اخبار البلد
أخيراً يبدو أن الحكومة حزمت أمرها وقررت أن تفعل شيئاً وتخطو خطوة ولو متواضعة باتجاه إصلاح نظام الدعم الشامل ووضع حد لسياسة الاسترضاء والخضوع للضغوط وشراء الوقت وترحيل المشاكل لحكومات المستقبل.
لكن الخطوة التي ستتخذها الحكومة ما زالت في مرحلة رمزية، فهي تتجنب الدعم الرئيسي لعناصر هامة مثل الخبز وغاز الطبخ والكاز والسولار والأعلاف، وربما تقتصر على بعض أصناف البنزين والشرائح العليا من مستهلكي الكهرباء، وإلغاء بعض الإعفاءات الضريبية.
هذه الخطوات من شأنها توفير مبلغ لا يزيد عن 170 مليون دينار أو حوالي 7% من كلفة الدعم الاستهلاكي الكلي.
هذه الخطوة الرمزية تخدم هدفين: الأول اقناع المؤسسات الدولية والدول المانحة، العربية والأجنبية، بأن الأردن جاد في إصلاح أوضاعه الاقتصادية والمالية، وبالتالي يستحق المساعدة طالما أنه بدأ يساعد نفسه ويتحمل نصيبه من العبء. والثاني كسر الجليد وفتح ثغرة في (تابو) عدم المساس بالدعم وكأنه بقرة مقدسة، مما يفتح الباب لخطوات أخرى أكثر عمقاً وتأثيراً.
في هذه المرة قامت الحكومة بمصارحة الناس بالحقائق المرة، فإذا لم تتخذ إجراءات حقيقية فإن العجز في الموازنة سيرتفع هذه السنة إلى ثلاثة مليارات دينار، وسترتفع المديونية إلى 17 مليار دينار تعادل 72% من الناتج المحلي الإجمالي، وسيأكل الدعم أكثر من ثلث الموازنة العامة مما يؤدي إلى حدوث أزمة حادة.
مع ذلك فإن من المتوقع أن يحتج أصحاب الأصوات العالية ويرفعوا الشعارات، مع أن الخطوة مدروسة بحيث لا تؤثر إلا في الحد الادنى على ذوي الدخل المحدود، ولكن الحكومة تستطيع الصمود في وجه المسيرة الإسبوعية المعتادة التي يقول مسؤول أن عدد المشاركين في آخرها بلغ 832 شخصاً.
عملية الإصلاح الاقتصادي والمالي ضرورية وعاجلة ويجب أن تنتقل من الدفاع إلى الهجوم، فهناك حقائق لابد من مواجهة جماعة الشد العكسي بها، فالقول لا لرفع الأسعار يعني نعم للمزيد من المديونية. والقول نعم لاستمرار الدعم الشامل يعني أنه لا مانع من استنزاف موارد البلد لتقديم دعم يذهب ثلاثة أرباعه لجهات لا تحتاجه أو لا تستحقه.