يبدو أن الفراق شب فقد بلغ من العمر 21 عاما ، عيونه الحزينة أظنها زرقاء وشعره أسود مجعد ، وملامح بشرته تدل على أنه سيأتي من صوب الجنوب ، ويقال بأنه يحمل معه حقيبة وسيزورني بعد أيام.
سيزورني كالعام السابق محملا بالذكريات واللحظات وسيسرد على مسامعي أصواتا وهمسا وضحكا ، وينثر في المكان عطرا وسيرحل بعدها كعادته وقد نثر دمعا ونشيجا ونحيبا في كل مكان.
21 عاما حملتني وحملتها وهنا على وهن مفطوما عن الفرح مجبورا على الألم منقادا إلى اللاشيء مجدفا عكس تيار الضياع إلى اللا بر.
21 عاما بلا وطن ولا أمان وبلا شعر مسرح ، بلا لمسة حنان وحب أو حتى صفعة ، فقط صفعات من القضاء والقدر وبضع وخزات شوق موجعة وبحرا من الحنين بأمواجه المتلاطمة.
21 عاما لم أضئ بها شمعا ولم أحضر بها وردا لأحد ، وأزين مدخل الثغر ببسمة قبل أن أزين مدخل البيت وجدرانه.
21 عاما مرت وسيمر غيرها شئت أم أبيت وسيزورني كل عام الفراق من صوب الجنوب حاملا حقيبة الذكريات بحلوها ومرها وسأردد كل عام ما أردده في كل عام .
بعدك حتى الأعياد لم يعد لها طعم يا أمي .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com