العيد مناسبة معقولة لجلوس الأردنيين مع بعضهم البعض، وتبادل أطراف الحديث؛
وبالتالي هي فرصة لمعرفة اتجاهات اهتمام الناس ومدى ارتياحهم أو قلقهم من الأحداث
الجارية.
ميزة مجالس هذا العيد أن السياسة كانت طاغية على معالمه، كما كانت
السقوف مرتفعة إلى حد لم نعهده سابقا من مجالس شعبية محضة ليست نخبوية.
الناس
قلقة جدا مما يجري في سوريا، فهي متعاطفة مع الشعب السوري ومع الثورة، وناقمة على
نظام بشار الأسد، إلا أنها متخوفة من تداعيات الأحداث على الأردن، ومتشككة في كل
النوايا التي تحيط بالملف السوري.
الموضوع السوري كان الأكثر حضورا في مجالس
العيد، وسؤال الحرب واللاجئين والتواجد الامريكي في الشمال وغيرها كانت أماكن
للنقاش، ومحفزات على حالة الفوضى الفكرية السائدة في مجالسنا.
الانتخابات
والتسجيل لها نالت قسطا معقولا من الحوارات، ولعلي تلمست من خلال ملاحظات الناس أن
ثمة إحباطاً من عملية الإصلاح التي يروج لها النظام.
الناس غير مهتمة
بالانتخابات، ولعل سلوك المجلس السابق كان السبب الرئيس في بناء هذا الموقف، لكن
في المقابل أبدى البعض تجاوبا مع دعوات التخجيل التي تمارس عليهم؛ من أجل التسجيل
للانتخابات، مؤكدين عدم قناعتهم بجدواها.
هم يتهكمون على محاربة الفساد التي
كانت في المرحلة السابقة، ولقد لاحظنا أن الأردنيين يتحدثون بسقف عال، ويتناولون
رموزاً كانت بالأمس محرمة، وهنا يتوجب الانتباه وعدم ادعاء الصمم.
المجالس
تناولت قضية استقالة شومان من البنك العربي بشيء من الخوف على النظام المصرفي، وقد
ربطه البعض بتردي المشهد الاقتصادي وبحجم تخبط الإدارة الأردنية.
هناك عدم رضا
عن حكومة فايز الطراونة، هناك قلق من فلتان امني اختلف الناس في كونه موجها أو
عفويا، كما تحدث الناس عن انسحاق أصاب تقاليد الدولة الأردنية في الآونة
الأخيرة.
في المحصلة؛ الناس قلقة وغير واثقة من قدرة إدارة الدولة على تجاوز
التحديات، وهي بالمقابل مؤمنة بعقلانية الشعب وسلميته وقدرته على تجاوز التحدي دون
عنف.
همهمات العيد كانت معقدة ومركبة، لكنها عفوية وصادقة واستفتائية، وهي تؤشر
على احتقان شعبي قد يتحول إلى ردود فعل غير منضبطة ما دام التجاهل الرسمي للإصلاح
مستمراً.