تواجه اعداد كبيرة من خريجي الجامعات والمعاهد والذين ينهون دراساتهم الجامعية سواء من الجامعات الاردنية او من الخارج ، ازمة بطالة لسببين عائدين : لعدم وجود فرص عمل ، ولعدم استيعاب سوق العمل لهم .
ونلاحظ في كل عام ومع تزايد اعداد الخريجين الجامعيين بتفاقم ازمة البطالة بصورة كبيرة بسبب التخصصات المشبعة او ما نسميها بمصطلح الراكدة في سوق العمل ، اذ يصل عدد طلبات التوظيف ، وكما نسمع عنها بين الحين والاخر في ديوان الخدمة المدنية يتعدى 300 الف طلب ان لم يكن اكثر بكثير من ذلك ، وغير ذلك من اعداد اخرى غير متقدمة بطلبات توظيف للديوان لعدم وجود امل بالتوظيف . وهذا الامر يتطلب وبالسرعة الممكنة من الجهات الحكومية المختصة صاحبة الشأن من اصحاب القرار او الاستعانة بالمخططين الاستراتيجين ممن لديهم بعد استراتيجي من خريجي كلية الدفاع الوطني وبالتعاون مع الجامعات الاردنية ، الى وضع خطة استراتيجية دقيقة ومدروسة وثابتة لا تتغير بتغير اصحاب القرار ، بحيث يتم ايقاف قبول الطلبة في بعض التخصصات الراكدة ( المشبعة ) التي لا حاجة لها حاليا وعلى مدى العشر السنوات القادمة ، مثل تخصصات الفلسفة والعلوم السياسية وعلم الاجتماع والهندسة والتسويق والاثار والادارة والتاريخ والجغرافيا والعديد من التخصصات التي تعد غير ضرورية وليس لها مجال للعمل ، وايجاد تخصصات جديدة غير موجودة في الأصل ، تلبي حاجة السوق الاردني والسوق الخارجي وتوجيه الطلبة الى دراسة تخصصات اكاديمية يحتاج لها السوق كتخصص العمل الاجتماعي والخدمة العامة والسياحة وادارة الفنادق والطاقة البديلة والمتجددة ، ادارة الاستثمار والمشاريع ، ادارة الموانيء والمطارات ، الشحن والتخليص الجمركي ، التخطيط الاستراتيجي وادارة الازمات ....... الخ من تخصصات .
وهذا الأمر سوف يخفف من نسبة البطالة بين صفوف الخريجين عاما بعد عام تدريجيا و بدرجة كبيرة ، وانخفاض معدل البطالة الى اقل من 10 % في حال تم اعادة النظر بالتخصصات الراكدة والمشبعة ، حيث اصبحت نسب البطالة المرتفعة من عام لاخر ، احدى التحديات التي تواجه الحكومات الحالية والمتعاقبة ، لم تستطع الحكومات معالجتها بصورة جذرية ، و تعاني منها بصورة واضحة في برامجها التنموية المخطط لها كل عام ، ان لم تجد حلولا منطقية وواقعية لها بأسرع وقت ، تنفذ على الواقع وليس على تبقى مدونة على الورق .
وللحد من هذه البطالة في سوق العمل الاردني ، على اصحاب القرار التوجه الى اقامة مشاريع استثمارية وانتاجية في كل محافظة من المحافظات ، مدرة للدخل ولضمان توفير فرص عمل معقولة لخريجي الجامعات ، حيث تتوفر اراضي بكل المحافظات وباسعار رخيصة لاقامة المشاريع عليها ، وتوفر الجهات المانحة لدعم مثل هذه المشاريع التنموية ، والتي تسعى اليها الدول المانحة الى اقامتها وجودها ، بحيث تكون هذه المشاريع دائمة ومنتجة ولها صفة الاستمراية وذات طابع حكومي من حيث الاشراف والتعيين ، حتى نضمن بقاء العاملين واستمرايتهم في العمل كون العاملين عادة في اية جهة يفضلون العمل في مشاريع وشركات ومؤسسات تقع تحت مظلة الحكومة ، حيث يوجد العديد من المشاريع التنموية والضرورية التي تحتاجها المجتمعات المحلية ، وتمثل احتياجات ذات اولوية للمحافظات الاردنية ، بحيث تستوعب هذه المشاريع التي ستنشا في المحافظات عدد كبير من ابناء الوطن الخريجين ، وبالتالي تحد وتخفف من نسبة البطالة التي وصلت الى 22 % حسب اخر التقديرات ان لم تكن اكثر من ذلك ، بالاضافة الى انها ستعمل على تطوير المجتمعات المحلية ، وما يرافقها من ايجابيات عدة على سكان المحافظة ، وايجاد فرص عمل للشباب الاردني الذي ينتظر دوره في ديوان الخدمة المدنية منذ سنوات .
ومن المشاريع الاستراتيجية والحيوية التي على الحكومات الاهتمام بها ، و تفيد المجتمعات المحلية ، مشاريع تدوير النفايات الصلبة واستخداماتها للطاقة ، مشاريع زراعية كتربية الاسماك ، مشاريع انتاج الورق والكرتون ، مشاريع ومصانع للزيوت النباتية الغذائية وزيوت المحروقات ،والمنظفات وورق الفاين ،والمعدات والاجهزة الكهربائية ، والمستحضرات الطبية ، والكثير من المشاريع الحيوية .
ان ايقاف بعض من التخصصات في الجامعات ، وفتح تخصصات جديدة ، واقامة مشاريع استثمارية تنموية دائمة ، سوف يكون لها دورا كبير في التخفيف من نسبة البطالة ، من خلال توظيف الخريجين في المشاريع الجديدة باعدادا كبيرة ، وسوف تعمل على تطوير المجتمعات المحلية وتنميتها ، ونقل هذه المجتمعات المحلية من وضعها الحالي الى مجتمعات اكثر حيوية ونشاط وازدهار . وهذا ما نأمله من حكومتنا الرشيدة اتخاذه خدمة للوطن والمواطن وايلاء هذا الموضوع الاهمية والجدية .
*** حاكم اداري سابق وباحث استراتيجي
خريج كلية الدفاع الوطني الملكية