عندما رأيت أبي يبكي !

عندما رأيت أبي يبكي !
رشاد ابو داود
أخبار البلد -  

كان السؤال في المقال السابق « هل صرتم بعثيين؟» الجواب لا. ولا شيوعيين أو فتحاويين أو جبهويين. ليس عدم ايمان بالقضية الفلسطينية التي «كانت « قضية العرب المركزية. ففي تلك السنين، أعني 1968 – 1970، كانت الجامعة ثلثاها سياسة وثلثها دراسة. الطلبة العرب كان لكل بلد اتحاد. اغلبها كانت، على ما أذكر في الصالحية قبل دوار عرنوس. الاتحادات كانت ملتقى للطلبة أكثر من الجامعة والندوات أكثر من المحاضرات والشعارات أعلى من الامكانيات.

لأن أحدنا كان ابن خضرجي والثاني ابن موظف بلدية شريف نظيف اليد والثالث ابن عسكري يعيل أسرة من سبعة أفراد فكان كل واحد من أولئك الآباء بالكاد يدبر الثلاثة عشر ديناراً لمصروف ابنه الشهري. علاوة على أننا كنا أبناء الزرقاء مدينة العسكر والمخيم والفقراء. فقد كان اهتمامنا يتركز على الدراسة والعودة الى الآباء المتعبين بالشهادة الجامعية لنعمل و»نشيل كتف» مع الوالد في تكاليف أسرة كنا أكبر أبنائها.

كان للزرقاء هوية خاصة بها. تعددية نموذجية ناجحة. تجمع ناس من معان والسلط واربد والرمثا والشوبك والمفرق. ومن يافا واللد والرملة وصفد وحيفا ونابلس وجنين وطولكرم ومن الشيشان والشركس والشام. كانوا كلهم اما عائلات عسكر ألحقوا بهم عائلاتهم ليذهبوا الى أولادهم كل يوم بدل أن يبقوهم في قراهم ولا يتمكنوا من رؤيتهم الا في الاجازة الأسبوعية، أو كانوا موظفي دولة أو مدرسين ,يستأجروا بيتاً بثلاثة دنانير ومن لم يكن عسكرياً أو موظفاً كان تاجراً أو صاحب مطعم فلافل وفول وحمص أو سائقاً أو خياطاً أو حداداً. مجتمع منتج متكامل من شتى المنابت والأصول.

لم يكن مطروحاً سؤال من أين أنت أو ما دينك. الكل كان من الزرقاء وكفى. حارات متداخلة متشابكة لا مشتبكة والمحبة عنوان الجميع.

في الشام أمضينا نحن الثلاثة سنوات الدراسة معاً. في آخر كل سنة دراسية نترك البيت الذي نسكنه لكي لا ندفع أجرة ثلاثة شهور العطلة. وحين نعود نسكن بيتاً غيره. من القصاع الى الشعلان الى ركن الدين الى المزرعة الى الصالحية الى المهاجرين وهكذا.

لاحقاً اكتشفت لماذا لم اتعاطى السياسة، فحادثة وحيدة ربما ترسخت في تفكيري دفعتني بهذا الاتجاه. وهي

عندما احتلت اسرائيل في حرب 1967 الضفة والجولان وسيناء ومزارع شبعا في جنوب لبنان في ستة أيام. شهدت الزرقاء موجة نازحين من الضفة. كنت واقفاً في دكان أبي. جاءت فتاة تحمل كيساً ورأيت أبي يملأ لها الكيس بكل أنواع الخضار لديه من دون أن يزنها ومن دون أن يأخذ منها نقوداً. ذهبت الفتاة واذ بأبي يجلس منهاراً على صحارة كجبل دمره زلزال ويبكي بحرقة. لكأن دماً كان يملأ عينيه.

لأول مرة أرى أبي يبكي. خفت وسألته : ما بك؟ لم يجب. كررت السؤال : ماذا جرى يابا؟

مسح دموعه بكم قميصه وقال : هل رأيت تلك الفتاة؟ قلت نعم رأيتها. قال : انها نازحة من الضفة. لقد ذكرتني بحالتنا عندما هجرونا من يافا في نكبة عام 1948.

منذ تلك المرحلة من عمري أدركت أن السياسة لا تعيد أرضاً محتلة. وما يعيدها سوى قوة السلاح. ومع أن أي حرب لا بد أن تنتهي الى التفاوض لكن القوي المنتصر هو الذي يفرض شروطه وما على الطرف الضعيف سوى أن يرضخ ويقبل و..يقبِّل يد قاتله !!

شريط الأخبار الحكومة: لن نتهاون مع أي جهة أو شخص يروج لمعلومات كاذبة أو مضللة تمس مشاريع الدولة إعلام رسمي إيراني: تدريبات بالصواريخ في عدة مدن "الصحة النيابية": تخفيض ضريبة على السجائر الإلكترونية يشجع على التدخين أم مصرية تعرض اطفالها للبيع بسبب الفقر "القانونية النيابية": إلغاء جميع الاستثناءات في معدل قانون المعاملات الإلكترونية 3 قنابل ثقيلة من مصطفى العماوي الى البريد الأردني.. هل يستطيعون الاجابة ؟ الديوان الملكي ينشر صورة من اجتماع للملك بالعيسوي وزير للنواب: امانة عمان بلدية قلق واحتقان وملفات وشكاوى من الموظفين تضرب بقوة بمؤسسة صحية وجهات رقابية تتابع الملفات النواب يقر مشروع قانون معدل للمعاملات الإلكترونية لسنة 2025 السلامي .. هل يجيز القانون الأردني والمغربي الجمع بين الجنسيتين؟ محافظة العاصمة حكاية تُحكى وتُروى مبنى له معنى .. السلطة في قلب عمان نائب: قرابة ربع مليون مركبة غير مرخصة بالأردن الرياطي: محاسبة انتقائية أم عدالة واحدة؟ دماء العقبة لن تُنسى والصمت غير مقبول صندوق النقد: تمديد سن التقاعد ضمن خيارات الضمان إصابة جديدة جراء استخدام مدفأة "الشموسة" المنارة الإسلامية للتأمين تحصد المركز الأول في هاكاثون الابتكار في التأمين 2025 وفيات الإثنين 22 - 12 - 2025 انفجار ڤيب في فم شاب عشريني يُحوّله إلى مأساة صحية خلال ثوانٍ كلاب ضالة تنتهك حرمة مقبرة سحاب الإسلامية… مشاهد صادمة .. صور