متى سيُنشر هذا المقال ؟
بقلم: شفيق الدويك
... لقد كانت بالفعل مظاهر مؤلمة ، مقلقة، محرجة ،غير عادلة و تنبثقُ الهموم عنها لتحبل بهموم أكبر و أكثر حركة و نشاط، لكنها ولله الحمد قد إختفت الى غير رجعة بفضل التصميم و الإرادة و العمل الجاد و الوفاء و الإنتماء و إعتماد الشفافية كقاعدة أساسية في نهج حياة المؤسسات عندنا.
تصوّر يا صديقي أنه، بسبب عدم وجود مرجعية مهابة الجانب، كانت ترقية الموظف تجمّد لعدة سنوات ، رغم كفاءة الموظف المجمّد و المشهود لها من قبل معظم زملاء العمل، و كان يتم سرقة أفكار صغار الموظفين من قبل المدراء، و كان يتم تغيير علامات التقييم لأسباب غير منطقية و غير نزيهة، و كانت المكافآت تصرف لمن هم أقل إنتاجية و أكثر تملّقاً، و كانت التعيينات تتم وفق المحسوبية في معظم الأحيان، وليس وفق المعايير المعمول بها الآن، و كانت المؤسسات تلجأ الى إعادة الهيكلة لأسباب غير مفهومة بتاتا، و كانت جودة خدمات المؤسسات متدنية جدا جدا و عملية تقديم الخدمة معقدة في إجراءاتها، وكان الذي يحتاج الى شراء الخدمة، مهما كانت، يدعوا بصورة مستمرة : " الله يستر و يجيب العواقب سليمة"، و كانت مشكلتنا أن التجار كانوا يبالغون في رفع أسعار منتجاتهم، و كان الطب تجارة مربحة وليس وظيفة إنسانية، بعبارة أخرى إذا كان المريض لا يحمل في جيبه كشفية الطبيب كاملة لا يُعالج !!!!!!!.
وكان معظم الجيران يلقون بأكياس القمامة أمام بيوت و عمارات جيرانهم دون أدنى حس إنساني أو رادع أخلاقي، و كانت نفايات بعض السائقين و المرافقين لهم ترمى في شوارعنا النظيفة، و كان بعض الجيران يستخدمون منبّــه السيارة المزعج بعد منتصف الليل في تحدٍ لمشاعر الجميع، وكانت الحفلات الصاخبة تستمر حتى ما قبل الفجر بقليل، رغم التنبيه برقّـــة و وداعة بأن هناك مرضى و من هم يستعدون لإمتحانات الثانوية و الجامعات، عدا عن التمادي في إطلاق العيارات النارية، في معظم المناسبات، و التي كانت تحصد أرواحا بريئة، و كانت الكلاب الضالة تعقر الكبار والصغار، و باصات الكوستر تُجري سباقات شبيهة بسباقات الراليات وسط المدينة و حمولاتها زائدة، و كان حُكم الناس على بعضهم البعض متسرعا جدا جدا، و كان هناك أزمة علاقات إجتماعية بينية معقدة !!!
و كان الأبناء يعامِلون الوالدين بطريقة تغضب الخالق سبحانه و تعالى، و كانت هيبة الكبير كمرجعية للأسرة غائبة و غير مفعّلة، و كان هناك حالاتُ عنف شديدة في المدارس و الجامعات يندى لها الجبين، و كانت لغة التخاطب ممزوجة بكلمات غربية مع اللغة العربية، و كانت رواتب و معنويات المدرسين متدنية، والدروس الخصوصية منتشرة مثل إنتشار الجراد، و مهور العرائس جد مرتفعة و مبالغ فيها ، و كان تركيز الناس، في المناسبات و منها الأعراس، على المظاهر و ليس على جوهر الأشياء و وظائفها، و كان العريس يحتاج الى عدة سنوات للتمكن من تسديد مصاريف حفلة زفافه، و كان وقت معظم الشباب يضيع سدى أي في تبادل المكالمات الهاتفية و الرسائل النصية مع المعارف و الأصدقاء و تصفّح مواقع الإنترنت غير المفيدة و متابعة برامج الفضائيات الهابطة أو الوقوف على الأرصفة لساعات .
تصـــوّر أن معظم مقــالات الكتّــاب المهمة كانت في تأثيرها مثل تأثير الذي يرقص في العتمة !، أي لا أحد قد شعر بها أو قد تفاعل معها كما كان متوقعا... كانت الأمور بخلاف ما هي عليه اليوم.