أمين معلوف إذ يتذكّر غزّة

أمين معلوف إذ يتذكّر غزّة
زياد بركات
أخبار البلد -  

لا نطالب الكتّاب الفرنسيين، كلّهم أو بعضهم، بمتابعة حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزّة، فلديهم مشاغلهم التي قد لا تكون غزّة، بل الشرق الأوسط كلّه، من ضمنها، وإذا فعلها أحدُهم وكتب مُندّداً بإسرائيل والدعم الأميركي غير المحدود لها، فذلك استجابة لما يراه دوراً للمثقَّف يتجاوز محيطه المحلّي، وربّما انشغالاته المتخصّصة.

ينطبق الأمر على أمين معلوف، وهو كاتب فرنسي يُخطئ كثيرون عندما يُعرِّفونه بالفرنسي - اللبناني. صحيح أنّه من مواليد بيروت، لكنّ نظرةً إلى سيرته التعليمية في لبنان توضّح ما نشير إليه، فقد التحق في طفولته بمدرسةٍ كاثوليكيةٍ فرنسيةٍ (سيّدة الجمهور)، وبجامعة القدّيس يوسف (الفرانكوفونية)، عندما كبر، ما يعني انتماءَه للثقافة الفرنسية بشكل تأسيسي. لذلك، من الطبيعي أن يقارب القضايا التي ينشغل فيها من موقعه هذا، فحتّى عندما كان يعيش في المنطقة كان جزءاً من سواها، ثقافةً وتكويناً وزوايا نظر، ولا يُلام في هذا، بل يُلام من يُحمّله ما لا طاقة له به، وما لا يتّسق ويتساوق مع تكوينه.

بعد أكثر من ثلاثمائة يوم من حرب الإبادة على قطاع غزّة، كتب معلوف للمرّة الأولى رأياً له في المذبحة المفتوحة، التي لو كانت في حقّ بوذيِّي التبت لكُتبت عنها الكتب، وأُنتجت لها الوثائقيات والوقفات في العواصم الغربية، والمناحات أمام المؤسسات الدولية، لكنّ نصيبها كان سطراً واحداً تقريباً لدى معلوف. كتبه في حسابه في موقع التواصل الاجتماعي إكس، ورأى فيه أنّ الإبادةَ الجماعيةَ بحقّ الشعب الفلسطيني في غزّة (ونحمد الله أنّه اعترف بها) تُضعِف السلطة الأخلاقية للولايات المتّحدة، وتُشوّه صورةَ الدول الغربية. ... سطر واحد لم تُذكر فيه إسرائيل على الإطلاق. لم تُذكر مذابحها ولم تُنسَب لها لتتحمّل مسؤولياتها، كأنّ القاتل مُجرَّد فكرةٍ، شبحٍ، لا جدوى من ذكره أو الدعوة لملاحقته.

قد يقول قائل إنّ المنبر الذي كتب فيه معلوف (إكس) لا يتيح إسهاباً بل إيجازاً في القول، ما جعله يَقْصر تنديدَه الخجولَ على واشنطن والدول الغربية، لكنّ فرصةً أخرى أتيحت له ليقول، لا ليكتب، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عندما استضافته "فرانس 24" في مقابلة نحو 20 دقيقة، وسُئِل فيها عن غزّة أو عن حرب الإبادة فيها وعليها، فلم يُسهب ولم يتألّم لهذه الضحية أو تلك، بل قفز إلى فضاء التحليل الاستراتيجي الذي يُدرِج الحرب في سياق الصراع بين الغرب من جهة، وروسيا وإيران من جهة أخرى.

