وهكذا فعل الملقي بالعقبة، حين نتحدث عن ساحة رقم 4 .
كنت في العقبة، وتجولت على بعض مشاريع دشنتها شركة تطوير العقبة، وفي ساحة 4 تحديدا، لم أكتف بالجولة التي نظمتها لنا الشركة لزيارة الساحة برفقة «كبير المهندسين الانشائيين والرئيس التنفيذي لشركة تطوير العقبة»، بل ذهبت هناك مرة ثانية، بعيدا عن الشركة، كي أتأكد من صحة الذي يقال عن هذه الساحة، وأثرها الكبير في هدف الدولة الأردنية المتعلق بتحسين صورتها على صعيد التنافسية الدولية في تطبيق المعايير العالمية بتدشين البنى التحتية لقطاعي الوجستيات والنقل العام، جذبا للاستثمارات إلى العقبة والأردن عموما.
الساحة 4 ؛الاسم المتداول لمركز جمرك منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، له قصة تشبه قصة «عين زبيدة»، وعلى الرغم من أن البحث والتفكيركانا جاريان منذ 2009 بتحويل المكان الذي يطلق عليه منذ 2006 اسم ساحة 4 إلى مركز جمركي ونقطة للخدمات اللوجستية بمواصفات عملية عالمية، إلا أن المراوحات المبنية على التخوفات كانت جاثمة على عقلية المعنيين،لكن الدكتور هاني الملقي، وحين كان رئيسا لسلطة اقليم المنطقة الاقتصادية الخاصة في العقبة، اتخذ قرارا شجاعا بإطلاق هذا المركز، الذي تثبت الأرقام والشهادات الميدانية بأنه أصبح قصة نجاح اردنية تستحق الكتابة عنها، وإبرازها للاعلام الأردني المهني الوطني الجاد، فهي واحدة من قصتي نجاح مهمتين.
يقول عبدالمجيد القرالة مدير هذا المركز وهو (بيت خبرة أردني في هذا المجال 31 عاما في الموانىءمنها 17 عاما مديرا للعمليات): يمكنكم التأكد بأن هذا المركز شكل نقلة نوعية بتقديم الخدمة اللوجستية على صعيد نقل البضائع والتخليص عليها وجمركتها واختباراتها الكثيرة، وقد كانت الغاية الأولى هي تقليص المدة التي كانت تحتاجها حاوية البضائع القادمة عبر ميناء العقبة إلى الأردن من 12 يوما إلى 5 أيام، وهذا تحقق منذ 3 نيسان الماضي، وهو اليوم الأول لانطلاق العمل في هذا المركز، والغاية الثانية هي تقليص مدة فحص العينات التي يتم انتقاؤها للفحوص المخبرية والاجرائية، وتم تقليصها من 7 أيام إلى «ربع ساعة» !.. هل تتخيلون الفرق؟ ربما؛ لكن لن تتخيلوه كما يلمسه صاحب البضاعة التاجر أو غيره.
على باب المركز «ساحة 4» اوقفت شاحنة عند «آخر رمبة»، أي عند آخر إجراء لرحلته في ساحة المعاينة، وسألته عن مدة مكوثه في الساحة لإجراء المعاينة، فقال اقل من ساعة؟! وسألته عن المدة التي كان يستغرقها في السابق للقيام بالاجراءات ذاتها فقال «5 أيام»!.
وبعد أن عدت إلى عمان قررت أن أكتب لكم عن هذا الانجاز التطويري الكبير على صعيد النقل واللوجستيات الذي دشنته شركة تطوير العقبة، لكنني شعرت بأن الرواية ناقصة، فيلزمني رأي لجهة أخرى ذات علاقة، فهاتفت الصديق الدكتور حيدر الزبن مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس، وما أن عرفني وعرف سبب الاتصال حتى ضحك مطولا، فسألته عن السبب فقال:أنا الآن متواجد في الساحة 4 الأمر الذي أشعرني بالندم على مغادرة العقبة، فلقاء الزبن في الساحة ذاتها مطلوب ومهم لأنه لقاء ميداني فيه معلومة مهمة للغاية، لكن الرجل وكعادته أجاب بأمانة وصدق: نعم هذه خطوة تحسب لشركة تطوير العقبة وللسلطة ولمؤسسة الموانىء، لقد يسرت العملية علينا وعلى التجار كثيرا، وأصبح العمل دقيقا ورشيقا وقانونيا، لقد اختفت كل التحديات التي تواجهنا كمؤسسة مواصفات، حيث لا احتمال للتهريب والتزوير والغش كما كان يحدث أحيانا، ولدينا بعض الاقتراحات على التجار والمخلصين على البضائع، وهي لا تتعلق بالسلطة ولا بأية جهة في العقبة، انما فيها جزء متعلق بإجراءات يجب أن تتم بدولة المنشأ التي تصدر البضائع.. وهو ما سنبحثه مع الدكتور الزبن لاحقا.
بمعدل 700 حاوية؛ يتم مرورها يوميا من الساحة 4، وبرقم تجاوز 500 شخص تم تعيينهم موظفين وعمال في مرافق الساحة المختلفة، وعدد يتنامى من الاستثمارات على جوانب الساحة، والساحة آخذة بالتمدد والتوسع في التعيين والخدمة اللوجستية المحترفة، وهذه قصة نجاح مهمة على صعيد التمكين الاجتماعي وخدمة المجتمع المحلي وشبابه وطاقاته الغزيرة..باعتباره هدف وغاية من فكرة «العقبة الخاصة»، ومحور مهم من محاور التطوير الذي تسعى شكرة تطوير العقبة لتحقيقها.
لا تتحدثوا عن العقبة بتلك الطريقة القديمة، وليكن حديثكم مبنيا على معلومة واضحة ورأي موثوق، فهذه قصص انجاز وطني، وقرارات اتخذها مسؤولون يتسمون ببعد النظر.. فلتفعلها يا دولة الرئيس في مجالات أخرى، ولتكن عيون انجاز للحكومات في تاريخ التطوير والتغيير كعين زبيدة في سقاية الحاج للبيت الحرام.
و»حرام» تحكوا بغير الطريقة عن الأردن والعقبة.
عين الأميرة زبيدة وعين الملقي ..
أخبار البلد - الأميرة زبيدة بنت جعفر، حفيدة الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وهي زوجة هارون الرشيد، لم تذهب إلى العقبة مع زوجها الخليفة، بل ذهبت برفقته إلى الحج في مكة المكرمة، وحين رأت معاناة الحجيج في طلبهم للماء، أرادت توفيره لهم، فاستدعت خازن المال، الذي استدعى بدوره «كبير المهندسين»، والذي قال بدوره إن الماء بعيد 10 أميال، خلف حواجز جبلية وصخرية، وهذا أمر يحتاج عملا ومالا كثيرا، فقالت كلمتها المشهورة «احفر ولو ضربة الفأس بدينار»، فشقوا طرقا في الجبال وتحت الصخور، على امتداد 10 أميال، فكانت عين زبيدة، أو نهر زبيدة.