لينعم الجميع بالمكارم
في الأردن
لعل الظلم ظلمات وفي العدالة فرج وفكُ للكربات وحيث ان العدالة في السماء فإنّ على الأرض المحبّة والسلام ومع ان فضاءات الكثير من بلاد العرب تغيب عنها العدالة واراضيها تخلوا من المحبّة والسلام ولا يطفوا على ارضها غير الدم ورائحة الموت فإنّنا في الأردن وقد قاربنا على المئويّة من السنين على رؤية بلدنا للنور وشمس الوجود فإننا نتميّز عن الكثيرين من حولنا بالإستقرار والأمن والأمان ادامه الله علينا ووهبه لجيراننا وغيرنا من العرب بإذن الله .
ولعلّ قيادة كل بلد تلعب دورا في استقرار الدولة وأمن وأمان مواطنيها رغم العواصف الإقليميّة والعالميّة التي تعصف بها وكان للإحساس الإنساني الذي يتمتّع به ابناء العائلة الهاشميّة الكريمة على مر المائة عام الماضية بالإضافة لما وهبهم الله من حكمة ومحبة للناس ممّا رسّخ محبّة المواطنين والمقيمين لهم خاصّة بعد استمرار النهج اليعربي الذي قامت عليه الدولة الأردنيّة منذ تأسيسها واستمرار قيادتها على اعتبار الوحدة الوطنيّة خط احمر وكلّ من تعدّاه هو خصم لها ليوم القيامة .
وبالرغم من انّ الأصول تعدّدت بين الوافدين لحمى الأردن الى انّ المنبت العربي بمختلف مذاهبه والمنبت الإسلامي بمختلف قوميّاته ما زال يلقى الترحاب وحسن الضيافة طيلة إقامته على ارض الوطن المعطاء والمليئ بالخير والحب .
ولكن بالرغم ممّا حبى الأردن من نعم الأمان وحرم شعبه من نعم الثروات والمال الوفير فإنّ هناك لمسات لو تغلّبت عليها الحكومات ومسؤوليها مع مرور الزمن فإنّه لن يُظلم احد من البشر من الوافدين او المقيمين او يشعر بفليل من الحسد والغيرة وخاصّة فيما يحتاجه في حياته وحياة ابنائه من تعليم وطبابة خاصّة انه يرى بشكل دائم ما يمنحه الديوان الملكي العامر من مِنح وهبات ومكرمات وإعفاءات تُنعش الملهوف المحتاج وتنقذ المريض وتريحه من أمراض ابتلاه الله بها فكانت امتحانا صعبا خفّفت المكارم الملكيّة عليه تحمُّلها وأعانت ذويه على تحمُّل تبعات تلك الأمراض .
وتلك قصّة لأحد اللاجئين الفلسطينيّين الغزيّين , وقد اغدق الهاشميّون على الأهل في القطاع الكثير من فضل الله ونعمائه من مستشفيات ميدانيّة بكل كوادرها وموادها وادويتها إضافة للقوافل المستمرّة محمّلة بكل مواد الإغاثة والحياة الضروريّة.
إلاّ ان ذلك العربيّْ الغزِّي المقيم في الأردن منذ اربعين عاما شاء له القدر ان يتزوّج من سوريّة قبل ما يقارب الثمانية وثلاثون عاما وكان يحمل احيانا جواز سفر اردني بسنتين او خمس سنوات وقد انجب كل ابنائه على ارض الأردن وتعلّموا واصبحوا شبابا عاملين منتجين فيه وتملّك بيتا فيه وعمل سنوات شبابه في الخليج وكان يحوِّل امواله للإستثمار والعيش على ثرى الأردن الوطن الطهور .
وتشاء الأقدار ان تتعرّض زوجته لإبتلاء من الله ويصيبها مرض لئيم خبيث يجعلها تقضي فترات طويلة في المستشفيات الخاصّة ويتحمّل زوجها مصاريف ينوء عليها كل مقتدر الى ان تدخل زوجته في كومة إحتار الأطباء عن معرفة السبب وبقيت في غرفة الإنعاش والعناية المركّزة وما زالت لا يستطيع إخراجها للمنزل حسب توصية الأطبّاء وقد استنفذ زوجها كل ما يملك للمستشفيات وقد حاول وما يزال في الحصول على إعفاء هاشمي وإدخال زوجته في احد المستشفيات الحكوميّة لإكمال اي علاجات لازمة لها علّ رحمة الله الواسعة ان يكتب لها الشفاء لتعود لبيتها في عمّان التي أحبّت وربّت ابنائها عل حب الوطن واخلاص الإنتماء له حيث ان زوجها اصبح لا يطيق ولا يستطيع ان يلبّي طلبات غرف العناية الحثيثة في المستشفيات الخاصّة .
وانا هنا اتسائل هل قدر الزوج انه غزّيُ او ان قدر زوجته انها سوريّة يمنعان من حصولهما على إعفاء ملكي للعلاج أم هل أنّ الموت والحياة هبة الله للبشر متعلِّقة بالجنسيّة والمنبت والأصل وهل معيشة تلك العائلة لأربعين عاما لا تشفع لهم لكي يستفيدوا من مكارم الهاشميّين على ارض الرباط .
اليس من الظلم أيُّها المسؤولون في الحكومة ان يرى الإنسان رفيقة دربه في محنة صعبة ولا يستطيع الحصول على العلاج في مستشفى حكومي لها وإعفاءه من تكاليف العلاج , أو ليس من مهام الحكومة تيسير العلاج لكل من يقيم على ارضها من مواطن ومقيم ان يستطيع الحياة بكرامة وسلامة حتّى يأخذ الله ودائعه.
ولكي لايشعر احد بالظلم فعلى الحكومة ان تراعي العدل والرأفة في جميع من يقيم على ارضها في اساسيات الحياة وخاصّة عند تعرُّض احدهم لمخاطر يصعب عليه مواجهتها وحيدا دون عون له .
احمد محمود سعيد
8 / 10 / 2015