يظهر المشروع المقدم من بعض أوساط "المعارضة المعتدلة" لحل الأزمة السورية ما هو أسوأ من جرائم داعش وجبهة النصرة، ويصب في خدمة العدو الصهيوني قبل أي طرف آخر، كما يجعل الحديث عن التداول السلمي للسلطة حديثا دون معنى، بل غطاءً ودخانا لأجندة تهدد الدولة السورية ومكانتها، أيا كانت الطبيعة الاجتماعية والسياسية للسلطة في دمشق.
ويذكرنا المشروع المذكور بما فرضه العدو الصهيوني على الفلسطينيين في أوسلو، الشكل الهزيل للسلطة في رام الله، التي تجري انتخابات برلمانية ورئاسية تعددية وتداولية ولكن في إطارين خطرين:
الأول، سلطة مجردة من السلاح، والثاني، سلطة مجوفة ومفرغة من سيادتها السياسية بل ومتورطة في أشكال مختلفة من التنسيق "الأمني" مع تل أبيب.
ذلك أيضا ما يدعو له المشروع المشار له لحل الأزمة السورية، وتتصدره الدعوة لما يشبه تجريد سورية من السلاح، الأمر الذي تتضاعف أخطاره وتداعياته بالاسقاط الكامل لكل حديث عن الموقف من الصراع العربي – الصهيوني ودعم المقاومة…
وهو ما يشي بمغازلة تل أبيب والاستعداد لسلام معها على غرار كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة.
ويشار هنا أيضا إلى دعوة المشروع الى تحويل سورية الى دولة ثنائية القومية "عربية – كردية"، وهي دعوة تأخذ سورية إلى حالة العراق بعد العدوان عليه، وتمزيق دولته الوطنية، وتحويلها إلى فدرالية طوائف وقوميات.
وإذا كانت القضية الكردية حاضرة بقوة في تركيا والعراق بالنظر إلى الوجود التاريخي الكردي فيهما، الأمر الذي اعترف به العراق مبكرا، ومنحهم حكما ذاتيا فيما رفضته تركيا ولا تزال، فلا أرض تاريخية للاكراد في سورية..
ولا يعني ذلك حرمانهم من ثقافتهم وتقاليدهم الخاصة، بل الاعتراف بها، ولكن في إطار المواطنة السورية الكاملة لا في إطار قومي على غرار العراق وتركيا.