من المتوقَّع أنْ يعود, إلى عمَّان, اليوم, خالد مشعل, رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس, برعاية قطريَّة خاصَّة. وتجدر الإشارة إلى أنَّه كان قد غادرها, أيضاً, قبل سنوات, برعاية قطريَّة خاصَّة. وكانت الأخبار قد تواترت, مؤخّراً, عن مساعٍ وضغوطات وإغراءات قطريَّة لإقناع عمَّان بالموافقة على عودة قادة حماس إليها.
وباستثناء عامل الرعاية القطريَّة, هذا, لحماس وللإسلام السياسيّ عموماً, فإنَّ أموراً أساسيَّة كثيرة تغيَّرتْ بين تاريخيْ مغادرة مشعل لعمّان وعودته إليها. فعندما غادرها كان يُنظر إليه كقائد حركة مقاومة تحاربها "إسرائيل" وامريكا ودول المنطقة التابعة. وكان أعداء حماس (وأصدقاؤها) يصنِّفونها ضمن معسكر المقاومة والممانعة.
أمَّا اليوم, فحماس جزء من التفاهم الدوليّ والإقليميّ مع الإسلام السياسيّ, ما يجعلها أقرب إلى ما يُسمَّى معسكر "الاعتدال العربيّ"; كما أنَّها الإطار السياسيّ الفلسطينيّ الذي يتمّ تأهيله عربيّاً ودوليّاً ليحلّ محلّ سلطة رام الله ويقوم بدورها, وينفِّذ السياسات نفسها التي كانت تنفّذها, مع تغيير المسمّيات فقط, كلّما اقتضت الشكليَّات العقائديَّة ذلك. وعلى سبيل المثال, فالتعامل مع الواقع الذي كرَّسته اتِّفاقيَّات أوسلو ستتمّ تسميته "هدنة" غير محدَّدة الأجل.
وقد لاحظ كثيرون, بحقّ, أنَّ المصالحة الفلسطينيَّة التي جرت, مؤخّراً, في القاهرة, كانت أشبه بعمليَّة استلام وتسليم. ولذلك, فقد كان محمود عبَّاس معنيّاً في المؤتمر الصحافيّ الذي أعقب اتِّفاق المصالحة, أنْ يشدِّد على أنَّه "لا توجد أيّ خلافات إطلاقاً الآن بيننا (يقصد حماس والسلطة) واتفقنا على أنْ نعمل كشركاء بمسؤولية واحدة."
من الواضح أنَّه أراد استغلال هذه اللحظة ليؤكِّد أنَّ الخصومة بين السلطة وبين حماس لم تكن في الغالب على أسس سياسيَّة مبدئيَّة. وبتشديده على كلمة "إطلاقاً", بدا أنَّه يتحدَّى مَنْ لديه كلامٌ آخر أنْ يقوله.
ولم يقل أحدٌ كلاماً آخر, رغم أنَّ مشعل وقادة حماس كانوا يجلسون إلى جانبه في المؤتمر الصحافيّ. بل إنَّ مشعل أكَّد على كلام عبَّاس وقال: "أُطمئنُ شعبنا والأمَّة العربيّة والإسلاميَّة أنَّنا فتحنا صفحة جديدة كبيرة حقيقيَّة من الشراكة بكلّ ما يتعلَّق بالبيت الفلسطينيّ".
وكان مشعل قد خطا خطوة مهمَّة بهذا الاتِّجاه, قبل أشهر, فأبدى قبوله بحدود ال¯67 وأعطى مهلةً للسلطة لاستكمال المفاوضات مع "إسرائيل". وهو الموقف الذي لم يرفضه في حماس, علناً, سوى القياديّ البارز فيها محمود الزهَّار. وللأمانة, فقد كرَّر الزّهّار رفضه لجميع الخطوات الأخرى المخالفة للمواقف السابقة للحركة, وردَّتْ الحركة عليه, كلّ مرَّة, مِنْ خلال ناطقيها الرسميين, مؤكِّدةً أنَّه يعبِّر عن رأيه الشخصيّ فقط.
ومن الملاحظ أنَّ هذا التحوّل جاء منسجماً مع سلسلة التطمينات الشهيرة التي قدَّمتها حركات الإسلام السياسيّ في عددٍ من الدول العربيَّة ل¯"إسرائيل" وامريكا.
ويأتي مشعل إلى عمَّان الآن في ظلّ استضافتها المتكرِّرة مؤخّراً للمفاوضات الفلسطينيَّة الإسرائيليَّة, وفي سياق التفاهمات الدوليَّة والإقليميَّة مع الإسلام السياسيّ, والترتيبات السياسيَّة المحليَّة المطلوبة من الخارج, التي تتولَّى الحكومة المستقبِلة له تنفيذَها.
ولذلك, فهناك فرق كبير جدّاً بين ظروف وداع مشعل, قبل سنوات, وبين ظروف استقباله الآن; فعندما غادر عمّان, آنذاك, كان موضع تعاطف كبير من الرأي العامّ المحليّ بمختلف ألوانه ومكوِّناته, وكان ترحيله موضع رفضٍ وإدانة. أمَّا الآن, فمنذ بدأت الأخبار تتسرَّب عن احتمال عودته, بدأتْ أوساط شعبيَّة مختلفة تعبِّر عن رفضها لها وتشكيكها في أهدافها. بل لقد بلغ الأمر حدّ أنْ تُرفع شعارات حادَّة وصريحة, ضدَّ هذه العودة, في بعض مسيرات الحراك الشعبيّ في المحافظات.
