أكثر من كلمة حول التهويل المتعلق بالعاملين بالاعلام الحكومي، والتي تشيطن العمل الاستشاري في الحكومة وتجرم الخدمات الاحترافية التي تحتاجها بعض المؤسسات، حيث يطغى حديث التهويل على الموضوعية، وفي النهاية لا يصح الا الصحيح..
في التسريبات الاعلامية التي تظهر بشكل حصري "زبائني" على بعض وسائل الاعلام المحلي، إشارة مهمة، تبين أن الاعلام في الحكومة ما زال يريد مزيد من مستشارين، فمجرد التسريب لجهة واحدة دون كل وسائل الاعلام الأخرى هو وشاية عن عدم الاستعداد لتقديم اعلام دولة مهني محترف، بعيدا عن التنفيعات والعلاقات الزبائنية، فأول تفسير مطلوب من الحكومة ومن الأصوات الآتية من خارجها : "شو معنى التعامل مع جهة واحدة خاصة لتسريب الخبر الحكومي؟ أين الثقة بالاعلام الرسمي ومؤسساته وأين الاعلام الوطني حتى لا نقول أين الشفافية"؟..
كل مجالس الوزراء على امتداد عمر الدولة الأردنية، أكدت واتخذت قرارات بوجوب الاستعانة بالخبرات الاعلامية المهنية المتوفرة في نقابة الصحفيين "أولا"، لتوصيل خطاب الدولة الذي تتبناه الحكومات في برامجها السياسية، حيث ما زال الخطاب الرسمي تائها في بعض هذه المؤسسات، رغم وجود أعمال وإنجازات رسمية تستحق النشر والتعليق عليها، ومثل هذا الأسلوب من الأداء الاعلامي الرسمي المهني ان توفر في المؤسسات والوزارات المختلفة، يساهم الى حد بعيد في تنوير الناس بأدوارها وواجباتها وأهدافها الوطنية، فهو يوصل رسائل مطلوبة من قبل أي حكومة تتولى خدمة الشأن العام، بل إن بعض المساعي الحكومية الهادفة للتغيير يتم تسويقها بشكل خاطىء وتكون النتيجة معاكسة تماما للدولة وسياساتها، وكل يوم نكتب عن قضايا يسود فيها جدل ومعارضات تتأجج لأن الحقيقة غائبة، والفكرة المتداولة بين المعارضين والرافضين والمشككين بالحكومات خاطئة، وذلك لأن الأداء الاعلامي لبعض المؤسسات والوزارات غير مؤثر او غائب بسبب قيام موظفين عاديين وأقل من عاديين غالبا على إعلام هذه المؤسسات "عندي خمسين مثال وموقف واسم"..
الطريقة التي يتحدث بها بعضهم تهويلية استعراضية، وتقفز عن كل المنطق والحقائق: فهل هو رقم كبير؟ أعني وجود 35 مستشارا اعلاميا بعقود في بعض المؤسسات الحكومية؟ أنا شخصيا أطالب بأن لا يشغل أي موقع اعلامي في أي مؤسسة حكومية إلا من قبل أعضاء في نقابة الصحفيين، تماما كأعضاء نقابتي الأطباء والمهندسين في المهنتين، وهذه ليست مطالبتي الشخصية بل هي قرارات مجالس وزراء وتعاميم كثيرة موجودة في نقابة الصحفيين ورئاسة الوزراء..
من جهة أخرى: هل راتب أو مكافأة 1500 دينار رقم فلكي بالنسبة لبعض الكفاءات الصحفية التي تتعاقد معها الحكومات؟ ولماذا هذه المقارنات التي نعتقد معها بأن المستشارين ليسوا أردنيين؟ حيث تتم مقارنة بينهم وبين آخرين لا يملكون خبراتهم ولا كفاءتهم ولا يعملون أصلا ضمن اختصاصهم؟.
قبل أيام قرأت خبرا يشبه سحابة الغبار الناتجة عن تخميس سيارة في أرض ترابية، حيث كانت النضالات هذه المرة ضد مؤسسة الاذاعة والتلفزيون وشراء الخدمات فيها، ويتحدث المتحدث بعيدا عن كل الحقائق والمنطق والمهنة الاعلامية التلفزيونية والاذاعية، فهو يريد من المؤسسة أن تعين موظفيها في كل المواقع التي تشتري لها الخدمات، ثم يطالبون المؤسسة أن تتميز وتقدم إعلاما وطنيا مؤثرا ومنافسا!..خطاب يؤكد للسامع المهني أن المتحدث يشن طلعة صوتية مضادة للمنطق..
ولو كنت قريبا منه لطالبته بأن يسمي لي مؤسسة اعلامية تلفزيونية أو اذاعية واحدة ناجحة أو غير ناجحة سواء أكانت محلية أو عربية أو عالمية، وتعتمد مثل هذه النظرية في الإدارة والعمل..ألا يعلم المتحدث المحترم بأن المؤسسات الاعلامية من هذا النوع لا تهدأ ولا تتوقف وتريد أن تتعاقد وتجذب أهم الكفاءات الاعلامية لتعمل معها؟ فكيف يطالب مؤسسة الاذاعة والتلفزيون بأن تقوم بهذا بينما تبريرات كل مسؤوليها على امتداد عمرها حين يتم انتقاد ضعف الأداء فيها هو " ما عندنا ناس ومافي مصاري نستقطب كفاءات"..
وأن قلة المال هي السبب الذي يقف كذلك وراء ابتعاد الكفاءات الموجودة في المؤسسة، بسبب كثرة العروض من قبل المؤسسات الأخرى المنافسة أو الدولية.
نحن كصحفيين نؤيد ما تقوم به الحكومة من محاولة لتنظيم هذا الملف بشكل مهني مؤسسي، بل ونطالبها كذلك بأن يلتزم كل العاملين معها في الاعلام على وجه التحديد، بحيث يكونوا ذراعا حكومية بل ذراع دولة في حمل خطاب الدولة، ونقله بمهنية للمتلقي..
وأعتقد بأن هذا هو الهدف الذي تريده الحكومة من مراجعتها لملف الاعلام ومستشاريه في الوزارات والمؤسسات التابعة للحكومة..
نحتاج الكفاءات هناك ولنتوقف عن الترفيعات واطلاق التسميات والتنفيعات واعطوا الخبز لخبازه.