الكتابة غير القول، وهي مُتبصّرة، تعرف رسالتها وجمهورها المُستهدَف، وتعكس مشاغلَ كاتبها، ويبدو أنّ الكاتب الفرنسي الكبير غير معنيٍّ، لا كتابةً ولا قولاً، أو أنّه لا يرغب في التورّط بمقاربة وقائعَ نعيشها اليوم لا في القرون الوسطى، فيُحسَب عليه موقفٌ يَحرِصُ على عدم الجهر به، سواء كان هذا الموقفُ ضدّ المجزرةِ ومع ضحاياها أو تحميلاً المسؤوليةَ للفلسطينيين، فهل سبب ذلك رغبةٌ لا واعيةٌ بترك تلك المنطقة (الشرق الأوسط) وراء ظهره تماماً، بعدما تركها وصنع مجدَه في بلاده فرنسا، كاتباً كبيراً وأميناً عامَّاً للأكاديمية الفرنسية؟... ربّما، لكنّ تفسيراً كهذا عليه ألا يُغفل انحيازات معلوف السياسية، وهي تقوم على التعالي فوق الصراعات لا الانخراط فيها، والتعالي انحيازٌ بالمناسبة، فالصراع "هناك"، وليس "هنا"، وهو (الصراع) ينتمي إلى القرون الوسطى والديانات والغرائز وتكوينات ما قبل الدول. إنّه في الماضي وإن كانت وقائعه تجري أمام أعيننا، وينتمي إلى حقبةٍ تجاوزها العالم تماماً بعد الحرب العالمية الثانية، إذ تسعى الدولُ المُتحضّرةُ إلى التسويات، إلى حلّ الصراعات، وهو ما لا يحدث في الشرق الأوسط.

حسناً، حتىّ لو صحَّ هذا، ألا يقتضي شرحاً أو إسهاباً في التحليل قد يخرج منه المُتلقّي بموقف واضح لمعلوف؟ ولماذا لم يقله عندما استضافته قناة آي 24 الإسرائيلية في يونيو/ حزيران عام 2016 ليتحدَّث عن كتابه "كرسيٌّ على السين"، على الأقلّ ليظهر في مظهر من يُساوي بين إسرائيل والفلسطينيين؟... أسئلة وسواها تُؤكّد ربّما أو تقود إلى استنتاج أنّ الرجلَ في ما يبدو لا يرى إسرائيلَ جزءاً من كيانات القرون الوسطى المتصارعة في العصور الحديثة، بل جزءاً من العالم المعاصر، الذي يُحارِب العوالم القديمة والمظلمة؛ إنّه مُجرَّد فرنسي لا يريد حتّى أن يرى عندما يتعلّق الأمر بإسرائيل.
شريط الأخبار العثور على جثة شخص مفقود بمنطقة اللجون في الكرك كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي أعمال تعبيد في عمان بمساحة 500 ألف متر مربع وبكلفة 3 ملايين دينار إعلان أمريكي مرتقب بشأن "الإخوان المسلمين" الأرصاد: طقس بارد نسبيا وتحذيرات من الضباب والصقيع خلال الأيام المقبلة الأردن يرحب بتعيين برهم صالح مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تأخير بدء امتحانات الطلبة في لواء البترا السبت الشرق الأوسط للتأمين راعٍ ذهبي للمعرض والمؤتمر الأردني الدولي للشحن والتخليص والخدمات اللوجستية وتشارك بخبرتها الريادية في التأمين البحري الملك للنشامى.. " حظ الأردن بكم كبير يا نشامى، وكلنا فخورون بكم وبما حققتم" لجنة التأمين البحري في الاتحاد الأردني لشركات التامين تشارك في مؤتمر ومعرض JIFEX 2025 في العقبة ولي العهد يبارك للمغرب بطولة كأس العرب ويشكر قطر على حسن التنظيم النشامى يصلون إلى أرض الوطن بعد تحقيقهم الوصافة في بطولة كأس العرب مذكرة احتجاج بشأن الأداء التحكيمي في مباراة الأردن والمغرب من هو رئيس محكمة استئناف عمان الجديد الأردن يرحب بقرار إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر وفيات الجمعة 19 - 12 - 2025 الاتحاد الأردني لكرة القدم يعلن موعد عودة النشامى إلى عمان الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ الأمن العام: خذوا تحذيراتنا على محمل الجد... الشموسة أداة قتل أجواء باردة في أغلب المناطق.. وتحذيرات من تدني مدى الرؤية الأفقية