمضان سنة 584هـ بقيادة صلاح الدين.
والمعارك والغزوات في ذلك الوقت كانت تجهد المقاتلين والغزاة بشكل كبير نظرا لعدم تطور التكنولوجيا آنذاك ومع هذا كان الصبر والعزيمة لدى المقاتلين الذي كان يملأ قلوبهم وانفسهم والإيمان بعدالة ما يحاربون من أجله فكانت ضمائرهم مشبعة بالهدف الذي يسعون اليه وكانت الإرادة ثابتة لا تتزعزع وكانت تملأهم الثقة بنصر الله لهم فلا يشعرون بتعب وجوع وعطش امّا اليوم فإنّك ترى شبابا ليس لهم إرادة بترك السيجارة لعدّة ساعات فتملأ نفسه النزق والعصبيّة فلا يطيق ان ينجز عمله بطيب خاطر منه او يقابل المراجعين بإبتسامة وكلمة طيِّبة وكأنّه يحمِّل المجتمع مسؤوليّة جوعه وعطشه وسيحارته ويحمِّل الخالق جميلة انه صائم وهو فقط يبدوا عليه انه جائع وعصبي المزاج .
من حكمة الله سبحانه أن فاضل بين خلقه زماناً ومكاناً، ففضّل في الأزمنة شهر رمضان على سائر الشهور، فهو فيها كالشمس بين الكواكب، واختص هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان)
وهو الشهر الذي فرض الله صيامه، فقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} صدق الله العظيم
وهو شهر التوبة والمغفرة، وتكفير الذنوب والسيئات، و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر))، وقال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وقال أيضاً: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
وهو شهر العتق من النار، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة).
وفيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، وتصفد الشياطين، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين) .
وهو شهر الصبر، فإن الصبر لا يتجلى في شيء من العبادات كما يتجلى في الصوم، ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها وما تحب ، ولهذا كان الصوم نصف الصبر، وجزاء الصبر الجنة، قال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} صدق الله العظيم
وهو شهر الدعاء، قال تعالى {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} صدق الله العظيم ، وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم).
وهو شهر الجود والإحسان؛ ولذا كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في شهر رمضان .
لذلك فإنّ فضائل هذا الشهر المبارك لا تعدُّ ولا تُحصى ويجب ان يتّخذ المواطن ايّا كان معتقده من هذا ىالشهر بداية للتغيير نحو الأفضل لما فيه من فوائد صحيّة وإجتماعيّة وإقتصاديّة وتربويّة وأسريّة وإيمانيّة وهل يعقل ان يستهلك الأردنيون 32 مليون رغيف خبز في ثلاثة ايام استهلك منها عشرين مليون رغيف في اول يومين من شهر رمضان المبارك.
وفي هذه الليالي المباركة نرفع أكفّنا الى الله ضارعين ان يحفظنا ويحفظ وطننا من كل مكروه وان يرحم موتانا ويغفر لهم وان يشفي مرضانا وان يفك اسر اسرانا في كل مكان وان ينصر جيشنا على الأعداء وان يغيثنا وينزل الأمطار في فصل الشتاء وان يخفِّف البلاء عنّا ويحسن خاتمتنا وان يرحمنا الله فهو ارحم الراحمين .
احمد محمود سعيد
20 / 6 / 2015
3 رمضان 1435 هجري