الأردن .. يا أصحاب القرار لا مناطق رمادية بعد اليوم.. الدكتورة المصري تكتب

الأردن .. يا أصحاب القرار لا مناطق رمادية بعد اليوم.. الدكتورة المصري تكتب
أخبار البلد -   كتبت: الدكتورة ميساء المصري
ما يجري في المنطقة ليس مجرد تصعيد تقليدي أو فوضى أمنية عابرة، بل هو انقلاب جيواستراتيجي شامل على مفاهيم السيادة، والهوية، والوجود العربي ذاته. مشروع "إسرائيل الكبرى" لم يعد حبيس الأوراق أو أروقة اليمين المتطرف، بل بات اليوم عنوانًا لتحرك واقعي ممنهج، تنفّذه إسرائيل بأذرعها السياسية والعسكرية، وبغطاء أمريكي – أوروبي واضح، وتواطؤ خفي من بعض الأنظمة العربية التي تفضل البقاء في الظل على مواجهة زلزال التغيير الذي يضرب المنطقة. نحن لا نعيش أزمة صراع حدودي، بل انهيار الخرائط ذاتها، حيث تتحول الدول المحيطة إلى الخاصرة الرخوة في المعركة، والضحية المستهدفة التالية في سياق ترحيل الفلسطينيين، وتمزيق الدولة الوطنية، وإعادة هندسة الشرق الأوسط على أساس الأمن الإسرائيلي المطلق.
منذ السابع من أكتوبر 2024، حين دشّنت إسرائيل عقيدتها الأمنية الجديدة، بدأ العد التنازلي لمشروع التهجير الكبير. غزة لم تعد كيانًا سياسيًا قابلًا للحياة، بل أصبحت مختبرًا لفرض المعادلة بالقوة، حصار، اجتياح، إبادة، ثم تهجير مقنّع تحت عنوان "الحل الإنساني". هذا "الحل" ليس سوى ترحيل صامت لسكان القطاع، والتمهيد لتهجير لاحق في الضفة الغربية، بحيث يتم دفع الفلسطينيين تدريجيًا نحو الشرق أي الأردن في مشهد يعيد إنتاج النكبة بأساليب أكثر برودًا وتنظيمًا، وبتواطؤ دولي وإقليمي يبرر الجريمة بالمساعدات، ويُغلف الترحيل الإجباري بالشعارات الإنسانية.و رغم كل ما يشاع عن ترحيل غربي للسودان والصومال وغيرها .
تسريبات متقاطعة تكشف أن الترتيبات بدأت فعليًا. مناطق في جنوب وشمال شرق الأردن، تُحضّر لتكون مستقبلًا محطات استيعاب "مؤقتة" للاجئين، ضمن خطة تفترض استمرار الحرب وتحوّل التهجير إلى واقع لا مفر منه. في المقابل، تعقد إسرائيل اجتماعات مكثفة مع مراكز التخطيط والجيش، تبحث علنًا في ما يسمى "البديل الشرقي" كحل نهائي لقضية اللاجئين، وكرؤية جذرية لإغلاق ملف فلسطين إلى الأبد. هذا المخطط لا يستأذن أحدًا ، ولا ينتظر موافقة من عمّان، بل يتحرك على قاعدة فرض الأمر الواقع، تحت شعار الأمن القومي الإسرائيلي.
في عمّان ، رفضت الدولة الأردنية هذه الطروحات رسميًا، لكنها تواجه ضغوطًا لا هوادة فيها، وتطالب بمقدار "المرونة" في التعاطي مع ملفات ما بعد غزة. التحذيرات الداخلية بدأت تتسرب إلى الرأي العام، وتشير إلى تسلل تدريجي لعائلات فلسطينية عبر الحدود، في غياب استراتيجية وقائية شاملة، ما يعني أن فرض واقع ديموغرافي جديد قد يحدث قبل أن تصدر عمّان قرارًا برفضه أو قبوله.
الشارع الأردني بدأ يلتقط الإشارات سريعًا. الترقب الشعبي، عودة شعارات المقاومة، وتحوّل بعض التيارات السياسية إلى خطاب ما قبل الإنفجار، كلها مؤشرات على أن الأرض تغلي، وتحذيرات لكتاب الدولة في اشارة للترقب والتساؤل الضمني أو التاريخي في لحظة مصيرية. حتى العشائر، التي لطالما كانت ركيزة الاستقرار، بدأت تحذر من تجاوز الخطوط الحمراء، وتربط ولاءها بإستمرار رفض مشروع التوطين. أما المخيمات الفلسطينية، فباتت تخشى أن تتحول إلى ممر للتهجير، أو ورقة ضغط في لعبة إقليمية لا تأخذ حسابًا لا للكرامة ولا للهوية.
