ليس الزمن نفسه الذي كانت تعني فيه زيارة الاتحاد السوفياتي تلويحا لبديل تحالفي بغية تحسين مساعدات أو إلغاء لضغوط، وقد فعل ذلك آنذاك زعماء كثر، وكان الأمر مجديا وغالبا ما يحقق المبتغى. اما الآن فلا حرب باردة ولا جدوى من الاستقطابات الدولية، ولا منظومة اشتراكية او حتى حرب نجوم، وانما مناطق نفوذ محسوم أمرها ومحاصصات ما بين كبرى الدول ونزاعات إقليمية تدار بالريموت وعن بعد أيضا. وعليه فان زيارة الملك الاخيرة الى موسكو تقع في هذا الاطار وليس البحث عن تحالف جديد او تلويحا به كما يظن البعض.
فليس خافيا ان موسكو تتحكم بمفاتيح الحل السوري وان سورية ليست كينيا لإرسال قوات فرنسية اليها، وإنهاء الأزمة بها مرهون بالتوافق الدولي والرغبات الصهيونية، وان الاردن الاكثر تاثرا بالمقدمات وما يجري حتى الآن وبأي مخرجات ستسفر عنها النهايات، والأكثر قربا للعقل ان الملك اراد من زيارته الوقوف تماما عند الموقف الروسي بكافة تفاصيله، وعدم الاكتفاء بما يصرح به وزراء الخارجية لكل من روسيا وأمريكا او الاوروبيين وحتى العرب المعنيين، وكذلك ماهية الحل السياسي الذي تريده موسكو وكيفية التوصل اليه، وضمن اي حجم من الصفقات، وفيما اذا الاردن في اطارها بأي مستوى، خصوصا وأنه الخزان الأكبر لتدفق اللاجئين الذين تتضاعف أعدادهم منذ ما بعد زيارة موسكو.
وفي المشهد ما يشي بان الملك استطاع تحقيق الكثير مما أراده، وذلك لما يظهر من تصاعد الاهتمام الاردني بالشأن السوري واطلاقه لخيار الحل السياسي لاعتماده بترويجه في العديد من المحافل، وبذات المعنى تقع رسالة الملك الخطية إلى الرئيس اللبناني التي حملها له وزير الخارجية ناصر جودة، والأخير أكثر من يتابع سياسيا لغور تفاصيل الحل السياسي.
وفي السياق ذاته، فان تفاقم الأوضاع في العراق وما في مصر من أحداث ضاغطة وتوسع دائرة الاشكالات في لبنان ستصب كلها تأثيرات على الوضع السوري، وليس هناك بشائر بعد لحل متفق عليه، ولا بأس من زيارة للملك الى طهران للوقوف .أكثر عند الحل السياسي الممكن
بقلم :جمال الشواهين