عندما خلق الله البشرية كان ابانا آدم يمثّل الذكور يشكِّل نصف سكّان الكرة بينما أمّنا حوّاء التي خلقها الله من الضلع الأيسر لآدم تمثّل الأناث تشكِّل النصف الآخر للكرة الأرضيّة وهكذا استمرّت الخليقة شبه مناصفة بين الذكور والأناث ففي سنين العمر منذ الولادة وحتّى سن 65 من العمر تكون فيه نسبة الذكور اكبر اي كل مائة امرأة يقابلها مائة ورجل واحد بينما بعد عمر خمسة وستون يكون عدد النساء اكثر اي كل مائة إمرأة يقابلها ثمانون رجل .
ومفهومنا نحن الشرقيّين لنوع الجنس مختلف فمنذ العصور الجاهليّة حيث كان المشركون يوأدون المواليد البنات بدفنهم أحياء خوفا عليهم من السبي في حال تعرِّضهم للغزو من قبائل اخرى فكانت القبائل تغزوا بعضها البعض من اجل الماء والكلأ وأخذ السبايا وسلب الماشية بينما كان الرجال يفضِّلون المواليد الذكور ليعاونوهم في الرعي والغزو .
وعندما جاء الإسلام حرّم قتل النفس البشريّة إلاّ بالحق وبالمقابل كرّم الأنثى خير تكريم وقال تعالى( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ )صدق الله العظيم
عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة”
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: «من كانت له بنت فأدبها فأحسن أدبها، وعلّمها فأحسن تعليمها، وأسبغ عليها من نعم الله التي أسبغ عليه كانت له سترًا أو حجاباً من النار»
واصبحت المرأة عنصرا فاعلا في المجتمع فشاركت في هجرة المسلمين الى المدينة المنوّرة أول عاصمة للدولة الإسلاميّة كما ساهمت في الحروب والمساعدة في تضميد جراح المقاتلين والتخفيف عنهم بل ولبعض النساء مواقف بطوليّة على مرّْ الأزمان ومع تطوّر الحياة المدنيّة أخذت الأنثى تلج ابواب العمل والتعليم والصحّة كما بدأت تلج للحياة السياسيّة فأصبحت نائب الشعب وغضو مجلس الملك او السيناتور واصبحت القاضية والوزيرة ورئيسة الحكومة ومستشارة الدولة وغيرها من الوظائف العامّة .
ولكن التفكير الشرقي ما زال يشوبه بعض الضبابيّة في دور الأنثى في المجتمع واهميّة هذا الدور ورياديّته خاصّة بعد ان اثبتت الفتيات تفوّقا ملحوظا على الشباب في التحصيل المدرسي في جناحيه الرئيسين العلمي والأدبي .
وقدكشفت دراسة شملت قرابة مليون طالب وطالبة، من دول بينها السعودية والأردن وامريكا، أن الإناث يتفوقن على الذكور من سن الحضانة وحتى الجامعة، فما سر ذلك؟من جملة التفسيرات التي تكشفها الدراسة انضباط الإناث أكثر من الذكور من سن الحضانة وذلك بحسن الإصغاء إلى التعليمات واتباعها بدقة، والانتباه وإتمام الواجبات وحسن التنظيم لدى الفتيات الصغار. وفيما يبدأ الأطفال الذكور في نهاية الحضانة باكتساب مهارات تنظيم التنفس فيما كانت البنات قد بدأن مرحلة الحضانة بإتقان هذه المهارات, أي ان الفتيات يكتسبن قدرات ضبط النفس والانضباط الذاتي لترافقهن حتى مراحل الدراسة المتقدمة, وكانت دراسات سابقة أجريت في جامعة بنسلفانيا قد كشفت أن الفتيات أكثر قدرة على الانضباط الذاتي الذي يجعلهن أكثر قدرة على فهم تعليمات الامتحان قبل البدء بالإجابة على سبيل المثال, ولدى التخيير بين الترفيه والواجب تلبي الفتيات نداء الواجب رغم الملل والإحباط من عدم مشاهدة التلفزيون من أجل أداء الواجبات فيما يفضل الذكور مشاهدة التلفزيون بدلا من أداء الواجب, يفسر ذلك تفوق درجات الإناث في الرياضيات والتي تعد مجال تفوق الذكور عادة.
ولعل نظرة المجتمع الشرقي للأنثى بإعتبارها وُجدت للزواج والولادة واعمال المنزل قد تغيّرت وأصبح كل اب وام يطمحون ان تكمل البنت دراساتها العليا حتى تصبح ذو مكانة جيّدة في المجتمع كما هو حال الذكور .
ورسولنا الكريم (ص) كان ابو البنات زينب ورقيّة وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهن وكلهنّْ من خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن وسقاهن وكساهن من جدته أي ماله كن له حجاباً من النار )) .
ولعلّ منظّمة الأمم المتّحدة تولي الأن دورا اكبر لتقدير المرأة واحترامها وتكريمها وتعطيها الأولويّة قي تعبئة الوظائف في اجهزتها المتعدّدة وابرمت الكثير من المعاهدات والإتفاقيّات الدولية التي تعطي للمرأة الكثير من الحقوق والصلاحيات في الأسرة والمجتمع وتجاه حماية ابنائها ومنها اتفاقيّة سيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وهي معاهدة دولية تم اعتمادها في 18 ديسمبر 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة وتم عرضها للتوقيع والتصديق والانضمام بالقرار 34/180 في 18 ديسمبر 1979. وتوصف بأنها وثيقة حقوق دولية للنساء ).
وآن لنا ان نقدّر المرأة حق قدرها ولا نكتفي بأيام معيّنة للإحتفال بها كيوم الأم او يوم المرأة العالمي او اعياد الفطر والأضحى والميلاد والحب بل يجب ان نكرِّس الكثير من الإهتمام بالأنثى فهي الأم والأخت والزوجة والإبنة والقريبة والصديقة وغيرهن .
احمد محمود سعيد
21 / 4 /2015