أعادت انتفاضة الجامعات الأميركية والأوروبية ضد «اسرائيل» وجرائمها في قطاع غزة احياء الدعاية الصهيونية بأبشع صورها وتحديدا مصطلح «معاداة السامية» الذي بات وكأنه بديهة ويعنى شيئا واحدا ألا وهو «معاداة اليهود» ومن الغرائب والعجائب أن هذا المصطلح «المسموم» تسلل إلى قاموسنا السياسي والثقافي بهدوء وبلا كوابح وبات يستخدم بكثرة وبلا أي تدقيق علمي أو تاريخي.
الكيان الإسرائيلي المصطنع قام برمته اعتمادا على ثلاثة عناصر أساسية وهي:
• العنصر الأول هو: دعم بريطاني - أميركي لغايات أمبريالية - استعمارية بحتة و«إسرائيل» في تلك الغايات الأمبريالية مجرد أداة ليس أكثر.
• العنصر الثاني هو: الكذبة الأكبر في التاريخ الإنساني ألا وهي «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» وهي كذبة «أرض الميعاد» والتي ترتب عليها ذلك المنطق الزائف المتمثل بحق إنقاذ اليهود من الإبادة في أوروبا وإقامة وطن لهم في تلك الأرض التي ليس لها اهل ولا شعب.
• العنصر الثالث وهو: «صناعة الشعب اليهودي» وذلك بحكم أن «أرض الميعاد» لها شعب يجب أن يعود لها ويعيش فيها، فكانت هذه الصناعة التي كتب عنها المؤرخ الإسرائيلي اليساري شلومو ساند كتابه المسمى أيضا «صناعة الشعب اليهودي»، وقد عنون ساند كتابه بهذا العنوان لأن اليهودية في الأساس هي ديانة وليست قومية وبالتالي لا وجود إطلاقا لشيء اسمه «الشعب اليهودي» مثلما لا يوجد شعب مسلم أو شعب مسيحي أو شعب بوذي.
جذور التسمية ومدى صحتها؟
في البداية أنه لمن الضروري أن نسأل السؤال التالي ألا وهو هل اليهود ساميون أصلا وهل هم عرق أم أعراق؟.
الحقيقة التي «غرقت» في وحل الأكاذيب هي أن اليهود العرب هم ساميون فقط دون سواهم من اليهود كما المسلم العربي أو المسيحي العربي، أما اليهود من القوميات والأعراق الاخرى هم ليسوا ساميين فاما حاميين كما هم اليهود الاثيبيون «الفلاشا» أو «يافثيون» نسبة إلى يافث الأبن الثالث لادم، واليافثيون هم أغلبية شعوب العالم باستثناء اصحاب البشرة السوداء «الحاميون».
ناصبت أوروبا وتحديدا شعوب أيطاليا وأسبانيا وانجلترا وفرنسا والمانيا وروسيا القيصرية العداء لليهود لأسباب دينية على خلفية قتل السيد المسيح ولأسباب اجتماعية – اقتصادية، حيث شكلت مسلكيات اليهود الاجتماعية المقرونة بالجشع المادي سببا أساسيا من أسباب عداء المجتمعات الأوروبية لليهود حيث احترف اليهود الاقراض المالي والمراباة بعد أن حرموا من العمل في أي مهنة من المهن التي كانت متاحة ومتوفرة في ذلك الزمن وتسببت المسلكية الربوية الجشعة لليهود في نبذ المجتمعات الاوروبية المسيحية لهم وبخاصة بعد أن دخلوا عصر الاحتكار والسيطرة المالية وانشاء البنوك، وربما تكون مسرحية شكسبير الشهيرة «تاجر البندقية» التي كُتبت عام 1596هي أكبر وأدل تجسيد لشخصية اليهودي الجشع والمكروه والتي مثلها «شايلوك اليهودي» حيث كان مشهد اللقاء في المحكمة بين «شايلوك» اليهودي بأنطونيو المسيحي الكاثوليكي «الرجل النبيل والشهم» ليأخذ منه «شايلوك» رطلا من لحمه بسبب عدم سداد الدين في الوقت المتفق عليه ذروة التعبير الدرامي والتراجيدي الذي يعكس الشخصية المقززة لشايلوك ورمزيته في ذلك الزمن.
من المفارقات المذهلة في تاريخ اليهود في أوروبا وبخاصة في انجلترا أن بريطانيا التي وعدت ال روتشيلد او اليهود باقامة وطن قومي لهم في فلسطين كان اغلب ملوكها «يمقتون اليهود» ويكرهونهم لذات الاسباب التى كانت في ايطاليا وفرنسا والمانيا واسبانيا وروسيا القيصرية، وعلى سبيل المثال فانه في يوم تتويج الملك ريتشارد الأول «ريتشارد فلب الاسد» في ويستمنستر عام 1189 اصدر امرا ملكيا يمنع بموجبه جميع اليهود والنساء من حضور مراسم التتويج، و على الرغم من ذلك حضر بعض قادة اليهود التتويج وقدموا هدايا ثمينة للملك لاستمالته الا ان الملك وفقاً للمؤرخ رالف ديكيتو، قام بالايعاز لحاشيته بضرب وجلد اليهود وتجريدهم من الهدايا وطردهم خارج مكان التتويج، وهذه الواقعة تسببت بعد ان علم بها عوام الناس باستباحة دماء اليهود واموالهم وارتكاب الفظائع بحقهم، وواقعة الملك ريتشارد الاول ليست الوحيدة، ففي عام 1290 أصدر الملك أدوارد الأول أمراً بطرد جميع اليهود من إنكَلترا. واستمرّت كراهية اليهود في إنكَلترا، واتّخذت صورة شديدة في القرن السادس عشر، كما يظهر في مسرحية «يهودي مالطا» (1589)، من أعمال كرِستوفر مارلو، معاصر شكسبير.