يبدو أننا سنألف التصاعد المستمر في أعداد المصابين بوباء الكورونا، بعد أن تراجعت لدينا اجراءات الوقاية على نطاق واسع، ولولا بقية من احتياطات غير حازمة، ومن وعي فردي، لكنا اليوم في وضع اكثر سوءا، ومع ذلك لسنا على يقين من أن ذلك الارتفاع المقلق في الإصابات سيدفعنا نحو خطة وطنية جديدة قادرة على محاصرة الوباء، أم أن الأمور ستترك هكذا على طبيعتها، للتفاعل في كل الاتجاهات!
لم يكن بإمكاننا تعطيل الحياة العامة لفترة تزيد عن الثلاثة الأشهر الأولى من انتشار الجائحة، وكان من
المنطقي أن نعود إلى الوضع شبه الطبيعي تدريجيا، وبدل أن نحافظ على الحد المعقول
من العناصر والعوامل التي ساعدت على حصر انتشار الوباء في حده الأدنى، رحنا نتحرر
من كل الاحترازات التي صانت مجتمعنا، إلى درجة أن كثيرا من الناس راحوا يشككون
بوجود الوباء من حيث المبدأ!
ما نعيشه اليوم
من وضع مقلق هو نتيجة تدل عليها مؤشرات كافية لعدم الالتزام الجماعي بالطريقة التي
تم اتباعها في بداية الأزمة، وليس بالإمكان العودة إلى تلك المرحلة، ولكن من
الممكن حقا أن نتقدم إلى الأمام إذا تمكنا من وضع ضوابط ومصطلحات جديدة تعيننا على
تشكيل رؤية مشتركة، كبديل لهذه الفوضى سواء على مستوى التحليل والوصف، أو على
مستوى القرارات والاجراءات.
في الماضي
القريب كانت الجهود منصبة على مواجهة الوباء، والآن نجد أنفسنا أمام نظرية تقوم
على مواجهة أكثر شمولا، تجمع بين مواجهة الوباء، ومواجهة أعباء الحياة على حد
سواء، وبالتزامن مع العام الدراسي الجديد، ومع الانتخابات النيابية المقررة في شهر
نوفمبر المقبل، بينما تواصل المؤسسات العامة والخاصة عملها في ظروف صعبة ومعقدة.
أكثر ما نحن
بحاجة إليه الآن هو قدر معقول من الثقة بالنفس، والاعتماد على الذات، وصياغة
استراتيجية وطنية عاجلة وفاعلة، أما ذلك التلاوم والانتقاد المتبادل فلن يفيدنا في
شيء، بل يزيد من حالة الإحباط واليأس والنكد، وفي اعتقادي أن أهم عوامل صمودنا في
وجه التحديات هو التمسك بالأمل، والارتقاء بالأقوال والأفعال والمعنويات، حتى نغلب
الأزمة، بدل أن تغلبنا!