تمر علينا هذه الأيام ذكريات مجد الأمة في استحضار معركة الكرامة الخالدة .. تلك الملحمة البطولية التاريخية التي كانت أمل العرب في قهر عدو جبار .. فكانت البوابة لزعزعة استقرار المعتدي الأثيم الذي استباح بقعة غالية وعزيزة على نفس كل عربي وطني شريف .. ففيها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.. فكانت المعركة وكانت المواجهه وكان التصدي إعلاناً لبزوغ فجر جديد..فجر المجد والحرية والكبرياء .. فجر عودة كرامة ألامه بعد أن فقدت هيبتها .. فكانت شرارة الانطلاق نحو العدو الغاشم في الحادي والعشرين من آذار عام 1968 على يد قواتنا الأردنية العسكرية المغوارة .. بقيادة باني مجد الأردن الحديث جلاله الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه - وبقين راسخ أن لا مساومة على الحق والعزة أو تفريط بالكرامة أو رضاً بالذل والمهانة أو قبولٌ بمحتل عنجهي مغتصب ، عدو دخيل بغيض لم ولن يجد في أرض الأحرار موطأ قدم أو استقرار أو راحة .. فكنا له بالمرصاد ليتدفق سيل التضحيات غزيراً من أبناء الأردن النشامى الغيارى على امتداد ساحات الوغى.. فكان الرد قاسيا وموجعا ..ألهب شرارتها فرسان ومغاوير الجيش العربي الأبي يعاونهم اخوة السلاح من رجال المقاومة الفلسطينية .. كل من موقعة .. ومن جبال الكرامة الشامخة.. ومن سهلها الواسع الرحب الذي احتضن أبنائه بكل عزة وإباء فكانت الضربات تلو الضربات.. و كان المدد والسند والتزود والاستعداد والتلاحم والتآزر بين كل الأردنيين على مختلف ألوانهم تبشر بولادة فجر جديد ، وبذلك توجت بطولات رجالاتنا الميامين .. .. بهزيمة مؤلمة قاسية للعدو الغاصب فأثبتنا أن لا ترهبنا القوة والجبروت مهما بلغت .. لاننا أصاحب حق واصحاب قضية واصحاب رسالة واصحاب وطن قوي منيع التحم به ابماء شعب واحد .. أبى الهوان ولم يرضى بغير العيش الكريم .. وحقه الراسخ الثابت في الحياة الآمنة على ترابه الطاهر.. مترجماً مبادئ تربى عليها في الحرية والحياة الفضلى..
معركة الكرامة..أدخلت الأمة بكاملها دائرة الفعل وأخرجتها من آلامها وجراحها التي سببتها نكسة حزيران وحولتها إلى نشوة النصر.. فكانت المعركة مع الجيش النظامي الإسرائيلي - الذي لا يقهر- والذي تحطمت أطماعه وآماله على بوابة الكرامة.. فشكل ذلك الانتصار منعطفا هاما في تاريخ المنطقة .. وتحولا نوعيا في وعي وإرادة الإنسان العربي .. لتترسخ إرادة الحق والتحرر .. حيث تحطمت أسوار الخوف .. وبدأ الانطلاق نحو والمجد العزة ، فاستحقت معركة الكرامة ان تكون بوابة المعارك .. ومؤشر الانتصارات .. والروح والمعنويات العالية .. التي صنعت النصر وجابهنا قوى العدو الشرسة وانتزعنا منه زمام المبادرة وأحرزنا النصر واستعدنا كرامة الأمة العربية جمعاء .
في معركة كرامة كانت قناعتنا راسخة بحتمية النصر .. واستعنا بموروث الأمة التاريخي والعقائدي في الرجولة والقوة والمنعة .. مع إيماننا العميق بمبادئ ثورتنا العربية الكبرى .. وقناعتنا بروح رسالتها .. ذلك ما دفع بواسلنا من افراد وضباط صف وضباط وقادة عسكريين من جيشنا العربي المصطفوي من التراكم على الأسنة في الوغى كالفجر فاض على نجوم الغيهب ..
في ذكرى معركة الكرامة نستحضر شهدائنا الأبرار فكل الوفاء لأرواحهم الطاهرة .. دعاء وترحم ومعرفة بالجميل وتقدير لغالي التضحيات .. مستذكرين جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال- طيب الله ثراه- قائد التكتيك العسكري المحنك .. وصاحب الخطط الإستراتيجية الحكيمة .. فنم قرير العين يا سيدي فأبناؤك الذين زرعت فيهم حب الأردن باقون على العهد ملتفين حول قيادتهم الهاشمية الفذة بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني أدامه الله ورعاه .. يدعون لك بالرحمة والمغفرة . داعين الله أن يسكنك فسيح جناته انه قريب مجيب الدعوات .
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه