فالمماطلة لا تقتصر على المفاوضات المتعلقة بالأسرى ووقف إطلاق النار فقط، بل تمتد لتشمل فرض حصار خانق على القطاع، وتعميق المعاناة الإنسانية فيه، فالمماطلة تهدف إلى إضعاف موقف حماس، وتقويض قدرتها على التأثير السياسي والعسكري، بينما في الوقت ذاته يتم تشديد الخناق على المدنيين الفلسطينيين الذين يدفعون ثمن هذه السياسات بشكل رئيسي.
في المقابل وفي الوقت الذي تحاول فيه غزة الصمود أمام الهجمات الهمجية للاحتلال والمستمرة عليها، تأتي خطوة تقليص مساعدات الأونروا لتزيد من حجم الكارثة الإنسانية، فالأونروا، التي تمثل شريان الحياة لملايين الفلسطينيين، وخاصة في غزة، تواجه تحديات كبيرة نتيجة للضغوط السياسية والتقليصات المالية التي تتعرض لها من قبل الدول المانحة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وتقليص التمويل لوكالة الأونروا يعني تقليص المساعدات الغذائية والصحية والتعليمية، وهو ما يعمق الأزمة الإنسانية في غزة.
وهنا أقول انه لا يمكن النظر إلى هذه السياسات من قبل الاحتلال الصهيوني بمعزل عن الهدف الاستراتيجي الأكبر وهو القضاء على أي أمل في حياة للشعب الفلسطيني، وذلك من خلال المماطلة في ملف تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار، وتقليص مساعدات الأونروا، تسعى إسرائيل إلى إبادة الشعب الفلسطيني في غزة عن طريق إضعافه عسكريا وإنسانيا، والمماطلة في الملفات الإنسانية والعسكرية لا تهدف فقط إلى كسب الوقت، بل إلى فرض واقع جديد على الأرض تكون فيه غزة محاصرة بشكل كامل، دون أفق حقيقي للمصالحة أو التسوية السياسية.
وإن المماطلة الصهيونية في وقف إطلاق النار، وتحقيق تسوية في صفقة تبادل الأسرى، بالإضافة إلى التقليصات المتواصلة في المساعدات الإنسانية، هي جزء من إستراتيجية الصهاينة لخلق حالة من الإحباط واليأس في غزة، بهدف تحقيق أهدافها دون مواجهة دولية جادة، وهذه السياسات تجعل من الصعب على الشعب الفلسطيني في غزة الصمود أمام هذا التدمير المستمر.
في النهاية إن سياسات الاحتلال الصهيوني التي تشمل المماطلة في التفاوض حول صفقة تبادل الأسرى، وتأخير وقف إطلاق النار، وتقليص مساعدات الأونروا، تؤكد على أن هدف الاحتلال الصهيوني ليس مجرد تحقيق مكاسب عسكرية، بل يتعلق بإبادة الشعب الفلسطيني في غزة، ومنع أي فرصة للعيش فيها الى الأبد.