أنور الجندي وجاكسون والبنا

أنور الجندي وجاكسون والبنا
أخبار البلد -  

اخبار البلد - كنت قد قلت في تعليقي على المقتطف الثاني من مقتطفات الدكتور حمزة بن قبلان المزيني: إن الاسم الرمزي، «أستاذ جليل»، الذي أورد العبارة التالية في مجلة «الرسالة» عام 1938: «وقد قال غلادستون: لا راحة للعالم (يعني قومه) ما كان القرآن»، هو من أنصار الرافعي. وقد بنيت هذا الحكم الخاطئ على تصفح سريع لمقالين كتبهما قبل كتابته مقالاته الثلاثة مناط التعليق.
هذان المقالان هما: مقال «قصة الكلمة المترجمة: القتل أنفى للقتل»، وهو متابعة لمعركة أثارها مصطفى صادق الرافعي قبل وفاته، وكان «أستاذ جليل» طرفاً فيها باسمه الصريح، وباسم مستعار. ومقال «حظي بالشيء»، وهو الآخر متابعة لمعركة أثارها الرافعي ضد المجمع اللغوي في يوم إنشائه. ولقد رأيت في هذين المقالين اللذين تصفحتهما سريعاً جملاً يثني فيها «أستاذ جليل» على الرافعي، ويحيط اسمه بالإجلال والتقدير. وفي تلك الأعداد من مجلة «الرسالة»، في ذلك العام، كانت ثمة معركة ناشبة حول أدب العقاد وأدب الرافعي بين الرافعيين وسيد قطب بسبب مقال كتبه الأخير قزّم فيه الرافعي، وأعلى من شأن أستاذه العقاد. فتوهمت أن مقاليه هما من ضمن مقالات تلك المعركة، وأن كاتبهما صاحب الاسم الرمزي من أنصار الرافعي.
وكنتُ أعرف وأنا أكتب المقال، المقال السابق، أنه من السهل عليّ أن آتي بالاسم الحقيقي لـ«أستاذ جليل»، وذلك بالرجوع إلى كتاب الدكتور محمد سيد محمد: «الزيات والرسالة»، الذي كنتُ قرأته مرّات ومرّات؛ فهو في هذا الكتاب ذكر كتّاب «الرسالة» الذين استعملوا أسماء مستعارة.
فبحثت عن الكتاب في مكانه من مكتبتي لكني لم أجده فيها. ونسيت في أي غرفة من غرف المكتبة وضعته فيها. وبعد أيام من نشر المقال، وبمعاودة البحث عن الكتاب في المكتبة، عثرتُ عليه. وبالرجوع إلى الصفحة المقصودة من الكتاب، أنقل لكم منه هذه المعلومة: «أستاذ جليل - وهو إسعاف النشاشيبي... أزهري - وهو إسعاف النشاشيبي».
واسمه المستعار الثاني، كما أورده صاحب هذا الكتاب اسم ناقص، واسمه الكامل هو «أزهري المنصورة». وذلك بحسب ما ذكر ذلك أحمد حسن الزيات صاحب مجلة «الرسالة» في رثائه له، في العدد 761، 2 فبراير (شباط) 1948، فقد ذكر هذا الاسم إلى جوار أسمائه الرمزية الأخرى، وهي: (ن) و(***) و(السهمي).
كما أن محمد سعيد العريان في كتابه: «حياة الرافعي»، الصادر في عام 1938، أي قبل ما يقرب عشر سنوات من وفاة الأديب الفلسطيني، إسعاف النشاشيبي، قال في كتابه هذا: «صحّ عندنا أخيراً أن الأديب الكبير (أزهري المنصورة) هو أستاذنا وصاحب الأيادي علينا الأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي نفسه...».
المقتطف الثالث: «من اللافت أن شكيب أرسلان لم يذكر هذه المقولة، وهو المعادي للإنجليز». (انظر كتابه: «لماذا تأخر المسلمون؟»).
التعليق: لو قلت للدكتور حمزة إن شكيب أرسلان لم يكن معادياً للاستعمار البريطاني وحسب، بل ومعادياً للاستعمار الفرنسي والاستعمار الإيطالي. ومن منطلق معاداته للاستعمارين الأولين، كان له اتصال بالألمان والطليان والبلاشقة الروس. كما أنه كان عثماني الولاء، وكان مقرباً من جمال باشا السفاح وأبي الهدى الصيادي، وكان من أنصار الجامعة الإسلامية. لو قلت له كل هذا؛ هل سيكون من اللافت له أكثر أن شكيب أرسلان لم يذكر العبارة المنسوبة إلى غلادستون في كتابه: «لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم»؟!
