روّج ترامب لقرارات الرسوم الجمركية بأنها ستؤدي إلى إنعاش قطاع الصناعة في أمريكا وأن الشركات التي لديها مصانع خارج أمريكا ستعود. ولكن إذا عدنا إلى التاريخ، سنجد أنه بعد أن دخلت أمريكا حالة ركود وتضخم كبير في السبعينات والثمانينات، ولمعالجة هذه الحالة، تم توظيف صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، والبنك الدولي بهدف فتح دول العالم للشركات الأمريكية بحيث تتمكن الشركات الأمريكية من نقل مصانعها إلى الصين وفيتنام وغيرها من دول العالم، حيث الأيدي العاملة رخيصة والمواد الخام أقل تكلفة، وبالمحصلة تكلفة الإنتاج انخفضت بشكل كبير – أقل بكثير من تكلفة الإنتاج في أمريكا.
فالتوجه نحو الانفتاح الاقتصادي وتحرير اقتصاديات العالم، وتأسيس مناطق التجارة الحرة في العديد من دول العالم، كان الهدف الرئيس منه هو تحقيق مصالح الشركات الأمريكية وتعظيم حجم أرباحها – وفي نفس الوقت تشغيل دول العالم كخدم لها واستغلال المواد الخام في تلك الدول. وعندما أدركت الإدارة الأمريكية حجم الكارثة الاقتصادية التي تنتظرها، بدأت تتخبط وتفتش عن مخرج لها في أي مكان، فمثلا: لماذا يتفش عن المعادن الثمينة ال 34 معدن، لذا ينادي ترامب بالسيطرة على كندا، وجزيرة جرينلاند، ويريد توقيع اتفاقية المعادن مع أوكرانيا، ويحاول التقرب من بوتين. هذه الدول تمتلك النسبة الأكبر من الاحتياطي العالمي من هذه المعادن النادرة. كل ذلك في محاولة لإعادة الحياة إلى الصناعة الأمريكية لمواجهة الصين التي تمتلك احتياطي كبير من هذه المعادن.
لن يحقق فرض الرسوم الجمركية الهدف المنشود لأن تكلفة انتاج ستتضاعف ولن تستطيع هذه الشركات بيع منتجاتها خارج أمريكا أو داخلها. ترامب يريد بقرارات الرسوم الجمركية إعادة الصناعة إلى أمريكا! فهل ستقوم شركة أبل أو تسلا بنقل مصانعها من الصين إلى أمريكا؟ مستحيل!
ما رأيك يا "إلن ماسك" يا حبيب ترامب؟ هل تتوقع أن يحدث هذا؟ يستطيع ترامب أن يسأل صديقة المقرب إلن مسك: هل أنت على استعداد يا مسك على إعادة مصانع شركتك من الصين إلى أمريكا؟ إذا أجاب لا. إذا جميع هذه القرارات هي تخبط وعشوائية وغير عقلانية. وإذا أجاب (نعم) أي أنه مستعد لإعادة مصانع شركة تسلا إلى أمريكا ستعلن شركة تسلا إفلاسها في اليوم التالي وتصبح ثروة مسك تؤول إلى الصفر.
ولو فرضنا جدلا أن الشركات الأمريكية التي تملك مصانع خارج أمريكا ستعود إلى أمريكا، ماذا سيحصل؟ ستحصل كارثة أكبر، لأن تكلفة انتاج سلع هذه الشركات ستقفز أضعاف التكلفة الحالية وبالتالي لن يكون هناك من يشتري هذه السلع سواء داخل أمريكا أو خارجها، وستنهار هذه الشركات. وستسيطر الصين وكوريا واليابان على كافة الأسواق العالمية.