اخبار البلد - النمو الاقتصادي أحد المؤشرات الاقتصادية الاساسية التي تشير الى سلوك الاداء الاقتصادي، وهو عبارة عن مقدار التغير النسبي في الناتج الاجمالي (الانتاج من السلع والخدمات) خلال مدة زمنية محددة. حيث يعد النمو الاقتصادي الحقيقي (بالاسعار الثابتة) والمستدام (Sustainable growth rate) وسيلة فاعلة في تحسين إيرادات الخزينة وتقليص عجز الموازنة واستحداث فرص عمل جديدة، وبالتالي تخفيض معدلات البطالة والفقر وتحسين نوعية الحياة للمواطنين.
بالنسبة للاقتصاد الاردني، أثرت جائحة كورنا سلباً على معدلات النمو الاقتصادي في الاردن، فحسب تقديرات البنك المركزي فقد انخفض معدل النمو الاقتصادي بشكل ليشكل انكماشا مقدرا بــ (-3.6) نقطة بالمئة.
وبنظرة سريعة إلى معدلات النمو الاقتصادي خلال العقد الماضي، فإنه يتضح أن متوسط النمو في الناتج المحلي الإجمالي، خلال الفترة بين 2010 و2020، بلغ ما نسبته 2 % مع ارتفع إجمالي الدين العام بمعدلات تجاوزت النمو الاقتصادي، لتصل نسبة الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي حوالي (110 %) مع نهاية العام 2020.
في سياق الحديث عن معدلات النمو الاقتصادي، نجد أن الإنفاق الحكومي في الاقتصاد شهد تراجعاً ملحوظا في السنوات الأخيرة. وتبين الأرقام الرسمية أن معدل الإنفاق العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن قد انخفض من 43.7 % في الفترة (1976 – 1985) إلى 29.9 % خلال العامين 2018 و 2019. كما تظهر الارقام الرسمية بوضوح مدى الانخفاض في الانفاق الرأسمالي.
بالعودة الى قيم الناتج المحلي ونسب النمو للعام الماضي والمقدرة (-3.6 %) فإن هذه الأرقام تفترض تباطؤاً وانخفاضاً في مقدار الطلب الكلي المحلي من خلال انخفاض الانفاق الاستهلاكي الذي يسهم به قطاع المستهلكين، والانفاق الاستثماري الذي يشكل إنفاق القطاع الخاص الاستثماري، اضافة الى الإنفاق الحكومي. مع توقع استمرار الأثر السلبي لانخفاض هذا الانفاق على النشاط الاقتصادي المحلي. يشير معدل النمو الاقتصادي المتوقع للعام المقبل 2021 بنحو (2.5 %) إلى نمو مقدر بواقع (740) مليون دينار أردني سنوي.
لتحقيق ذلك، يتطلب الأمر مجموعة من الإجراءات الحكومية الفورية، أولها دعم القطاعات الانتاجية التي ادت دوراً حيوياً بالنسبة للاقتصاد الاردني خلال الفترات الأولى من جائحة كورونا، واسهمت بالحد من تداعيات الجائحة على الاقتصاد الاردني، من خلال تخفيض العبء الضريبي على مدخلات الانتاج فيها، وتقديم تسهيلات مالية (قروض بفوائد ميسرة) تسهم في تمكينها اقتصادياً وزيادة قدراتها الانتاجية مثل: قطاع الزراعة (يسهم بما نسبته 6 % تقريبا من الناتج المحلي)، قطاع التجارة الالكترونية، قطاع الصناعات الغذائية وقطاع الصناعة الطبية والأدوية.
طبعاً هذه الاجراءات تأتي من باب التعامل الفوري مع الواقع الاقتصادي الحالي بهدف تحفيزه، لكن التعامل مع القطاعات الاساسية التي تسهم مساهمة كبرى في الناتج مثل قطاع الخدمات والسياحة (مساهمته 62 % تقريبا من الناتج المحلي) وقطاع الصناعة (مساهمته 28 % تقريبا من الناتج المحلي) يتطلب التعامل معها "نظرية الدفعه الكبيرة” لتحقيق معدلات نمو عالية، وهو ما سنوضحه في مقال لاحق ان شاء الله.