عَلَى مَدَى 75 عَامًا تَغَطَّتْ إِسْرَائِيلُ بِثَلَاثِ أَكَاذِيبَ وَبَاتَتْ تِلْكَ اَلْأَكَاذِيبِ أَقْرَبُ مَا تَكُونُ لِلْمُسْلِمَاتِ أَوْ اَلْبَدِيهِيَّاتِ فِي اَلْعَقْلِ اَلْجَمْعِيِّ لِلْعَالَمِ اَلْمُعَاصِرِ وَهَذِهِ اَلْأَكَاذِيبُ اَلثَّلَاثُ هِيَ مَا يَلِي:
أَوَّلاً: إِنَّ إِسْرَائِيلَ هِيَ اَلدَّوْلَةُ اَلدِّيمُقْرَاطِيَّةُ اَلْوَحِيدَةُ فِي مِنْطَقَةِ اَلشَّرْقِ اَلْأَوْسَطِ، وَعِنْدَمَا تُطْلِقُ أَيَّ دَوْلَةٍ عَلَى نَفْسِهَا أَنَّهَا دِيمُقْرَاطِيَّةٌ فَيَجِبُ أَنْ تَتَحَلَّى هَذِهِ اَلدَّوْلَةِ بِمَنْظُومَةِ أَخْلَاقٍ وَعَدَالَةٍ وَمُسَاوَاةٍ وَهَذِهِ اَلِاشْتِرَاطَاتُ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ أَسَاسًا وَالسَّبَبُ اَلْأَسَاسِيُّ هُوَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ هِيَ دَوْلَةٌ مُحْتَلَّةٌ وَانْ «شَعْبِ» هَذِهِ اَلدَّوْلَةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ شُعُوبِ وَقَوْمِيَّاتِ عِدَّةٍ غَيْرِ مُتَجَانِسَةٍ وَلَمْ يَجْمَعْهَا إِلَّا عُنْصُرٌ وَاحِدٌ فَقَطْ أَلَا وَهُوَ اَانْ هَذِهِ اَلْمَجَامِيعِ تُرِيدُ اَلْعَيْشَ مَعًا عَلَى أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ (عَقْدٌ اِجْتِمَاعِيٌّ مَعَ اَلدَّوْلَةِ)، وَهُوَ اَلْأَمْرُ اَلَّذِي أَجْلَ اِنْفِجَارِ اَلتَّنَاقُضَاتِ اَلْعِرْقِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ وَالْقَوْمِيَّةِ لِسَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ (اَلتَّنَاقُضَاتُ بَدَأَتْ مَعَ ذَهَابِ نَتَنْيَاهُو نَحْوَ مَشْرُوعِ مَا أَسْمَاهُ اَلْإِصْلَاحُ اَلْقَضَائِيُّ).
ثَانِيًا: اَلْكِذْبَةُ اَلثَّانِيَةُ أَنَّ إِسْرَائِيلَ هِيَ اَلدَّوْلَةُ اَلَّتِي لَدَيْهَا جَيْشٌ يَعُدْ مِنْ أَقْوَى وَأَكْفَأِ جُيُوشِ اَلْعَالَمِ لِلدَّرَجَةِ اَلَّتِي أَطْلَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَصَفَ (اَلْجَيْشُ اَلَّذِي لَا يُقْهَرُ)، وَهِيَ كِذْبَةٌ لَعِبَتْ دَوْرًا كَبِيرًا فِي «تَرْهِيبِ» اَلدُّوَلِ اَلْعَرَبِيَّةِ وَتَحْطِيمِ مَعْنَوِيَّاتِ جُيُوشِهَا وَبِخَاصَّةِ بَعْدَ حَرْبِ عَامِ 1967 وَاَلَّتِي اِنْتَصَرَتْ فِيهَا إِسْرَائِيلُ وَاحْتَلَّتْ فِيهَا كُلُّ اَلضَّفَّةِ اَلْغَرْبِيَّةِ وَغَزَّةَ وَاَلْجُولَان اَلْفِلَسْطِينِيِّ وَمُعْظَمَ اَلْجُولَان اَلسُّورِيِّ وَكُلَّ سَيْنَاءَ وَلِهَذَا اَلِانْتِصَارِ قِصَّةً لَيْسَ مَجَالُ اَلْحَدِيثِ عَنْهَا فِي هَذَا اَلْمَقَالِ حَيْثُ اِخْتَلَطَتْ اَلْخِيَانَةُ لَدَى اَلْبَعْضِ بِالْإِهْمَالِ وَالْقُصُورِ اَلْمَيْدَانِيِّ وَالِاسْتِعْدَادِ اَللُّوجِيسْتِيِّ.