الدولة الأردنية تقف اليوم أمام معادلة شديدة التعقيد وصعبة التنفيذ. من جهة، الرفض الشعبي العارم والتهديد الوجودي الواضح، ومن جهة أخرى، الضغوط الدولية المتزايدة، والانكشاف الاقتصادي الداخلي، وانعدام الدعم العربي الفعّال.والإحتراب المحيط بها والذي يزداد تهديده من الجانب السوري واللبناني والعراقي ، و إسرائيل تمضي في تنفيذ مخططها دون أي اعتبار للرفض العربي أو القانون الدولي رغم أنف الجميع . الولايات المتحدة تخلّت تمامًا عن ادعاء الحياد، وتعمل على فرض حلول "وظيفية" تذيب القضية الفلسطينية في المحيط الإقليمي. ووسط هذا الانهيار، يجد الأردن نفسه محاصرًا في زاوية ضيقة من الجغرافيا والسياسة، بلا غطاء إقليمي حقيقي ولا مظلة دولية عادلة، ليُجبر على التعامل مع مأزق سيادي بالغ الخطورة لا بصفته صاحب قرار ، بل كمن تُرك وحيدًا أمام عاصفة إقليمية عاتية، يُدفع دفعًا إلى خيارات مفروضة، إما أن يتخذ قرارًا تاريخيًا بالمواجهة، أو يُساق نحو المصير ذاته ، وتُنتزع منه القدرة على الاعتراض، ويُختزل دوره إلى توقيع على مخطط أُعدّ مسبقًا.
المشروع الإسرائيلي لا يقف عند حدود الأردن، بل هو خطة متكاملة تشمل إعادة تشكيل الخارطة من جنوب لبنان إلى شرق سوريا، وصولًا إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن. احتلال غزة ليس هدفًا بحد ذاته، بل بوابة للسيطرة الكاملة على معادلة فلسطين، تمهيدًا لخلق شرق أوسط يُعاد رسمه على مقاس الأمن الإسرائيلي. تفكيك الضفة وتحويلها إلى جيوب منزوعة السيادة، وضم أراضيها تدريجيًا، وتسويق الأردن كـ(خزان جغرافي ديموغرافي)، ليست مواقف متطرفة، بل قرارات استراتيجية تتبلور في قلب تل أبيب، وتُناقش في العلن دون خجل.
في هذا السياق، يصبح السؤال الجوهري: هل يتحرك الأردن لحماية نفسه من الداخل والخارج؟ أم يُترك لينزلق تدريجيًا إلى سيناريو أخر؟ المؤشرات لا تطمئن. موجات التهجير قد تبدأ فجأة، والاختراقات الأمنية قد تُفتعل بحرفية، وقد تستخدم أدوات كمبرر لتدويل الوضع الأردني لاحقًا، ضمن صفقة إقليمية ترسم ملامح ما بعد الدولة الوطنية.
ليس أمام الأردن ترف التردد. اللحظة مفصلية، والتهديد وجودي، والصمت لم يعد خيارًا آمنًا، بل خطرًا استراتيجيًا. إن لم تتحرك عمّان الآن، ضمن تحالف عربي حقيقي يواجه مشروع إسرائيل الكبرى قبل أن يكتمل، فإن السيناريوهات البديلة ستكون كابوسية: تفكيك تدريجي للدولة، فقدان السيادة على القرار الديموغرافي، ثم تحوّل الأردن من دولة إلى وظيفة، ومن هوية إلى مساحة عبور.
الرسالة إلى صانع القرار الأردني باتت أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، لا منطقة رمادية بعد اليوم. إما أن تكون سدًا منيعًا في وجه هذا الزحف التوسعي، أو تتحول، ببطء وصمت وتحت عنوان "العقلانية"، إلى البوابة الخلفية لدفن القضية الفلسطينية... ومعها باقي الدول المحيطة . وإن لم يُواجه هذا المشروع في لحظته التأسيسية، فلن تبقى دولة للتفاوض عليها، ولا هوية للدفاع عنها، ولا شعب قادر على المقاومة.
المعادلة الآن حاسمة، مواجهة أو اندثار. الحياد لم يعد مجديًا، والرهان على الوقت ليس إلا انتحارًا مؤجلًا. من لا يردع "إسرائيل الكبرى" اليوم، سيُفاجأ بها على عتبات الدول حولها، ولكن بعد أن يكون الوقت قد فات.فهل نفعل؟...
شريط الأخبار "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا غوغل تكشف أبرز مواضيع بحث الأردنيين في 2025 استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد مراسم الاستقبال الرسمي لبوتين أمام القصر الرئاسي في نيودلهي (فيديو) حفل سحب قرعة كأس العالم 2026 اليوم أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غداً وفيات الأردن اليوم الجمعة 5/12/2025 "شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر": ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر بعد اجتماع ديسمبر.. الفدرالي الأميركي يستعد لثمانية اجتماعات حاسمة في 2026! وزير العمل: شبهات اتجار بالبشر واستغلال منظم للعمالة المنزلية الهاربة اتفاق أردني سوري لإنعاش الأحواض الشمالية قريبا هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد حماس: نتوقع حدوث محاولة اغتيال في دولة غير عربية انخفاض سعر صرف الدولار إلى ما دون 76 روبلا للمرة الأولى منذ 12 مايو 2023 آخر موعد للتقديم على المنح والقروض من "التعليم العالي" وزارة اردنية الافضل عربيا من هي ؟ العراق يتراجع عن إدراج حزب الله والحوثيين على قوائم الإرهاب