ثقافة العو...!

ثقافة العو...!
أخبار البلد -  

 اليوم أرغب بترك المقالات الكلاسيكية والتحليلات السياسية والبحوث الاجتماعية, فهل يسمح لي القراء ولو لمرة واحدة أن أتخلى عن الموشّحات الأندلسية والطرب الأصيل, لأمسك بتلابيب الأغاني الشعبية وفن الطقطوقة (الطأطوءة)? بالأمس اصطحبت ابني إلى عيد ميلاد أحد أصدقائه, وبينما أنا أتعرف على والدة بطل الحفلة وأتحدث إليها, وأتعرف على كل من أصحاب ابني وأجواء الحفلة, انسابت في أذني ألحان عذبة وموسيقى شجية وصوت طربي أصيل, وأشعار عبقرية تناغمت مع بعضها البعض في ملحمة غنائية أسطورية صارخة: "العو العو العو..." هذه هي المرة الثالثة التي أعلّق فيها على أعمال فنية بعد أن استوقفتني سابقا الأغنية الوطنية "بالروح والدم", والمشتعلة حماسة ومقاومة للمطربة نجوى كرم, ولفت نظري فيلم "آفاتار" الذي يهاجم فيه الأمريكيون شعبا مسالما في عقر داره, ثم يصف الجنود الغزاة الشعب الأعزل بأنه إرهابي عندما يلجأ الأخير إلى المقاومة والدفاع عن أرضه. أما أغنية "العو العو العو..." فهي طقطوقة مختلفة عن اللون الغنائي الهابط السائد في سماء عصر الدولة العربية الحديثة, فبالرغم من أن الفن الوضيع المتربع على عرش الساحة الفنية اليوم هو انعكاس طبيعي وابن شرعي للوضع الراهن, بما يحوي هذا الوضع من مكونات مأساوية من إحباط سياسي وتأزم اقتصادي وترد اجتماعي وانحطاط أخلاقي وإفلاس فكري وإسفاف ثقافي, إلا أن أغنية "العو العو العو" جذبت انتباهي لأنها تعبّر وبصدق عن ثقافة "العو" التي اتبعها الأهل وما زال يتبعها البعض حتى اليوم في ترهيب الأبناء والسيطرة عليهم. منذ مدة وأنا أفكر في طرق التربية التي اتبعها آباؤنا وأمهاتنا في تنشئتنا, وبالرغم من اقتناعي بنجاح معظم إن لم يكن كل تلك الطرق والوسائل المتبعة, بما فيها من حوار وتواصل وتشجيع وتعزيز حينا, ووعيد وتهديد وضرب وشتيمة أحيانا أخرى, إلا أنني توقفت مبتسمة ومندهشة من بعض الجمل التي طالما سمعناها في طفولتنا, وترددت على ألسنة الأهل منذ نعومة أظفارنا, أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يتعلق بإصدار الأوامر: قف... تقف الماء في زورك اقعد... يقعد رزّك امشِ... مش عصبك نم... تنام عليك حيطة قم... قامت قيامتك اضحك... يضحكوا على قبرك إلبس... لبسك عزرائيل وما هذا إلا غيض من فيض من أساليب التودد والتحبب التي غمرنا بها أهلنا, وأرجو أن لا يظن الأهل أنني ابنة عاقة, إلا أنني فقط أتعقّب البون الشاسع ما بين اليد المطلقة التي كان يتمتع بها الأهل في سطوتهم علينا سابقا, وبين محاولاتنا المستمرة في استرضاء أبنائنا والحفاظ على مشاعرهم وتجنب إهانتهم حاليا, من أجل صحتهم النفسية وتنمية قدراتهم العقلية والوجدانية والجسدية والاجتماعية بصورة مثالية, وأعترف بأنني غير قادرة على الجزم بأن طريقتنا اليوم وأسلوبنا في تربية أبنائنا أفضل وأنجع من طريقة آبائنا, فالحزم مع الطفل وإتباع لهجة فيها شيء من الشدة وبعض من الغضب, وتعليمه ضرورة احترام الكبير وأوامر الأهل وتعليمات القانون, واللجوء إلى استخدام العقاب بل والضرب إن لزم الأمر, أعدها أمورا لا ضير فيها بل هي ضرورية في عملية التربية والتنشئة لتكوين ما يسمى بالضمير والرقيب لدى الطفل, إلا أن هذا الضمير لا يصبح يقظا وواعيا وسيف الرقيب لا يتحول إلى رقيب ذاتي ووازع داخلي, إن لم يصاحب العقاب والحزم والتعامل الصارم لغة حوار وتواصل مع الطفل, حتى يفهم الأخير لماذا عوقب وما هو الخطأ الذي ارتكبه واستوجب العقاب عليه, يتوجب علينا أن نحاول باستمرار أن نرسل رسائل وإشارات مباشرة وغير مباشرة تدلل على حبنا غير المشروط للطفل بالرغم من اعتراضنا على سلوكه, كما من المفترض أن نغمره بالحنان والتفهم والتعاطف لا بالهدايا والدلال المفرط, ونحتويه بصورة نوضح بها لماذا أثبناه ونفسر من خلالها أسباب عقابنا له, فنسوق له مبررات تصرفاتنا ودواعي انزعاجنا وغضبنا وعواقب سلوكاته الخاطئة سواء عليه أو على الآخرين, مما سيؤدي إلى تشكيل الوعي لديه وصياغة خلفية فكرية ونفسية اجتماعية وأخلاقية ستبنى عليها شخصيته لاحقا. أما العم "العو" الذي مثل دور بطل الكثير والكثير من قصص وحكايات آبائنا وأمهاتنا, فأعتقد أننا يجب استبداله بالرجل الحكيم أو الصبي الشجاع أو الفتى الذكي; حتى ننتقل ونرتقي في الوقت ذاته بنوعية الفكر الذي نستثيره في عالم الطفل, عوضا عن أشباح "العو" والعفاريت التي ستطلع له وتنزل وتقعد, إلا إنني أعتقد أن أنياب "العو" ومخالبه لم تكن مجرد أوهام في خيالات حكايات الجدات بقدر ما هي سياسة عربية بامتياز, فكل من يحاول الخروج عن السيطرة أو التغريد خارج السرب, سواء كطفل متمرد أو كمعارض سياسي حتما سيأكله "العو" ويبتلعه دون رأفة!

