أخبار البلد - ما هي الخطوة العدوانية الثالثة؟
حمادة فراعنة
يوم 6/12/2017، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب موافقته وتأييده ووقع قرار الاعتراف على ضم القدس العربية الفلسطينية الإسلامية المسيحية، موحدة، وعاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، ويوم 25/3/2019، أعلن وأيد ووقع ضم الجولان السوري لخارطة التوسع الاحتلالي الإسرائيلي، وفي الحالتين لا يضيف جديداً، لأن الواقع العملي الملموس للقدس والجولان، خاضعتان للاحتلال العسكري الاستعماري الأجنبي الإسرائيلي فماذ بعد ؟؟ وماذا سيقدم ترامب لقادة المستعمرة من دعم وتأييد لبرامجهم الاستيطانية التوسعية الاستعمارية ؟؟ وما هي القفزة الثالثة التي سيقدم عليها نتنياهو أو ترامب ؟؟ أيهما سيسبق حليفه الآخر نحو تسجيل تطاول جديد على حقوق العرب وعدم الاحترام لقرارات الأمم المتحدة ومرجعياتها القانونية الشرعية ؟؟ .
الخطوة المتوقعة المقبلة هي إعلان وتنفيذ ضم الضفة الفلسطينية، أو الجزء الأكبر منها، أو أراضي مستوطناتها لخارطة المستعمرة الإسرائيلية، فقد سبق لنتنياهو وحكومته أن شرع قانون الدولة اليهودية العنصري عبر برلمان المستعمرة يوم 19/7/2018، وهو القانون الذي يؤكد أن فلسطين بكل مساحاتها هي أرض اليهود، وأن الاستيطان قيمة عليا لليهود، ويعني عملياً وقانونياً أن الشعب العربي الفلسطيني لا قيمة له ولا دور ولا شراكة ولا تاريخ ولا صلة ولا أملاك له على أرض فلسطين التي وعدهم بلفور على إقامة دولة لهم على أرضها ونفذت بريطانيا الوعد وسلبوا الفلسطينيين وطنهم وشردوا نصفهم، مثلما سبق وأطلق ممثل ترامب ومبعوثه المعين المستوطن اليهودي فريدمان سفير واشنطن لدى تل أبيب، أعلن وصرح أن أرض الضفة الفلسطينية ليست محتلة وأنها وفق الوصف الاستعماري الإسرائيلي أرض يهودا والسامرة، وهذا ما ورد أيضاً في تقرير وزارة الخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان في العالم، والذي أعلنه بومبيو يوم 13/3/2019، حيث أغفل التقرير الفصل التقليدي في التقارير المتعاقبة المتعلق بالضفة الفلسطينية والجولان وأسقط التقرير لهذا العام صفة الاحتلال عنهما .
المقدمات العملية والإجرائية والسياسات المعلنة من قبل إدارتي واشنطن وتل أبيب، لدى نتنياهو وترامب، تشكل المقدمات للخطوة الثالثة المتوقعة بعد قراري ضم القدس والجولان، هي خطوة الضم السياسي والقانوني للضفة الفلسطينية أو بعضاً منها أو مستوطناتها إلى خارطة المستعمرة الإسرائيلية لتكتمل أطماع قادة المستعمرة نحو كامل أرض فلسطين باستثناء قطاع غزة الملعون وفق القيم الخرافية لليهودية، بينما الضفة الفلسطينية لديها محتويات تراثية يهودية خمسة هي : 1 – الخليل، 2 – بيت لحم، 3 – القدس، 4 – نابلس، 5 – سبسطية، مما يشكل حوافز سياسية متطرفة ودينية متشددة لدى تياري التحالف بين السياسي المتطرف وبين الديني المتشدد، الذي يشكل ويوفر الأغلبية لدى سكان المستعمرة عبر صناديق الاقتراع وانعكاسات ذلك على تشكيل حكومة المستعمرة وسياساتها في التعامل مع الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية وأرضه المغتصبة من مشروعهم الاستعماري .
رغم ذلك، هذا ليس جديداً، فالقدس والجولان والضفة الفلسطينية تحت سيطرة الاحتلال العسكري، منذ أن نجح المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي احتلال فلسطين عبر قفزتيه عام 1948 وعام 1967، تنفيذاً لبرنامجه ومشروعه في الاحتلال والسيطرة على كامل أرض فلسطين، وهو ما تحقق لهم بفعل عوامل عديدة أهمها :
أولاً – مبادرة الصهيونية نفسها منذ دعوة تيودور هيرتسل في إقامة الدولة اليهودية في أي مكان سواء في ليبيا أو تنزاينا أو أوغندا أو الأرجنتين، وأخيراً على فلسطين، والعمل على تنفيذ هذه الرؤية وتسخير الامكانات لتحقيقها .
ثانياً : تحالف الحركة الصهيونية مع البلدان الأوربية ذات التوجه الاستعماري حينذاك والتي قدمت المساعدة لتنفيذ مشروع استعمار فلسطين، وإقامة الدولة اليهودية على حساب شعبها، وفي طليعة هذه البلدان بريطانيا بقراراتها، وفرنسا بأسلحتها التقليدية والنووية، والمانيا عبر تعويضاتها المالية وتدفق الهاربين من نازيتها ومذابحها ضد اليهود، قبل أن تتولى الولايات المتحدة وراثة كل هذه البلدان بتقديم الحماية والرعاية والدعم اللامحدود في استمرار توسعها واحتلالاتها وتوفير الغطاءات والقدرة المتفوقة على مواصلة احتلالها الكامل لفلسطين .
ثالثاً – الاخفاق الفلسطيني والعربي والإسلامي والمسيحي وتشتته وبعثرة جهوده، وإخفاقه في التصدي للمشروع الاستعماري الصهيوني الإسرائيلي، وعدم امتلاك القدرة على مواجهته وفشل إحباطه ومنعه، سواء بسبب التمزق والانقسام، أو بسبب التواطؤ والضغوط والتهرب من تحمل المهام والمسؤوليات، أو لعدم الإدراك لخطورة البرنامج الاستعماري الصهيوني وأساليبه المتنوعة غير المشروعة .
ومع ذلك، وبعيداً عن التهوين أو التوهيم – الأوهام – فقد نجح المشروع الاستعماري الإسرائيلي في احتلال كامل أرض فلسطين، وفي تشريد وطرد نصف الشعب الفلسطيني عن أرضه الوطنية، ولكن نصفه الآخر مازال صامداً متشبثاً متماسكاً على أرض وطنه الذي لا وطن له سواه، سواء في مناطق 48 أو مناطق 67، رافضاً مشروع الاحتلال محافظاً على هويته الفلسطينية وقوميته العربية ودياناتيه الإسلامية والمسيحية، وهو الفشل الأقوى والأكبر لمجمل المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، فهل يُحقق التوازن الديمغرافي السكاني بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبين العرب والعبرانيين، وبين اليهود من طرف والمسلمين والمسيحيين والدروز من طرف آخر، ردع المشروع الاستعماري وإعادة ما هو مطلوب للفلسطينيين من حقوق مسلوبة ووطن مغتصب، وعودة للاجئين؟؟ .
h.faraneh@yahoo.com