يبدو وأضحآ لجميع المتابعين ان الثلث الثاني من شهر أذار الحالي قد شهد حراكآ سياسيآ تبنته ألادارة الامريكية وبعدة أتجاهات أقليميآ ودوليآ ، والهدف هو السعي لأنضاج مناخ أقليمي ودولي يهيئ ألارضية المناسبة لاتمام صفقة توقيع أتفاق أيران النووي مع دول 5+1،فمن نيويورك ألى الرياض ألى لوزان ألى بروكسل ألى طهران ،فهذه العواصم والمدن قد شهدت لقاءات ومؤتمرات ورسائل سرية وعلنية وأشاعات كثر وتفاؤل وغموض كبير ،وجميع هذه التحركات تدور بفلك ألوصول الى حل سريع للملف النووي ألايراني ،وأخر هذه التحركات والمؤتمرات واللقاءات هي التي تعقد اليوم بمدينة لوزان السويسرية ،ألاجواء العامة لهذه الاجتماعات بسويسرا توحي بشيء من الغموض ،فبحين أن طهران تتحدث عن ان 90%من الملفات التقنية قد تم الاتفاق على تفاصيلها ،تخرج واشنطن لتدحض الرواية الايرانية لتقول ان 50% فقط من الملفات العالقة بخصوص برنامج ايران النووي هي من تم التوافق عليها فقط للأن ،تناقض التصريحات الايرانية الأمريكية يعطي دلالات واضحة على ان هناك مؤشرات توحي بأنتكاسة واضحة بمشروع توقيع أتفاق مبكر بخصوص الملف النووي ألايراني .
فالواضح اليوم أن تحركات وأشنطن ألاخيرة ،والهادفة ألى أقناع شركائها بالغرب وحلفائها بألاقليم بضرورة التوافق على حل سلمي للملف النووي الايراني ينتهي بأتفاق أممي مع ايران بخصوص ملفها النووي قد أصابها بعض ألانتكاسات بالفترة الاخيرة فهناك اليوم حراك داخلي واضح بواشنطن يقوده جمهوريي الكونغرس بالشراكة مع اللوبي الصهيوني يهدف لتعطيل أي مسار للأدراة الامريكية يذهب بأتجاه توقيع أتفاق مبكر مع الايرانيين بخصوص ملفهم النووي،حراك واشنطن الداخلي المعارض لتوقيع مبكرلاتفاق نووي مع الايرانيين تزامن مع رسالة بعث بها جمهوريي الكونغرس ألى الايرانيين تحذرهم بمضمونها من ان أي اتفاق نووي مع امريكا ستننتهي شرعيته بأنتهاء شرعية الرئيس الامريكي باراك اوباما ، وبألاضافة الى هذا الطرح فقد شهدت مجموعة من سائل الاعلام الامريكية مؤخرآ حملة شرسة تعارض لتوقيع أمريكي مبكر لأتفاق مع الايرانيين بخصوص ملفهم النووي ،وهذا مايؤكد وجود حملة ممنهجة بالداخل الامريكي تسعى وبقوة لثني ألادارة الامريكية عن مسعاها بتوقيع أتفاق ايران النووي مبكرآ .
حراك واشنطن الداخلي المعارض لتوقيع مبكر مع الايرانيين بخصوص ملفهم النووي ،هو صدى لمعارضة غرب أوروبية وخصوصآ فرنسية معارضة وبشدة ومن خلف الكواليس للتوقيع المبكر مع الايرانيين بخصوص ملفهم النووي ،هذه المعارضة الداخلية بواشنطن والتي هي صدى للمعارضة الغرب اوروبية ،يرافقها كذلك تصعيد غير مسبوق من حلفاء واشنطن بألاقليم للتنديد بموقف ألادارة الامريكية الساعية لقلب الطاولة على جميع حلفائها بالاقليم من خلال توقيع مبكر للاتفاق النووي مع الايرانيين ،هكذا يتحدث حلفاء واشنطن على ألاقل بالكيان الصهيوني "أسرائيل "،وبالرياض ،فرغم رسائل الطمانة التي بعث بها كيري لدول مجلس التعاون الخليجي مؤخرآ ،يبدو وأضحآ ان الخليجيين وخصوصآ السعوديين منهم لم يقتنعوا بصدق النوايا ألامريكية هكذا يتحدثون وبالعلن ويضيفون بأنهم وباليوم التالي لتوقيع اتفاق ايران النووي مع الغرب سيكونوا مجبرين على فتح الباب على مصراعيه امام سباق تسلح نووي بألاقليم والمنطقة ككل .