شريط الأخبار توقع زيادة الطلب على أسطوانات الغاز إلى 180 ألف أسطوانة يوميًا شقيق جمال عبد المولى في ذمة الله.. الدفن في سحاب والعزاء في جاوا طقس بارد اليوم وغداً وارتفاع درجات الحرارة يومي الخميس والجمعة وفيات الأردن الثلاثاء 26-11-2024 كيف تفوقت شركة هندية على العملاق "أمازون"؟ مؤسسات رسمية تدعو مرشحين للمقابلات والامتحان التنافسي (أسماء) وزير الخارجية الإيطالي يقول إن دول مجموعة السبع تسعى إلى اتخاذ موقف موحد بشأن أمر اعتقال نتنياهو "خلّفت دمارا هائلا".."حزب الله" يعرض مشاهد استهداف قاعدة حيفا البحرية الإسرائيلية بدء التسجيل الأولي للراغبين بأداء فريضة الحج اليوم مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة إسرائيل تستخدم أسلحة فتاكة جديدة تفجّر شظايا غير مرئية تخترق أجساد الفلسطينيين وزارة المياه: ضبط عدد من الاعتداءات على مياه نبع وادي السير الأردن يرحب بقرار "يونسكو" دعم استمرارية أنشطة "أونروا" التعليمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة رسميا ولأول مرة.. البيت الأبيض يؤكد السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ "أتاكمس" غرفتا صناعة وتجارة الأردن وعمّان تمددان فترة استقبال طلبات برنامج ترويج الصادرات توقعات بالتخليص على 12 ألف مركبة كهربائية حتى نهاية 2024 الملك يستمع إلى ردي مجلسي الأعيان والنواب على خطاب العرش "التجمعات الاستثمارية المتخصصة" تعيد تشكيل (5) لجان منبثقة عن مجلس إدارتها .. أسماء مفتي المملكة: تحريم استخدام وصناعة وبيع نبتة الدخان 242 مليون دينار لتثبيت سعر الخبز ودعم أسطوانة الغاز في 2025