أخبار البلد -
في اليوم العالمي لكبار السن الذي صادف قبل يومين يحق لتلك الفئة من المواطنين ان يتسائلوا ماذا قدّمت لهم الحكومة بعد ان أعطوا ثمرة عمرهم للوطن فماذا كرّمتهم حكومات الوطن المتعاقبة ؟؟
وحسب الإحصاءات الرسميّة تبلغ نسبة المسنِّين في المجتمع الأردني 5,7% من السكّان ومن المتوقّع ان تزداد هذه النسبة لكي يُشكِّل المسنون 7,6% من السكان عام 2020.
وبالرغم من وجود استراتيجية لكبار السن منذ عام 2008 وضعها المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بهدف تحسين نوعيّة الحياة للمسنّين في الأردن فما الذي تحسّن حتّى الآن ؟؟ .
وتقول الإحصاءات ان 66% من المتقاعدين رواتبهم التقاعديّة دون خط الفقر الوطني علما بأنّ نسبة كبار السن الخاضعين لأنظمة التقاعد الوطنيّة تصل الى 75% وذلك حسب التشريعات المعمول بها حاليّا .
وبالرغم من تطور العمر المتوقّع عند الولادة من حوالي خمسين سنة في خمسينات القرن الماضي الى عمر65 عاما في اواخر ستينات القرن الماضي حيث تطوّرت وسائل الرعاية الطبّية وتقلّصت نسبة الأميّة في المجتمع الأردني فأرتفع العمر المتوقّع عند الولادة الى اكثر من 76 عاما حيث يزيد عن 73 سنة للرجال (من 71.6 عام 2009 الى 72.7 عام 2013 ) وعن 77 عاما للنساء( من 74.4 عام 2009 الى 76.7 عام 2013 ) كما ان نسبة الأميّة لكبار السن من الرجال بلغت 36.8 % وللنساء 55.6% وبالرغم من ذلك ما زال سن التقاعد القانوني كما هو معمول به منذ عشرات السنين (ستون عاما للرجال وخمسة وخمسون عاما للنساء ) ممّا يُقلِّل فرص العمل المعروضة على كبار السن رغم توفُّر الإمكانات الصحيّة والبدنيّة للعطاء والإنتاج لسنوات عديدة قادمة بما اكتسبوه من خبرة وحكمة خاصّة في مجال الإدارة وتنمية وزيادة الإنتاج .
ان المخصصات الماليّة التي ترصدها الدولة لأغراض رعاية كبار السن لا تعطي انطباعا للمطّلع بأت الحكومة مهتمّة بهذه الفئة من المجتمع حيث لا توجد حوافز للممرضين العاملين بدور الرعاية كما ان المتقاعدين حسب نظام التقاعد المبكِّر ( الضمان الإجتماعي ) لا يستوفون حقوقهم عندما تصل أعمارهم سن التقاعد المنصوص عليه اسوة بزملائهم المتقاعدين كما ان التأمين الصحّي لكبار السن يواجه بعض التعقيدات الإداريّة ناهيك عن عدم توفُّر الأدوية باستمرار في المراكز الصحيّة والمستشفيات الحكومية وعادة ما تقوم تلك المراكز بتوفير ادوية بديلة إضافة الى عدم توفُّر الرعاية الصحيّة المنزليّة حسب قوانين التأمين الصحّي والضمان الإجتماعي المعمول بها بحجّة عدم توفُّر الإمكانات الماليّة كما هو مطبّق في الدول المتقدِّمة .
وقد تتسبّب صفة كبر السن عند طالبي العمل لدى بعض المسؤولين في القطاعين العام والخاص سلطة الإقصاء او الإستبعاد بتلك الحجّة وخاصّة لدى المسنّات وقد يكون ذلك بحجّة ضخْ دماء جديدة او الراتب المرصود لا يوازي الخبرة لدى كبار السن او لمصالح ومنافع شخصيّة او غير ذلك وغالبا ما يتوافق التبرير مع التشريعات المعمول بها والتي هي حقيقة هاضمة لحقوق تلك الفئة من المواطنين التي وهبت عمرها وخبرتها لخدمة وطنها على أمل ان تجني بعد تعبها ما يُريحها في ما تبقّى لها من وقت خصوصا ونحن نرى كبار السنِّ من دول اخرى يأتون ليستمتعوا بدفئ شمس بلادنا بعد ان تكون حكوماتهم وفّرت لهم ما يجعلهم يشعرون بالراحة النفسية والجسديّة والآمان على مستقبل ابنائهم .
إنّ المواطنين في تلك الفئة العمريّة مهما كانت نسبتها للسكان كبيرة ام صغيرة فإنّها بحاجة لمزيد من الرعاية الصحيّة والإجتماعيّة واهتمام الحكومة بها على جميع الأصعدة خاصّة أنّ جزءا منها مُصاب بامراض مزمنة ولا يستطيع تحمُّل تكاليف المعالجات وأثمان الأدوية الباهظة ويجب على الحكومة ان لا تجعل بعض افراد هذه الفئة يموتون بحسرتهم خاصّة عندما يسمعون ان بعض المسؤولين يذهبون للعلاج خارج البلد على حساب الدولة بينما هو لا يجد ثمن علبة الأسبرين لكي يُخفِّف آلامه .
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا ويُوَقِّرْ كَبِيرَنَا".
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ".
وفي سورة الروم قال تعالى (الله خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير)صدق الله العظيم .
احمد محمود سعيد
14 / 10 / 2015