-ان عملية الإصلاح التي تقتضيها المصلحة العامة في الأردن تتطلب ان تكون شمولية وان تكون ذا قدرة على مواكبة العصر ومبنية على احترام المبادئ العامة المتعارف عليها في التشريع الدستوري .
نعم لدينا في الأردن دستور متطور ومتقدم وهذا لا يعني ان يبقى هذا الدستور جامدا غير متحرك وغير متطور حسب الزمن الذي نعيشه وحسب متطلبات الساعة التي نرى فيها ان الأردن وطن دستوره ليس قرانا منزلا لا يمكن تغييره أو استبداله ولكنه دستور يحتمل إدخال تعديلات من شانها مواكبة العصر ومواكبة التطورات المحلية والعالمية ولكن دون المساس بسلطات الملك الذي يعتبر حاميا وحارسا أمينا للدستور.
نعم نحتاج إلى دستور ملزم للجميع يعيد الاعتبار لمرجعية الأمة ويعمل على فصل السلطات وتوازنها واحترام كل منها للأخر دون تدخلات ودون إساءات قد تصيب سلطة دون الأخرى أو القفز من فوق سلطة لمصلحة سلطة أخرى ويربط السلطة بالمسؤولية وينص على سمو القانون وسيادة المؤسسات ويعطي للمواطن مكانته وقيمته الحقيقية ويؤطر عمل الأحزاب السياسية وفق القانون وللمصلحة العامة للبلاد على ان يكون انتماء هذه الأحزاب للوطن لا للخارج وان يكون تمويلها اردنيا وليس خارجيا يديرها كيف شاء ولمصالح مضادة لمقدرات الوطن ومكتسباته ويخلق قانونا متطورا للانتخابات يتجاوز الأساليب التقليدية التي اعتدنا عليها بحيث تكون هذه الانتخابات بعيدة عن الدوائر الوهمية التزويرية والتي فرقت أبناء الوطن وجعلتهم شيعا وأحزابا ومن خلال هذه الانتخابات نستطيع معرفة حجم النائب الذي نريد في كل دائرة ونحتاج إلى قانون يقطع الطريق على الفاسدين والمفسدين وبحاكم الذين يغتالون الشخصية الوطنية دون تقديم أدلة وإثباتات واضحة .
وهنا لابد من إعادة النظر في كل ما تتوصل إليه لجنة الحوار الوطني من قانون للأحزاب والانتخابات كونها لم تضم كل فئات المجتمع واعتمدت في حوارها على فئات لا تتجاوز في مجموعها اقل من واحد بالألف من سكان المملكة إضافة إلى ان بعض أعضائها وخلال اللقاءات القليلة التي أجريت في بعض الجامعات والمواقع كانون منظرين أكثر منهم مستمعين وكانوا يفرضون الآراء ولا ينصتون للغير وكانوا يتخذون القرارات باعتبارهم جهابذة عصرهم وليسوا أفراد عاديين ومنهم من زاود على الوطن بشكل عام وآخرين زاودوا حتى على الأنظمة والقوانين التي عشنا في ظلها سنوات وسنوات .
وإعادة النظر تكمن أيضا باعتبار إن كل المراجعات لم تستهدف القضايا الجوهرية والأساسية التي من شأنها أن تقود البلاد إلى توازن السلطات وإعطاء مصداقية للمؤسسات وسيادة القانون وإقرار مبدأ المحاسبة في حق كل من يتمتع بسلطة وربط القرار بصناديق الاقتراع وحصر سلطة تأويل الدستور في المجلس الدستوري، وبذلك بقيت المراجعات شكلية،لا بل غالبا ما شكلت وسيلة لتنشيط الحياة السياسية بعد مرحلة جمود،وأحيانا وظفت كأداة للتفاوض من أجل الوصول إلى صفقات سياسية إضافة إلى إن الطريقة التي تتم بها عملية الإعداد والمراجعة تهمش الشعب ومجموعة من الفاعلين في المجتمع، مما يجعل الدستور لا يعكس إلا تصور السلطة والشخصيات التي أنيط بها دراسة الوضع العام للدستور.