وباستثناء عامل الرعاية القطريَّة, هذا, لحماس وللإسلام السياسيّ عموماً, فإنَّ أموراً أساسيَّة كثيرة تغيَّرتْ بين تاريخيْ مغادرة مشعل لعمّان وعودته إليها. فعندما غادرها كان يُنظر إليه كقائد حركة مقاومة تحاربها "إسرائيل" وامريكا ودول المنطقة التابعة. وكان أعداء حماس (وأصدقاؤها) يصنِّفونها ضمن معسكر المقاومة والممانعة.
أمَّا اليوم, فحماس جزء من التفاهم الدوليّ والإقليميّ مع الإسلام السياسيّ, ما يجعلها أقرب إلى ما يُسمَّى معسكر "الاعتدال العربيّ"; كما أنَّها الإطار السياسيّ الفلسطينيّ الذي يتمّ تأهيله عربيّاً ودوليّاً ليحلّ محلّ سلطة رام الله ويقوم بدورها, وينفِّذ السياسات نفسها التي كانت تنفّذها, مع تغيير المسمّيات فقط, كلّما اقتضت الشكليَّات العقائديَّة ذلك. وعلى سبيل المثال, فالتعامل مع الواقع الذي كرَّسته اتِّفاقيَّات أوسلو ستتمّ تسميته "هدنة" غير محدَّدة الأجل.
وقد لاحظ كثيرون, بحقّ, أنَّ المصالحة الفلسطينيَّة التي جرت, مؤخّراً, في القاهرة, كانت أشبه بعمليَّة استلام وتسليم. ولذلك, فقد كان محمود عبَّاس معنيّاً في المؤتمر الصحافيّ الذي أعقب اتِّفاق المصالحة, أنْ يشدِّد على أنَّه "لا توجد أيّ خلافات إطلاقاً الآن بيننا (يقصد حماس والسلطة) واتفقنا على أنْ نعمل كشركاء بمسؤولية واحدة."
من الواضح أنَّه أراد استغلال هذه اللحظة ليؤكِّد أنَّ الخصومة بين السلطة وبين حماس لم تكن في الغالب على أسس سياسيَّة مبدئيَّة. وبتشديده على كلمة "إطلاقاً", بدا أنَّه يتحدَّى مَنْ لديه كلامٌ آخر أنْ يقوله.
ولم يقل أحدٌ كلاماً آخر, رغم أنَّ مشعل وقادة حماس كانوا يجلسون إلى جانبه في المؤتمر الصحافيّ. بل إنَّ مشعل أكَّد على كلام عبَّاس وقال: "أُطمئنُ شعبنا والأمَّة العربيّة والإسلاميَّة أنَّنا فتحنا صفحة جديدة كبيرة حقيقيَّة من الشراكة بكلّ ما يتعلَّق بالبيت الفلسطينيّ".
وكان مشعل قد خطا خطوة مهمَّة بهذا الاتِّجاه, قبل أشهر, فأبدى قبوله بحدود ال¯67 وأعطى مهلةً للسلطة لاستكمال المفاوضات مع "إسرائيل". وهو الموقف الذي لم يرفضه في حماس, علناً, سوى القياديّ البارز فيها محمود الزهَّار. وللأمانة, فقد كرَّر الزّهّار رفضه لجميع الخطوات الأخرى المخالفة للمواقف السابقة للحركة, وردَّتْ الحركة عليه, كلّ مرَّة, مِنْ خلال ناطقيها الرسميين, مؤكِّدةً أنَّه يعبِّر عن رأيه الشخصيّ فقط.
ومن الملاحظ أنَّ هذا التحوّل جاء منسجماً مع سلسلة التطمينات الشهيرة التي قدَّمتها حركات الإسلام السياسيّ في عددٍ من الدول العربيَّة ل¯"إسرائيل" وامريكا.
ويأتي مشعل إلى عمَّان الآن في ظلّ استضافتها المتكرِّرة مؤخّراً للمفاوضات الفلسطينيَّة الإسرائيليَّة, وفي سياق التفاهمات الدوليَّة والإقليميَّة مع الإسلام السياسيّ, والترتيبات السياسيَّة المحليَّة المطلوبة من الخارج, التي تتولَّى الحكومة المستقبِلة له تنفيذَها.
ولذلك, فهناك فرق كبير جدّاً بين ظروف وداع مشعل, قبل سنوات, وبين ظروف استقباله الآن; فعندما غادر عمّان, آنذاك, كان موضع تعاطف كبير من الرأي العامّ المحليّ بمختلف ألوانه ومكوِّناته, وكان ترحيله موضع رفضٍ وإدانة. أمَّا الآن, فمنذ بدأت الأخبار تتسرَّب عن احتمال عودته, بدأتْ أوساط شعبيَّة مختلفة تعبِّر عن رفضها لها وتشكيكها في أهدافها. بل لقد بلغ الأمر حدّ أنْ تُرفع شعارات حادَّة وصريحة, ضدَّ هذه العودة, في بعض مسيرات الحراك الشعبيّ في المحافظات.