وبألانتقال الى ايران وهي الشريك المعني بألاتفاق النووي ،فاليوم هناك بالداخل الايراني قوى محافظة تعارض بشكل كلي مسار هذه التفاهمات مع الغرب ،لأنها ترى بأن البرنامج النووي الايراني هو شأن داخلي ايراني ويعمل ضمن منظومة سلمية فهم يتسألون ولهم احقية التسأول،فما علاقة الغرب ببرنامج أيران النووي السلمي؟،ولماذا يساوم الايرانيين ألاخرين على حقوقهم المشروعة ؟،ولماذا لا يتعامل الغرب مع الكيان الصهيوني الذي يملك ترسانة عسكرية نووية تتمثل ب290رأس نووي على الاقل كما يتعامل مع ألايرانيين ؟؟،تساؤلات القوى المحافظة بالداخل ألايراني الواردة أعلاه ،شكلت بالفترة ألاخيرة عامل ضغط على حكومة الرئيس الاصلاحي الايراني حسن روحاني ،فاليوم هناك الكثير من ألاصوات المؤثرة بدأت ترتفع بالداخل الايراني تعارض بشكل قاطع تقديم أي تنازلات تقنية او سياسية من الدولة الأيرانية للغرب بمقابل التوافق على حل سريع لملف ايران النووي مع الغرب .
هذه المؤشرات بمجملها والواردة من اكثر من أتجاه ،من الطبيعي أن تشكل عامل ضغط على صناع ومتخذي القرار المعنيين بشكل رئيسي بالتوصل ألى اتفاق حول ملف أيراني النووي ،فالأدارة الامريكية اليوم تتعرض لجملة ضغوط داخلية وخارجية تستهدف ثنيها عن توقيع مبكر لاتفاق مع الايرانيين بخصوص ملفهم النووي ،كما ان المفاوض ألايراني مع الغرب بدأ يدرك بشكل واضح ان المناخ الاقليمي والدولي والداخلي الايراني بالتحديد لايساعد على تهيئة ألارضية المناسبة لأتمام مسار ينتهي بتوقيع مبكر لأتفاق ايران النووي مع الغرب ،فاليوم ألادراة الامريكية لاترغب بخسارة حلفائها بالمنطقة وبالخليج وخصوصآ السعوديين اللذين تجمعهم بواشنطن علاقة شراكة أستراتيجية تزيد على سبعة عقود من الزمن بنى جسورها الملك السعودي الراحل عبد العزيز أل سعود والرئيس الامريكي روزفلت ،كما ان ألادراة الامريكية لاتريد ان تدخل بمنأكفات طويلة مع جمهوريي الكونغرس الداعميين لموقف نتنياهو العائد وبقوة الى دوائر صنع واتخاذ القرار بالكيان الصهيوني ،والمعارض وبقوة لتوقيع اتفاق غربي بالمطلق مع أيران بخصوص ملفها النووي .
ختامآ ،يبدو ان جميع المؤشرات تذهب بأتجاه تأجيل توقيع قوى 5+1للاتفاق النووي مع ألايرانيين لشهور ثلاثة مقبلة على ألاقل ،فالمؤشرات بمجملها والواردة من جميع الاطراف المعنية والمتأثرة كما تتدعي من أثار هذا الاتفاق ،تؤشر بشكل متزايد على أحتمالات وتكهنات بدأت تطفو من جديد الى السطح تؤكد الى حد ما عدم وجود أرضية ومناخ دولي وأقليمي بهذه المرحلة تحديدآ يهيئ المناخ الدولي والاقليمي المضطرب بشكل عام لقبول تداعيات وأبعاد هذا ألاتفاق بهذه المرحلة تحديدآ،ومع ذلك سننتظر القادم من ألايام ليعطينا مزيدآ من ألاجابات التي ستؤكد او تنفي كل هذه الحقائق المذكورة أعلاه ،تزامنآ مع وجود خشية غربية وأقليمية من حماقة قد يرتكبها نتنياهو وبتحريض ودعم من بعض القوى بالأقليم بالذهاب نحو عمل عسكري ضد المصالح النووية بأيران قد تقلب الطاولة على الجميع وتدخل المنطقة وألاقليم بدوامة صراع لاحدود زمانية ولامكانية له ..............
*كاتب وناشط سياسي –الاردن .
hesham.awamleh@yahoo.com