ثَالِثًا: أَمَّا اَلْكِذْبَةُ اَلثَّالِثَةُ وَاَلَّتِي تُعَدُّ أُمُّ اَلْأَكَاذِيبِ فَهِيَ وَصْفُ اَلْجَيْشِ اَلْإِسْرَائِيلِيِّ لِنَفْسِهِ أَيْضًا بَانَه (اَلْجَيْشُ اَلْأَكْثَرُ أَخْلَاقًا فِي اَلْعَالَمِ) رَغْمَ أَنَّ هَذَا اَلْجَيْشِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَوْلِيفَةٍ مِنْ اَلْعِصَابَاتِ اَلصَّهْيُونِيَّةِ اَلَّتِي اُرْتُكِبَتْ خِلَالَ اَلْفَتْرَةِ مِنْ 1920 حَتَّى قِيَامِ دَوْلَةِ اَلِاحْتِلَالِ عَامَ 1948 مِئَاتُ اَلْمَجَازِرِ بِحَقِّ أَبْنَاءِ اَلشَّعْبِ اَلْفِلَسْطِينِيِّ وَهَذِهِ اَلْعِصَابَاتُ اَلصَّهْيُونِيَّةُ هِيَ (اَلْهَاجَانَاَة، اَرْجُونْ، بِيتَارْ، شِتِيرْنْ، وَبِلَمَّاحٍ) وَهَذَا اَلْجَيْشُ يَرْتَكِبُ اَلْيَوْمَ أَبْشَعَ اَلْمَجَازِرَ فِي قِطَاعِ غَزَّةَ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ شُهُورِ حَيْثُ أَوْقَعَ أَكْثَرُ مِنْ 40 أَلْفِ شَهِيدٍ فِلَسْطِينِيٍّ وَأَكْثَرَ مِنْ 90 أَلْفِ جَرِيحٍ.
مُنْذُ اَلسَّابِعِ مِنْ أُكْتُوبَرَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا ظَهَرَتْ صُورَةً جَدِيدَةً لِدَوْلَةِ اَلِاحْتِلَالِ خِلَافًا لِلصُّورَةِ لِلنَّمَطِيَّةِ اَلَّتِي أَشَّرَتْ لَهَا أَعْلَاهُ، صُورَةُ مَرْكَبَةٍ اِمْتَزَجَتْ فِيهَا اَلْوَحْشِيَّةُ اَلْعُنْصُرِيَّةُ مَعَ صُورَةِ اَلدَّوْلَةِ اَلْمَنْبُوذَةِ اَلْمَارِقَةِ (دَوْلَةٌ مُتَّهِمَةٌ بِالْإِبَادَةِ اَلْجَمَاعِيَّةِ أَمَام مُحَمَكِّمَة اَلْعَدْلُ اَلدَّوْلِيَّةُ وَرَئِيسُ وُزَرَائِهَا وَوَزِيرُ دِفَاعِهَا مُتَّهَمَانِ بِارْتِكَابِ جَرَائِمَ ضِدَّ اَلْإِنْسَانِيَّةِ) وَلَوْ حَاوَلْنَا اَلْبَحْثُ عَنْ اَلسَّبَبِ اَلْمُبَاشِرِ اَلَّذِي أَدَّى إِلَى وُصُولِ دَوْلَةِ اَلِاحْتِلَالِ إِلَى هَذِهِ اَلصُّورَةِ اَلْمُرِيعَةِ سَنَجِدُ أَنَّ نَتَنْيَاهُو اَلَّذِي يَحْكُمُ إِسْرَائِيلَ بِصُورَةٍ شِبْهٍ مُتَوَاصِلَةٍ مُنْذُ عَامِ 2009 هُوَ أَحَدُ أَهَمِّ اَلْأَسْبَابِ وَرَاءَ ذَلِكَ، فَطُمُوحُ نَتَنْيَاهُو اَللَّامَحْدُودَ وَاللَّامَشْرُوعَ أَيْضًا عَلَى مَدًى 15 سَنَةٍ أَوْصَلَ هَذِهِ اَلدَّوْلَةِ إِلَى مَا تَعِيشُهُ مِنْ مَأْزِقٍ، فَخِلَالَ فَتَرَاتِ حُكْمِهِ عَزَّزَ وَبِوَعْيٍ كَامِلٍ اَلْيَمِينِ اَلْمُتَطَرِّفِ وَمَكَّنَهُ مِنْ اَلسَّيْطَرَةِ وَبِحُكْمٍ أَنَّهُ رَئِيسٌ لِلْوُزَرَاءِ عَلَى اَلْمَفَاصِلِ اَلْحَيَوِيَّةِ دَاخِلَ اَلدَّوْلَةِ وَدَاخِلِ اَلْجَيْشِ وَالْأَجْهِزَةِ اَلْأَمْنِيَّةِ وَذَلِكَ خِدْمَةً لِحَرَكَةِ اَلْيَمِينِ اَلْإِسْرَائِيلِيِّ وَأَحْزَابِهِ اَلرَّافِضَةِ لِفِكْرَةِ إِعَادَةِ اَلْأَرْضِ لِلْفِلَسْطِينِيِّينَ ضِمْنَ أَيِّ حَلِّ أَوْ تَسْوِيَةِ وَالْمُتَمَسِّكَةُ بِأَرْضِ «يَهُودَا وَالسَّامِرَةِ» مَرْحَلِيًّا وَأَرْضَ إِسْرَائِيلِ اَلْكُبْرَى اِسْتِرَاتِيجِيًّا وَبِالتَّالِي، خِدْمَةٌ لِذَاتِهِ وَنَهْجِهِ حَيْثُ بَاتَ يُسَمَّى مِنْ قَبْلُ هَذَا اَلْيَمِينِ «بِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ» عَلَى غِرَارِ «دَاوُودْ» وَأَصْبَحَ مُغْرَمٌ فِي أَنْ يَدْخُلَ تَارِيخُ هَذِهِ اَلدَّوْلَةِ مِنْ اَلزَّاوِيَةِ اَلَّتِي يَتَفَوَّقُ فِيهَا عَلَى بْنْ غُورْيُونْ ذَاتَهُ وَمَازَالَ هَذَا اَلطُّمُوحِ يَتَمَلَّكُهُ وَيَبْدُو لِي أَنَّهُ بَاتَ مَرِيضًا بِهِ وَمِنْ أَبْرَزِ أَعْرَاضِ هَذَا اَلْمَرَضِ أَنَّهُ لَا يَتَقَبَّلُ أَيَّ نَقْدٍ وَلَا يُؤْمِنُ إِلَّا بِمَا هُوَ مَقْتَعْ بِهِ أَوْ اَلَّذِي تَقُولُهُ لَهُ زَوْجَتِهِ سَارَّة وَأَحْيَانًا مَا يَقُولُهُ اِبْنُهُ «يَائِيرْ»، أَمَّا اَلْأَخْطَرُ فِي سُلُوكِ نَتَنْيَاهُو شُعُورُهُ اَلطَّاغِي بِأَنَّ دَوْلَةَ اَلِاحْتِلَالِ بَاتَتْ «مُلْكَهُ اَلْخَاصَّ» وَلَهُ اَلْحَقُّ اَلْمُطْلَقُ فِي فِعْلِ مَا يَرَاهُ صَحِيحًا غَيْرَ عَابِئٍ بِأَيِّ شَيْءٍ آخَرَ وَيَكَاد يَقُولُ (أَنَا اَلدَّوْلَةُ وَالدَّوْلَةُ أَنَا). يَقُولَ اَلْجِنِرَالَ يَسْحَاقْ بِرَيِّكْ اَلْمُلَقَّبِ «بَبِي اَلْغَضَبُ» بِسَبَبِ تَنْبُوئَهْ بِأَحْدَاثِ اَلسَّابِعِ مِنْ أُكْتُوبَرَ فِي مَقَالِ لَهُ فِي هَآرِتْسْ يَوْمَ اَلْخَمِيسِ اَلْمَاضِي (أَنَّ اِسْتِبْدَالَ رَئِيسِ اَلْوُزَرَاءِ بِنْيَامِينْ نَتَنْيَاهُو وَشُرَكَائِهِ اَلْمُتَطَرِّفِينَ قَدْ يُنْقِذُ إِسْرَائِيلَ مِنْ دَوَّامَةٍ وُجُودِيَّةٍ قَدْ تَصِلُ قَرِيبًا إِلَى نُقْطَةِ اَللَّاعَوْدَةِ)، وَقَالَ فِي ذَاتِ اَلْمَقَالِ أَنَّهُ إِذَا اِسْتَمَرَّتْ اَلْحَرْبُ عَلَى غَزَّةَ سَتَنْهَارُ اَلدَّوْلَةُ فِي غُضُونِ عام.