أخبار البلد -
مثلما أعلنت المجموعة الأوروبية، رفضها وعدم موافقتها على القرار الأميركي الذي أعلنه الرئيس ترامب يوم 6 / 12 / 2017، المتضمن الاعتراف بالقدس عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، أعلنت موغريني وزيرة خارجية المجموعة الأوروبية أمام مجلس البرلمان الأوروبي الموحد، أن الاتحاد الأوروبي يرفض الموقف الأميركي الذي أعلنه الرئيس ترامب يوم 21 / 3 / 2019 ، المتضمن الاعتراف الأميركي، وموافقة واشنطن على قرار تل أبيب بضم هضبة الجولان لخارطة المستعمرة الإسرائيلية، وأن الاتحاد الأوروبي يؤكد عدم موافقته على ضم الجولان السوري المحتل، وأكدت على خطورة تغيير الحدود بالقوة وبالوسائل العسكرية، وقد سبق التقرير الذي قدمته موغريني للبرلمان الأوروبي، سلسلة مواقف أوروبية رافضة لمواقف الإدارة الأميركية، وسياساتها نحو العالم العربي، بدءاً من اجتماع وارسو في بولندا خلال يومي 13 و 14شباط 2019، الذي دعت له الإدارة الأميركية وحضره رئيس حكومة المستعمرة نتنياهو، وأحجمت البلدان الأوروبية عن المشاركة فيه بوفود رفيعة، مروراً باجتماع وزراء خارجية البلدان العربية مع وزراء خارجية بلدان أوروبية في دبلن إيرلندا 19 2 / 2019 ، والذي مهد لصياغة بيان اجتماع قمة شرم الشيخ يوم 24 / 2 / 2019 العربي الأوروبي، جاءت حصيلة هذه المؤتمرات تعزيزاً للموقف العربي، وتوضيحاً للمواقف الأوروبية الإيجابية الداعمة للحقوق العربية في مواجهة سياسات وإجراءات المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، واحتلاله لأراضي ثلاثة بلدان عربية : فلسطين وسورية ولبنان.
مقدمات الموقف الأوروبي تعطي إشارات واضحة إيجابية نحو رفض مسبق لبرنامج المستعمرة الاحتلالية الهادفة إلى ضم مستعمرات الضفة الفلسطينية والغور لخارطة المستعمرة الإسرائيلية؛ ما يُسهم في ثبات الموقف العربي وتبنيه بالكامل للموقف الفلسطيني الحازم الرافض لخطة ترامب مسبقاً، والمدعوم بالموقف الأردني، اعتماداً على رفض سلسلة المواقف الأميركية التي بدأت يوم 6 / 12 / 2017 بشأن القدس، وإغلاق السفارة الفلسطينية بواشنطن، والقنصلية الأميركية في القدس، ووقف المساعدات المالية الأميركية للأونروا بهدف شطب قضية اللاجئين ومحاولة شطبها من على اهتمامات الأمم المتحدة، ووقف المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية بهدف اضعافها وشل برامجها، ودفعها نحو التراجع عن رفض خطة ترامب ورفض استقبال مبعوثيه الثلاثة : المستشار كوشنير، والمفوض جرينبلات، والسفير فريدمان.
الموقف الأوروبي، إلى جانب الموقفين الروسي والصيني، تشكل حائط صد أمام المحاولات الأميركية لتغيير مسار القرارات الدولية ومضامينها بشأن فلسطين والقدس، وهي مظلات حماية للحقوق الفلسطينية الثابتة غير القابلة للتبديد أو الإنهاء أو التلاشي؛ ما يؤكد أن نضال الشعب الفلسطيني مهما بدا متواضعاً أمام قوة العدو الإسرائيلي وتفوقه، ولكنه السلاح المؤثر الذي يعطي للمواقف الدولية أهميتها ودوافع ديمومتها لصالح مستقبل فلسطين وانتصارها.
انتصارات الشعب الفلسطيني المتواضعة التراكمية في معركة المسجد الأقصى في شهر تموز 2017، ومعركة أملاك الكنائس المسيحية وكنيسة القيامة في شباط 2018، ومعركة الخان الأحمر المتواصلة منذ شهر تشرين أول 2018، ومعركة مُصلى باب الرحمة في شباط 2019، في مناطق الاحتلال لعام 1967، ومعارك صمود قريتي العراقيب وأم الحيران لدى النقب في مناطق 48 وصمود أهاليهم من البدو، دلالات كفاحية ملموسة على أن القوة مهما بدت طاغية ولكنها لن تهزم الشعوب المليئة بالكرامة والاستعداد للتضحية من أجل بيوتها وتراثها ووطنها.
لسنا في موقف ضعيف، كفلسطينيين وأردنيين وعرب ومسلمين ومسيحيين، بل إضافة إلى الصمود الفلسطيني والثبات الأردني، نحن أصحاب حق في فلسطين، كنا ولا زلنا وسنبقى، هذا هو صوت الفلسطينيين والأردنيين والعرب، وما الموقف الأوروبي الذي سبق له وأن صنع المستعمرة الإسرائيلية على أرض بلادنا، سوى قوة إيجابية الآن داعمة في مواجهة الغطرسة والتبجح الأميركي الإسرائيلي.
ومثلما فشلت كل محاولات إنهاء قضية الشعب الفلسطيني، ستفشل محاولات إدارة ترامب وفريقه الصهيوني، ومعهما حكومة المستعمرة الإسرائيلية، وخططهما وبرامجهما لسبب بسيط يتمثل أن هناك شعبا فلسطينيا مازال صامداً على أرض وطنه وأن تجربتي التشرد عامي 1948 و 1967 لن تتكررا.
h.faraneh@yahoo.com