،الاعلام الحكومي الى اين
زيــــــــــــاد البطاينه
لأننا نعيش في مجتمع نادراً ما ينزل فيه باحث إلى الميدان،يتلمس همومنا ومشاكلنا ويجمع قضايانا ويتعرف الى مشاكلنا الاقتصادية والتربوية والصحية والنفسية، وهي كثيرة لدرجة يصحّ فيها المثل القائل: «على ....مين يشيل».
نجد ان اعلامنا وبالتحديد المسموع والمرئي متهم من القراء اقول القراء بالتخلف وعلى سبيل المثال لاالحصر
برامج الحوارات السياسية على شاشات التلفزة الاردنية الحافظ الله فقد كثرت كما وليس نوعا وتشهد حالة من التحجر السياسي والفكري لا سابقة لها، كأن ما يحصل عندنا ومن حولنا لا يستدعي إعادة تقييم واعادة النظر، لا في الضيوف الذين يتم اختيارهم،فرسان الحلقة ولا في الأسئلة المطروحة من جهابذه المذيعين ، ولا في المعلومات المقدَّمة.للمشاهد الذي لم يعد يرى بد من المكوث ساعات متصلبا امامالشاشةالصغيرة والبعض يغبق الصوت ويترك لنظره التمتع بالفرسان لان لامجال للتحول ظانا انه كالصم سيشهد نفرة او حماس عندها يرفع الصوت
ولا يزال فقط عندنا لا عند سوانا كل ضيف يصلح للحديث في مواضيع شتى من دون تردد، في السياسة والاقتصادوالثقافة والعلوم حتى العسكريةمنها ، كما في الأوضاع الإقليمية والدولية، مهما كانت درجة معرفته متدنية، ومهما كان موقعه السياسي والاقتصادي.
ويطل الإعلاميون والإعلاميات علينا بأزياء عصرية من ثياب وقصة شعر وتسبيل حواجب وكرافتاتمتناسقة وديكورات تاخذ اللب والنظر ، لكنهم يقدمون مضامين برامج، تشبه تماماً سياسة القائمين على البرامج التلفزيونية، حتى أصبح غياب ضيوف الاتجاهات السياسية المتنوّعة، أمراً عادياً، لا يستدعي البحث ولا التفكير.
ولشدة اعتياد الضيف والإعلامي على بعضهما، ينادي السياسي أو الاقتصادي محاوره أو محاورته بأسمائهم الأولى على الهواء، فيما يسند الإعلامي أو الإعلامية يده على المكتب، ويضع كفه على خده، وهو يستمع إلى ضيفه، فيبدو إما في حالة ضجر، أو في حالة انتظار أجوبة يعرفها سلفاً. او انه قد يكون هومن وضعها
وكما تستمر الطبقة السياسية نفسها في الحكم، كذلك يستمر الضيوف من وزراء حاليين أو سابقين، ونواب حاليين أو سابقين، بالإضافة إلى عدد من المحللين في السياسة والاقتصاد المعتمدين لدى كل وسيلة إعلامية.
وأما الاقتصاديون فهم يقدمون في الغالب معلومات منقولة، أكثر مما يملكون معطيات ناتجة عن أبحاثهم أو دراساتهم، لأننا نعيش في مجتمع نادراً ما ينزل فيه باحث إلى الميدان، لمعرفة ما هي مشاكلنا الاقتصادية والتربوية والصحية والنفسية، وهي كثيرة لدرجة يصحّ فيها المثل القائل: «على مين يشيل».
وأما السياسيون فيقدمون وجهات نظر لا تحيد عن انتماءاتهم وتحالفاتهم السياسية، وهم يملكون قدرة استثنائية على تحوير أي حدث وتفسيره بطريقة تكون مناسبة لوجهات نظرهم حتى لو حصل في الصين، فكيف إذا كان يحصل في بلدهم أو في دول عربية مجاورة؟
ونادراً ما تتعب مؤسسة إعلامية نفسها في وضع برامج عمل خاصة بها، تشمل مواضيع وتحقيقات اجتماعية واقتصادية وسياسية، تعرضها في الحوارات وفي نشرات الأخبار، وإنما تعتمد أسهل الطرق عبر تغطية النشاطات اليومية، والسؤال عن الأحداث التي ينشغل بها السياسيون، ولا ينشغل بها المواطنون.
والمثال الأخير على ذلك، الحوارات المتعلقة بقضايا الاقتصاد والموازنه وقضايا الفقر والبطالة ، ولا ينافس تكرار الحوارات سوى إطالة أوقاتها،
.
وتبعاً لذلك فإن ما يوصف بالحرية الإعلامية وحرية الحواراj ت على الشاشةالصغيرة والآراء هو وصف مزيف، لأن الحرية محصورة فقط في توجيه ضيوف كل وسيلة إعلامية نقدهم أو هجومهم على أنصار الجهات الأخرى، فلا يمكن لضيف ما على تلفزيون ؟؟؟؟؟ توجيه النقد إلى سياسة رئيس حكومة او مسؤول كبير
فهناك الكثير من مسؤولي الاردن السياسيين، من الواجب تعريضهم للنقد.وهناك الكثير من القضايا يجب ن يلقى الضوء عليها وهناك الكثير من الاسئلة تحتاج لاجوبة شافية وهناك قضايا تحتاج لذوي اختصاص ومعرفة وخبرة لالصداقات وتلميعات أما كيف يمكن تحرير هذا البلد من الضغوط، وما هو النظام المناسب لتحريره من الضغوط، فتلك مسألة لا مكان جدياً لها، لا في البرامج الحوارية ولا في أجوبة الضيوف، ناهيك عن استبعاد التفكير في استضافة باحثين وخبراء من خارج المنظومة المعروفة.
ولا بدّ أن يؤدي الاستمرار على هذه الحال، من دون حصول انتفاضة إعلامية وسياسية، إلى جعل اعلامنا الاردني المسموع والمرئي ، من بين الأنظمة الأكثر تخلفاً. ويظل اعلاما غير قادر على التحليق
pressziad@yahoo.com