إنه، وفقاً لهذا المنطق الغريب، وهو أنه بما أن شكيب أرسلان معادٍ للإنجليز، كان عليه أن يذكر العبارة المنسوبة إلى غلادستون! ولأنه لم يذكرها، فهذا عنده محل ملحوظة، وموضع استغراب!
إن شكيب أرسلان ألّف كتابه الذي أشار الدكتور حمزة إليه عام 1930، وإلى هذا التاريخ فإن العبارة المنسوبة إلى غلادستون لم يقل بصيغتها الأولى عند العرب سوى رشيد رضا في الأعداد الأولى من مجلة «المنار»، في أول سنة من هجرته من لبنان إلى مصر. قد يكون شكيب أرسلان لم يقرأ مقاله الذي أوردها فيه. وقد يكون لم يسمعها منه، ولم يسمعها من غيره، وبخاصة معارفه وأصحابه الأتراك. وقد يكون قرأها عنده أو سمعها منه، وسمعها من غيره، لكنه لم يصدقها. كل هذا لا يهم. لأن هذا الأمر من ناحية بحثية ليس محل ملحوظة، ولا مكان تتبع.
المقتطف الرابع: «كما أنها لم ترد في كتب عباس محمود العقاد الذي ذكر غلادستون بالاسم في عدد من كتبه عدة مرات».
التعليق: هذه ملحوظة جيدة، وهذا مثال جيد؛ فالعقاد كتب مقالة عن رشيد رضا بعد وفاته قال في آخرها إنه حرص على اقتناء مجلة «المنار»، من أول أعدادها إلى آخرها. فربما يكون قد قرأها عند صاحبها، لكنه إن كان قرأها عنده فإنه لن يأخذ بها لسببين: الأول، كما في مقاله عنه، أنه لا يستسيغ كتاباته. والآخر أنه أخذ عليه في هذا المقال، أن عنايته بالاطلاع على المعارف العصرية العامة، ومنها المسائل التاريخية المتعلقة بالفرنسيين والإنجليز، أقل بكثير من عنايته بالاطلاع على مسائل الفقه والدين. لكنه من المؤكد أنه عرف بها - على الأقل - في عام 1938 بواسطة مقال «كتاب المبشرين الطاعن في عربية القرآن: أمسلم مصري أم مبشر بروتستنتي؟» لـ«أستاذ جليل»؛ لأن العقاد كان من كتّاب «الرسالة».
إن العقاد أهمل العبارة المنسوبة إلى غلادستون، لأنه لم يجد لها أصلاً ومصدراً إنجليزياً.
المقتطف الخامس: «ولم يذكرها مصطفى صادق الرافعي في أي من كتبه. وكان كتابه: (تحت راية القرآن) المكان الملائم لذكرها. ولم يذكرها المؤرخ المصري الشهير عبد الرحمن الرافعي الذي أورد في بعض كتبه وثائق بأقوال غلادستون عن مصر في مجلس العموم البريطاني».
التعليق: إنك حقاً يا دكتور حمزة عليم - فقط - باللسانيات ومتقن - فقط - لصنعة الترجمة. نعم - بالفعل - لم يذكرها في كتابه «حديث القمر»، ولا في كتابه «رسائل الأحزان»، ولا في كتابه «السحاب الأحمر»، ولا في كتابه «أوراق الورد»، وهي كتب في فلسفة الحب والجمال، التي بسببها كان من بين ما وُصِف به، أنه شاعر الحسن المجنون وأديب الشرق المفتون. ولم يذكرها في كتابه «تاريخ آداب العرب»، وفي كتابه «إعجاز القرآن» وفي كتابه «المساكين» وفي كتابه «على السفّود»... إن الرافعي شاعر وأديب ومنشئ أدبي عظيم ومترسّل بارع على طريقة أئمة البيان العربي. وفي حدود اطلاعي على أعماله كلها، ليس له أي مؤلّف ديني صرف، وإنما له بضع مقالات دينية. وليس له أي مؤلف يدخل في خانة الإسلاميات. وكتابه «تحت راية القرآن» الذي نُشِر في عام 1926، ليس كما توهمت أنه سجلّ لما قاله في القرآن وعنه خصومه وأعداؤه. ولعلي إن أتيت بتتمة عنوان الكتاب كما ظهر في غلاف الطبعة الأولى وبقي في غلافه الداخلي، سينكشف له فحواه. التتمة هي: «المعركة بين القديم والجديد: مقالات الأدب العربي في الجامعة المصرية، والرد على كتاب (في الشعر الجاهلي) للدكتور طه حسين، وإسقاط البدعة الجديدة التي يريد دعاتها تجديد الدين واللغة والشمس والقمر...».