هنا تبرز استفسارات عديدة على لجنة الحوار الوطني ولجنة الدستور واللجنة الاقتصادي الإجابة عليها بكل صراحة كيف لنا ان نحقق الإصلاح ولم نحدد برنامج وطني عملي تتضح فيه المدخلات و تتحدد الأولويات والنتائج المرغوب الوصول إليها بمعنى خطة إستراتيجية للإصلاح؟وكيف نحقق الإصلاح دون تحقيق التوازن بين معدلات الأجور ومستويات تكاليف المعيشة؟وكيف نحقق الإصلاح ما دام تعيين القيادات العليا يتم على أسس غير علمية وغير موضوعية؟و كيف نحقق الإصلاح وما زالت مؤسساتنا وإداراتنا تتخبط في ظلمة الروتين والتعقيد وتردي المسئولية وغياب المحاسبة؟
كيف نحقق الإصلاح وما زال التأهيل والتدريب للكوادر البشرية غائباً باستثناء حالات بسيطة داخل مؤسساتنا؟
كيف نحقق الإصلاح ولا وجود لأي إستراتيجية لتطبيق مبدأ المحاسبة للمقصرين والمتجاوزين والمتلاعبين بلقمة العيش وبمصير الشعب وخصوصا اذا كانوا من أعمدة الدولة؟وكيف نحقق الإصلاح وكل مسئول أو وزير يهمه شخصه ويتعامل بعدم واقعية داخل المؤسسة كأنها ملك شخصي له ؟
كيف نكون إصلاحيين ونتهم بعضنا بعضا دون وجود أدلة وإثباتات كافية وننشر غسيلنا على الملأ علما ان المفسدين ذو وجوه معروفة ومحددة ولكن لا يستطيع احد الوصول إليها ولكن تتم تغطيتها بآخرين أكباش الفدا الذين يتحملون كل مصائب الدنيا وتعليقات البشر من اجل سواد عيون البعض الذين مازالوا يسرحون ويمرحون في بلادنا لا بل أيضا ينتقدونها ويشتمون فقط لأنهم من المدعومين ...والمقربين ... وذكرهم يصيب الحكومة بالحساسية المفرطة ....
وكيف يمكن أن نصلح ولا يوجد سعى حقيقي إلى تطبيق مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب؟ وإذا كان هناك رجل مناسب في المكان المناسب واستطاع ان يحصل على منصبه من خلال انتخاب أو اختيار جماعي ننتقده ونكيل له التهم والاتهامات ؟؟
وكيف يمكن أن نصل إلى الإصلاح والقليل من المسئولين يعملون بمبدأ المواصفات والنزاهة و الشفافية فالاختيارات تكشف أنها اختيارات قائمة على القرابة والمحسوبية أو اختيارات تنفيذاً لرغبات كبار المتنفذين؟
لذلك الإصلاح الإداري أمر حيوي لأن الإدارة هي التي تقود الاقتصاد و التطور في الدولة , فالمشكلة الإدارية ليست مشكلة فنية بل هي مشكلة سياسية بالأساس لأنها تقترن بقرار سياسي يدعم تنفيذ خطط الإصلاح .
فالإصلاح الادارى عملية سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية متكاملة إذ لا يمكن تحقيق أحدى هذه الجوانب والتغاضي عن غيرها حيث أن الإصلاح الإداري لا يمكن أن يكون فقط مسؤولية الحكومة بل هو مسؤولية الجميع فالكل مطالب بالمساهمة في تحقيقه لذا لابد أن تتمتع عملية الإصلاح بالديناميكية والحيوية بعيداً عن الجمود والتراخي لأنه من الضروري أن يعبر الإصلاح عن قيم المجتمع الأصيلة وعن طموحاته وآماله.
وأخيرا على من يريدون الإصلاح الابتعاد الكلي عن نقد إحدى أهم مؤسسات المجتمع الأردني ألا وهي العشائرية التي تبني ولاتهدم وتطور ولا تخرب تلك العشائرية التي نجحت في كثير من الأمور لم تنجح بها الحكومات المتعاقبة وعالجت اختلالات لم تنجح فيها كثير من الحكومات وكانت السند والعامود الرئيس للحكم واستمرار يته والبناء على مايقدم تلك العشائرية التي تعتبر كل واحدة منها حزب سياسي قائم بذاته له تطلعاته ومواقفه
وجميعهاتصب في مصلحة الوطن والانتماء إليه قلبا وقالبا وفعلا لا قولا .