اخبار البلد
من المؤكّد أنّ أسماء الشخصيات التي سيوكل لها مهمة إدارة الهيئة المستقلة للانتخابات لن تخرج بحال من الأحوال عن تلك التي سبق لها العمل في الحكومات السابقة.
إذاً "كأنّك يا أبو زيد ما غزيت"، فمن كان بالحكومة عاد إلى الهيئة وكأننا نضحك على أنفسنا ونقرر مجرد هيئات شكلية دون حفر في مضمون النزاهة من قريب أو من بعيد.
الأسماء التي تم تسريبها والتي وضعتها الحكومة بين يدي الملك كي يختار منها ربما نستطيع القول عنها أنّها نزيهة بشخوصها، لكنها في المقابل تمتاز بالضعف السياسي، وبالتالي ينطبق عليها استحقاق قابلية التدخل بعملها من قبل الحكومة والأجهزة الأمنية.
لن يثق الناس بهيئة تدير لهم انتخاباتهم ما دامت قد خرجت من رحم حكومات سابقة عرف عنها التزوير، أقصد الحكومات، والتلاعب بمعطيات الانتخابات.
لقد تغنّى النظام بمنجز "الهيئة المستقلة للانتخابات"، وزعم أنّه بها يكون قد وأد التزوير وأعطى النزاهة دفعة كبيرة دون رجعة.
ما الفائدة مثلا من تكليف وزير سابق أو محافظ كان في السابق أحد أدوات تمرير الانتخابات غير النزيهة؟ لماذا نكلّف أنفسنا كل هذا العناء ولنكتفي مثلاً بإبقاء الانتخابات في عهدة الحكومة على قاعدة "البصل أخو الثوم"؟
الهيئة المستقلة التي يثق بها الناس، والتي يمكن اعتبارها خطوة إصلاحية متقدمة هي التي يجب أن يتوافر في قانونها وشخوصها ميزات لا تقبل التشكيك والقدرة.
من هذه الميزات إضافة لشرط النزاهة البدهي الذي يجب توافره في رئيس الهيئة وأعضائها هناك مسألة الشخصية السياسية الوطنية القادرة على تحقيق الاستقلالية في إدارة الهيئة.
فلا يعقل أن نقول هذه الهيئة مستقلة ويديرها من يستسهل أمر تبعيته للأجهزة وللحكومة، فالاستقلالية تحتاج لرموز من نوع ما، يثق الناس بقدرتهم على رفض تلقّي أوامر التزوير وغضّ الطرف بقوة وحزم.
كفى ضحكا على الذقون، من يعيِّن الهيئة السلطة التنفيذية لو بالمشاركة، ومن ينسِّب الأسماء هي السلطة التنفيذية، فعن أيّ استقلالية تتحدثون.
دعونا نقولها وبصوت عال، إرادة الإصلاح غير موجودة، واللعب بالمسميات الإصلاحية لن يجدِ نفعا، فالبلد لن تحتمل مقاطعة انتخابات، كما أنّها لن تصمد أمام تزوير جديد.