لا أدري لماذا جمعت الأديب الرافعي مع المؤرخ الرافعي في مقتطف واحد؛ فهل السبب أنهما أبناء عمومة؟! إن المؤرخ الرافعي كان يستحق منك أن تفرده في مقتطف مستقل؛ فهو مثال جيد لدحض صحة العبارة المنسوبة إلى غلادستون. وبالمناسبة هو من ضمن الأسماء في المنتصف الأول من القرن الماضي التي أومأت إلى كتاباتها في المقال السابق.
المقتطف السادس: «كما وردت في مقال لأنور الجندي في مجلة (الرسالة)، العدد 983. 5 - 5 - 1952 طبيعية لقول غلادستون حينما وقف في مجلس العموم البريطاني، وهو يحمل المصحف ويقول: ما دام هذا الكتاب باقياً في الأرض، فلا أمل لنا في إخضاع المسلمين».
التعليق: هذا المثال ومثال آخر لأنور الجندي مع أمثلة أخرى لغيره من الإسلاميين، كنت سأستشهد بها في المقال الذي سأكتبه في الرد عليك؛ بأن الإسلاميين لم يكونوا ضحايا في تصديق العبارة المنسوبة لغلادستون، وأن الوزر كله لا يقع على عمر فروخ وحده.
ودعني أوضح لك في البداية التباساً وقعت فيه، وهو أن المتحدث في النص الذي اقتبسته هو ليس أنور الجندي، وإنما المتحدث (بحسب ادعاء أنور الجندي) هو كاتب أميركي اسمه روبير جاكسون!
في أول حلقة من سلسلة مقالاته: «حسن البنا: الرجل القرآني»، التي أشرت أنت إلى الحلقة الثانية منها، كتب أنور الجندي استهلالاً قال فيه: «أشهد أني لم أغير شيئاً من روح كتابات روبير جاكسون (الكاتب الأميركي الذي التقى بالمغفور له الأستاذ حسن البنا سنة 1946. واجتمع به طويلاً)، ولكني أخذت معالم كتاباته وملاحظاته وخطوط بحثه، كما أرسلها إلى صديق يطلب العلم في واشنطن، وأضفيت عليها من الأسلوب الأدبي، ما يجعلها قريبة من مستوى (الرسالة)». ويقصد بـ«الرسالة» هنا مجلة «الرسالة».
في الحلقة الثانية التي أشرتَ أنت إليها، اختصر هذا الاستهلال، وأضاف عليه هذه الجملة: «التي ينوي الكاتب الأميركي تضمينها في رسالة له عن الرائد الأول للإخوان المسلمين».
في الحلقة الثالثة نزع استهلاله، وكتب تحت العنوان، بقلم روبير جاكسون للأستاذ أنور الجندي! وفي الحلقة الرابعة كرر هذه الفعلة!
وفي الحلقة الخامسة بعد أن كتب تحت العنوان: بقلم روبير جاكسون، للأستاذ أنور الجندي، كتب استهلالاً قال فيه: «في هذا الفصل، والفصل الذي يليه، الذي تنشره (الرسالة) في العدد القادم، يتحدث روبير جاكسون عن الشهيد حسن البنا، حديث ما سمعه وما عرفه منه، وقد أطلق عليه عنوان (مولد العملاق). وتبقى بعد هذا خطوط عريضة لفصل مطوّل مسهب بعنوان (الإسلام عند حسن البنا...). وقد بعثت في طلبه من صاحبي صديق الكاتب الأميركي. وقد عولت على أن أجمع هذا مضافاً إليها فصل الإسلام في كتاب خاص. أرجو أن يتاح له النور قريباً».
وفي الحلقة السادسة كرر طريقته التي اتبعها منذ الحلقة الثالثة، لكنه كتب استهلالاً مقتضباً، قال فيه: «يروي روبير جاكسون في هذا الفصل قصة لقائه مع الشهيد حسن البنا». وبعد نهاية المقال كتب جملة قال فيها: «للكلام صلة».
انقطع بعدها عن الكتابة في مجلة «الرسالة» عددين متتالين. وفي العدد الذي تلاهما كتب مقالاً عنوانه «شخصية الشافعي على ضوء علم النفس الحديث»!
في عام 1977، ظهر كتيب عنوانه «حسن البنا: الرجل القرآني» تأليف روبير جاكسون، وترجمة أنور الجندي!!!
