في بهجة استثنائية؛ يأتي عيد الأضحى المبارك لهذا العام حاملا مظاهر الفرح، ومجددا لعادات اجتماعية غابت نوعا ما منذ بدء جائحة كورونا التي فرضت قيودها على الحياة الاجتماعية بكافة أشكالها.
ومع الظروف الاقتصادية الصعبة التي خلفتها جائحة كورونا على الأسرة، غير أن الحفاظ على عادات دينية واجتماعية ارتبطت بعيد الأضحى المبارك، أوجد أجواء من السعادة والفرح في نفوس الأسرة، ولعل الأضحية أهم هذه الطقوس، خصوصا وأن الحج منذ بدء كورونا تم اقتصاره على المملكة العربية السعودية والقائمين على أراضيها وسط اشتراطات صحية.
زيادة انتشار حظائر الأغنام على جوانب الطرقات لبيع الأضاحي مقارنة بالعيد الماضي، أعادت الحركة والفرح لأجواء العيد بالنسبة للصغار والكبار في الوقت ذاته، حيث بدأ يتوافد من يرغب أن يضحي برفقة أطفاله إلى تلك الحظائر لشراء الأضحية والاحتفال بعيد الأضحى المبارك وسط أجواء دينية واجتماعية.
الارتفاع الذي طال أسعار الأضاحي بزيادة مقدارها دينار ودينار ونصف، لكل كيلو غرام من الوزن القائم؛ لم يمنع الكثير من العائلات من الإقدام على شراء الأضاحي رغم ملاحظتهم لفرق الأسعار لهذا العام، والذي أرجعه تجار إلى ارتفاع سعر الأضاحي المستوردة نتيجة ارتفاع أجور النقل ونفوق مواشٍ اثناء الشحن ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، فيما عزوا سبب ارتفاع أسعار الاضاحي البلدية إلى سعر العلف المرتفع، بحسبهم، اضافة لفتح باب تصديرها إلى الخارج.
عائلات اتفقت على شراء الأضاحي وتوزيعها على الأرحام والجيران والمحتاجين، مبتغين الأجر والثواب والتكافل الاجتماعي.
الأربعيني أحمد حسان أحب أن يجعل هذا العيد استثنائيا من خلال شراء الأضحية وإحضارها إلى المنزل قبل العيد ليخلق أجواء من الفرح والسعادة داخل أسرته.
ويقول حسان "الأضحية من أجمل طقوس العيد”، معبرا عن اشتياقه للطقوس الجميلة التي أثرت عليها كورونا خلال المواسم الماضية.
ولم يكن الوضع الاقتصادي الصعب عائقا أمام عائلة السبعيني محمد رضوان الذي تشارك أفراد عائلته بشراء أضحية كبيرة وتقسيم ثمنها على الجميع والاستمتاع بأجواء العيد بأقل التكاليف.
عائلة رضوان تقوم عادة ثاني أيام العيد بذبح وتوزيع الأضحية بعد الانتهاء من الزيارات وتبادل التهاني في اليوم الأول، إذ تتجمع العائلة كاملة وسط أجواء فرح وتصوير وتحضير الطعام”.
في حين يجد أبو كريم أن فرحة المحتاجين والجيران وحتى الأرحام "بحصة الأضحية”، يمنح شعور الفرحة والسعادة، مبينا أن أجواء الذبح وما يتبعه من تقسيم اللحم في وجبات وإفطار "المعلاق” الذي تتوحد فيه البيوت في العيد وحفلات الشواء، تجعل لحظات الفرح في العيد لا تنسى.
ويلفت خبير علم الاجتماع الأسري مفيد سرحان الى أن الأضحية شعيرة مميزة من شرائع الإسلام العظيم يقوم بها الحاج وغير الحاج على حد سواء تقربا الى الله تعالى وطلبا لمرضاته، وهي سنة من سنن الإسلام وقد حدث الإسلام عليها لما لها من فوائد كثيرة روحية ومادية على المضحي وعلى المجتمع.
وكما في رمضان الكثير من الأعمال التي تقرب الانسان من خالقه، وتزيد من أواصر المحبة والألفة بين أفراد المجتمع كذلك في عيد الأضحى وفق سرحان، فالأضحية صورة من صور التكافل والترابط الاجتماعي حيث يسن للمضحي ان يأكل من اضحيته وان يوزع على الفقراء وان يدخر منها ايضا لأيام مقبلة.
والفقراء والمحتاجون يفرحون بقدوم العيد، حيث يحصلون على لحوم الأضاحي، خصوصا في هذه الأيام التي تناقص فيها الدخل وتوقف عمل الكثيرين، وهنالك عائلات لا تستطيع شراء اللحوم.
ويذهب سرحان الى أن الفقير يشعر في ايام العيد بالفرح والبهجة ويوسع على اهل بيته، فالأضحية رافد قوي من روافد التكافل وآثاره كبيرة على المجتمع ليصبح أكثر قوة ومتانة وتشيع فيه المحبة والشعور مع الآخرين، ويقل فيه الحسد والبغضاء، ويشعر فيه الغني والفقير بالراحة والطمأنينة بحسب سرحان.
والعبرة ليست بما يقدم من لحم الأضحية فقط بل بالقيم الاجتماعية النبيلة التي تغرزها شعائر الإسلام المتنوعة، بحسب سرحان. وحتى عندما يقدم المضحي جزء من أضحيته للأقارب والاصدقاء على سبيل الهدية فهذا ايضا يساهم في زيادة التقارب والمحبة بينهم، فالعلاقات مع الأقارب والارحام مهمة وكذلك مع الاصدقاء وهم جزء من المجتمع.
في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة تزداد مسؤولية الأغنياء بل والمقتدرين على تقديم الأضحية في ايام العيد لكسب الأجر والثواب والتقرب إلى الله، وكذلك في اشاعة روح الفرح والسرور في قلوب ابناء المجتمع والتوسعة على الفقراء والمحتاجين. وفي الظروف الصعبة تتضاعف المسؤولية على الجميع، وفق سرحان.
والمجتمع المتكافل المتعاون تقل فيه نسب الفقر والجريمة والانحراف وتزيد فيه المحبة والألفة، وقوة المجتمع مصلحة للجميع.
الأضحية وطقوسها تدخل البهجة على البيوت إيذانا بموسم الفرح
أخبار البلد - أخبار البلد -