يعد إنكار وصولنا إلى قمة الأزمة موقفا غير وطني وغير مسؤول، فالإقليم يموج من حولنا والاستقطاب الداخلي وصل حدودا لا بد من عقلنتها.
أزمتنا غير معهودة، وإدارتها إلى الآن -من كل الأطراف- ما زالت تصب فيها وقودا يزيد من اشتعالها، والأيام الماضية أثبتت ذلك، لقد خشينا على البلد.
وأنا أذهب إلى ما ذهب إليه الزميل عريب الرنتاوي حين قال إننا بحاجة إلى مبادرة إنقاذية عاجلة تطفئ تيه كل الأطراف، وتخلص الوطن من كافة فتائل الاشتعال المحتملة.
أحداث تشرين مرت بسلام ولله الحمد، وبغض النظر عن بعض التفصيلات، إلا أن الحقيقة التي لن ينكرها موضوعي أن الأمن والمتظاهرين كانوا على سوية عالية من تقدير الموقف وحب البلد.
مررنا بسلام، لكن المرجل ما زال يغلي، والاحتقان متواصل والأزمة الاقتصادية تلقي بحممها الإجرائية على كل منزل، هذا ناهيك عن توترات الإقليم المتحركة.
المبادرة بيد الملك، ومن ينكر ذلك يكون قد ضرب بقوله عرض الحائط، نعم الملك وحده هو القادر على فعل الانعطافة في المشهد؛ من خلال مجموعة من القرارات التي يقترحها مخلصون كثر للوطن.
حسناً فعل الملك حين رد قانون تقاعد النواب والأعيان الأخير، وهذا يعني أنه يراقب المشهد من كثب؛ وبالتالي نحن ننتظر منه قرارات أخرى تنقذ الموقف.
حكومة إنقاذ وطني، ما المانع؟ تأجيل الانتخابات وإعادة النظر في القانون، ومن ثم مجلس نواب ممثل للأردنيين يمكن من خلاله إنقاذ أوضاعنا على خير وجه.
هناك معوقات وهناك معوقين، لكن الملك أقوى من هؤلاء جميعا، وهو إذا ما ذهب نحو خيار تنفيس الاحتقان وضبط انفلاتات البلد سينجح لا محالة وبدرجة رفيعة.
الاحتقان والسقوف مست الملك، نعم لقد مست الملك، وقد حذرنا مرارا وتكرارا من زج الملك بكل المشاريع الإصلاحية حتى لا يمسه شيء.
لكنها لحظة انفعال يملك الملك تبديدها بقرارات تعيد إلى الموقف توازنه؛ من خلال مشروع متكامل يقود البلد إلى حالة إنقاذ حكيمة ودون تكاليف.
ويكفي أن نتذكر انه بعد هبة نيسان 1989 جاء الانفراج الديمقراطي، وتمكن مجلس النواب في حينه من إيصال العجز إلى الرقم صفر، وهنا نقول المبادرة بيد الملك ونتمناها عاجلا.