في عام 1978 نشر أنور الجندي في «دار القلم» ببيروت كتابه: «حسن البنا: الداعية الإمام والمجدد والشهيد» ودس كتيبه السابق في أحشاء هذا الكتاب، كاتباً بياناته بطريقة عمودية: الرجل القرآني. بقلم روبير جاكسون. ترجمة أنور الجندي.
وفي عام 2000 أعاد نشر هذا الكتاب في «دار القلم» بدمشق، مدعياً هو والدار أنه كتاب جديد.
حين كتب أنور الجندي حلقاته الست غير المكتملة في مجلة «الرسالة»، التي نسبها لكاتب أميركي خلق اسمه من خياله، لم يجرؤ على القول إنها من ترجمته، لأنه منذ خروجه من السجن في يناير (كانون الثاني) عام 1950، بعد أن اعتقل مع الإخوان المسلمين في أواخر سنة 1948، انصرف إلى الأدب وبدأ يكثّف الكتابة في المجلات الأدبية. وكانت العشيرة الأدبية التي أصبح هو منها وخالطها تعرف أنه لا يتكلم الإنجليزية، فضلاً عن أن يترجم عنها. فلو ادعى أنها من ترجمته لهزأوا به وفضحوه علناً.
وإذا تأملت في المسرد الذي قدمته عن حلقاته، فستلحظ أنه حاول بطريقة ملتوية أن يظهر في حلقتين بصورة المترجم. وتحقق له هذا الحلم المستحيل عندما جمع حلقاته الست غير المكتملة في كتيب ودس هذا الكتيب بعد سنتين في أحشاء الكتاب الذي ذكرنا اسمه سابقاً.
وكان على القراء، قراء «الرسالة»، وقرّاء كتيبه، وقراء كتابه، أن يلحظوا أنه ارتكب أكثر من غلطة: الأولى أن اسم روبرت Robert يُكتب بالتهجئة نفسها في اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية، لكن في اللغة الفرنسية لا ينطق حرف T أو التاء، إذ ينطق هذا الاسم بها روبير وليس روبرت، وبالتالي إن كان أميركياً فسيكون اسمه روبرت وليس روبير. وللحديث بقية.
 
شريط الأخبار وكالة التصنيف العالمية AM Best ترفع التصنيف الائتماني لمجموعة الخليج للتأمين-الأردن إغلاق 35 مقهى في عمان لهذه الأسباب تعيين ناديا الروابدة رئيساً لهيئة مديري الشركة الوطنية للتنمية السياحية حسّان: الحكومة بدأت بتخصيص أراض لفئة الشباب انتهاء إعفاء السوريين من رسوم تصاريح العمل ومعاملتهم كبقية الجنسيات الملك والرئيس الإماراتي يبحثان هاتفيا جهود إنهاء الحرب على غزة ولبنان إعلان تشكيلة النشامى "الأساسية" أمام العراق ولي العهد في رسالة لمنتخبنا الوطني: فالكم التوفيق يالنشامى رئيس الوزراء: الحكومة تعمل على تطوير التعاونيات ودعمها لتمكينها من تنفيذ مشاريع زراعية نوعية تسهم في تطوير القطاع وتوفر فرص التشغيل الجيش الإيراني: سنرد ردا مدمرا على الكيان الصهيوني الضمان الإجتماعي يشتري (20) ألف سهم في البنك الأهلي الأردن يحتل المرتبة الأولى عالمياً في إنتاج التمور وإنتاجنا السنوي يصل إلى 35 ألف طن متقاعدو مناجم الفوسفات الأردنية يردون على لجنة إدارة صندوق التأمين الصحي في الشركة متقاعدو شركة مناجم الفوسفات الأردنية يردون على لجنة إدارة صندوق التأمين الصحي في الشركة فضيلة الشيخ القاضي وائل سليم الراميني مدعي عام أول في محكمة استئناف عمان الشرعية.. الف مبروك الدكتور عصام الكساسبة يكتب.. 9 نقباء مقاولين بين الأمس واليوم صمت الخضيري بعد الاستقالة.. هل من رسائل خلف الأبواب المغلقة في نقابة المقاولين؟ نريد الحقيقة ما بين مجموعة ماجد الفطيم وكارفور: هل تمت إزالة العلامة فقط أم هناك تغيير حقيقي؟ ٧٩ محاميا يؤدون اليمين القانونية أمام وزير العدل مجموعة الخليج للتأمين تعلن عن تحقيق أرباح صافية بقيمة 22.1 مليون د.ك. (72.5 مليون دولار أمريكي) خلال التسعة أشهر من العام 2024