يواصِل مُجرم الحرب بنيامين نتنياهو رفع عقيرته, مُهدداً أكثر من طرف وفي أكثر من إتجاه, بعدما وصل إلى طريق مسدود, حاصداً الفشل في حرب الإبادة والتهجير والتجويع التي يشنها بشراكة ميدانية, سياسية, دبلوماسية وإعلامية أميركية, على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
جديد نتنياهو ليس فقط إعلانه «رسميّاً» دفن ما سُميَ زوراً «اقتراح بايدن», الذي حاز موافقة مجلس الأمن الدولي عبر القرار 2735, بقوله/نتنياهو للقناة الصهيونية «14»: أنه لن يُوقف الحرب على غزة, حتى لو تم إطلاق بعض الأسرى وإنتهاء المعارك الشديدة في مدينة رفح, لأنه يبحث عن «فلسطينيين» لإدارة القطاع وعودة الإدارة المدنية «الإسرائيلية» إلى غزة, وإلقضاء على حركة حماس عسكرياً و«سلطوياً», بل خصوصاً في تلويحه العلني بأن إسرائيل ستستخدِم «أسلحة لم تستخدمها من قبل مُطلقاً (لم يحدد طبيعتها) للتعامل مع حرب مُحتملة مع حزب الله في لبنان»، وذلك لـ«حسمها سريعاً وعدم الانجرار إلى حرب طويلة». على ما نقلت قناة «12» العبرية - وهي قناة غير حكومية/ خاصة, تتميز بمصادرها الموثوقة نسبياً, وارتفاع عدد مشاهديها مقارنة بالقنوات الرسمية والحزبية الأخرى, مثل القناة 14 المؤيدة لنهج نتنياهو - عن مصادر مُطلعة لم تُسمِّها إن «إسرائيل بعثت رسالة بهذا التهديد إلى البيت الأبيض الأميركي».
وبصرف النظر عما إذا كان ذلك التهديد يندرج في إطار التصعيد الإعلامي والحرب النفسية لإستعادة قوة «الردع» الصهيوني على الجبهة اللبنانية, الذي بات من الماضي على ما تؤكد وقائع الأشهر الثمانية الماضية, ودخول المواجهة المُتدحرجة بين حزب الله وجيش العدو الصهيوني, فصولاً مُتسارعة من التصعيد, يبقى السؤال الذي يطرح نفسه أمام هذا التهديد الصهيوني «المُفاجئ والمُتغطرس», هو ما «نوعية» هذا السلاح وما خطورته, بل هل أبقى جيش الفاشية الصهيونية سلاحاً من أي نوع يمكن إستخدامه براً وبحراَ وجواً وقنابل ثقيلة, لم يستخدمها في حربه الوحشية على القطاع الفلسطيني؟, اللهم إلا إذا كان نتنياهو وجنرالات جيش القتلة يقصدون السلاح » النووي» سواء كان تكتيكياً أم استراتيجياً؟.
يُكثر نتنياهو إطلاق تصريحاته المُتشنجة, سواء في ما خص الأزمة التي افتعلها مع إدارة بايدن, بحجة تلكّؤها في إمداد جيشه بالأسلحة, أم خصوصاً في إتجاه مُعارضيه وخصومه في الداخل. إن لجهة حزبه/ الليكود وأيضاً داخل إئتلافه الحكومي, وهذه المرة تجاه حِزبَيّ شاس/ أرئيه درعي وحاخامات «يهدوت هاتوراه», خاصة في ما يتعلق بقانون تجنيد الحريديم, حيث يُعارض نواب من الليكود هذا القانون ويُلوحون بعدم التصويت عليه, ما أضطر نتنياهو إلى عدم طرحة للتصويت بالقراءتين الثانية والثالثة.
هذا من جهة, أما التطور الأكثر خطورة على نتنياهو وحكومته, فهو حراك الشارع الصهيوني الذي وصل ذروته مساء السبت الماضي, بنزول أزيد من 150 ألف متظاهر الى الشوارع في تل أبيب والقدس المحتلة ومدن وبلدات عديدة, مُطالبين باستقالة نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة, دون إهمال حراك أهالي الأسرى الصهاينة, وإتهامهم نتنياهو بأن حياة أبنائهم لا تَهمّه, داعين إياه إلى عقد صفقة مع حركة حماس «بشروطها». ناهيك - وهذا لافت للإنتباه ومؤشر على ارتفاع منسوب التوتر بين الشارع الصهيوني, مُتعدد المشارب والإتجاهات, وبين الإئتلاف الفاشي الذي يرأسه نتنياهو - حيث أعلن متظاهرو السبت الماضي وبينهم وزراء سابقون وجنرالات وقادة أحزاب وأعضاء كنيست وأدباء وإعلاميون وفنانون, عن يوم «السابع من تموز» الوشيك, موعداً لبدء إضراب شامل في عموم قطاعات ومرافق الكيان الغاصب.
وإذا كانت الولايات المتحدة قد سارعت إلى إعلان وقوفها إلى جانب الكيان الصهيوني, حال إندلاع حرب مع لبنان/حزب الله, لافتة أنها لن تُرسل جنودا على الأرض للمشاركة في الحرب المُحتملة, ثم ما لبثت أن سرّبت أمس/الإثنين بعد أن وَجّهت حاملات طائراتها وغواصاتها ومُدمراتها إلى البحر الأبيض المتوسط, أنها قد «تَعدِلُ» عن مساندة الدولة الصهيونية, بذريعة أنها ستولي إهتمامها لسلامة قواتها وقواعدها في المنطقة, متوقعة بذلك أن تتوسّع الحرب ولن تبقى مُقتصرة على الجبهة اللبنانية, فإن هذا التردّد/ الإرتباك الأميركي الذي يعكس من بين أمور أخرى, ضعفاً واضحاً لإدارة بايدن, تجاه «تمرّد» نتنياهو, الذي لا يخفي إستهانته ببايدن, تماماً كما إستهان بباراك حسين أوباما, عندما ذهب إلى الكونغرس 2017 بدعوة من الجمهوريين, لإلقاء خطاب تحدّى فيه أوباما, وهو يستعد إلى تكرار «خطابه» مرة أخرى في تموز القريب, لكن بدعوة من نواب وشيوخ من الحزبين الجمهوري والديموقراطي.
في السطر الأخير من المبكر التكهن بما ستحمله الأيام بل الساعات القليلة المقبلة, من مفاجآت وتطوّرات وربما إنهيارات وإستقالات, إلا أنه من غير التسرّع القول إننا أمام أسبوع حاسم.. سلباً أم إيجاباً, يبدو فيه مُجرم الحرب/نتنياهو مُحاصِراً ومأزوماً وهنا تكمن الخطورة أيضاً.