نمعن النظر ونعمق التفكير بما يريده ممن خرجوا عن دائرة الصواب والفعل الرشيد، كنا أول من خرج ليرفع صوته ويقول كلمته التي قلناها منذ بداية الحرب على غزة، منذ بدايات هذه الإبادة الجماعية والشعب بأكمله ينادي في كل مكان وخرج للشوارع يهتف من أجل إعطاء أهلنا في غزة الحق في الحياة الطبيعية ووقف هذه المجازر الدموية، واختلفت حياتنا وعيشتنا وكأننا في غزة نشعر بما يشعرون.
مناطقنا في مملكتنا المنتمية لأمتها، كانت مسرحا حيا ومباشرا للتعبير عن دعمنا ومساندتنا لأهلنا في غزة، لم يغب الصوت الشعبي الأردني عن ساحات هذا الوطن وبكل قوة كان صوتنا هو المعبر والمنتمي لما يمر به قطاع غزة، طفلنا وشيخنا شبابنا ونساؤنا كنا نبعث رسائل يومية للعالم بأن غزة لن تكون لوحدها في مواجهة كيان خرج نهائيا من الطبيعة البشرية، كيان بدأ يتلاشى من الحضور العالمي بعدما بدأت دول راعية له بالانسحاب من هذا رعاية ودعم هذا الكيان الذي يعبر عن سوداوية هذه الحياة، لهذا شاهدنا كيف لفظ العالم هذا الكيان.
يقابل هذا الجهد الأردني غير المسبوق في الوقوف مع الأشقاء في غزة بوقفات من القلة تحارب هذه الدولة، عندما يكون جلالة الملك بنفسه يقوم بعمليات الإنزال الجوي لتقديم المساعدات، أليس هذا فوق المعقول ولم نشاهد مثله من أي جهة أخرى، كان الملك بيده يقوم بالتجهيزات لتلك الإنزالات وشاهد العالم جسارته وشموخه وهو يبذل وقته لأجل مساندة الأهل في غزة.
ما يحدث في الأيام الأخيرة في بعض مناطق المملكة شيْ يجبرك أن تفكر جيدا، هل ما نقوم به لا يكفي أو لا يستفيد منه أهلنا في غزة؟ هل كثافة التحرك السياسي والأردني لا يرتقي لمستوى الحدث؟ هل فعلنا لا يرقى لمستوى ما يقدمه الاخرون؟ هل التعدي على الوطن ورجال الأمن والممتلكات والهتافات المسيئة للوطن يفيد أهل غزة؟، كثيرة الأسئلة التي أجبرنا هؤلاء القلة على البحث عن أجوبة لها.
لهم ولمن يوجههم نقولها وبكل وضوح أننا نختلف عن الآخرين في هذا البلد، نحن تربينا منذ التأسيس على أن نكون إلى جانب شقيقنا العربي بكل ما نمتلك من قدرات ولا نبالي بمن يغرد خارج السرب، هذا الوطن تحمل الكثير وسيبقى يتحمل الكثير لإيمانه الراسخ بقوة التعاضد والتماسك بين أبناء هذه الأمة، اختفوا وابتعدوا لنعمل لأجل من يحتاج الدعم والمساعدة, لنكون جميعنا في صف غزة وإنقاذها مما تمر به.