خاص - أثارت تصريحات مفتي عام المملكة الدكتور أحمد الحسنات، التي أكد فيها تحريم التدخين وصناعته وبيعه، نقاشاً واسعاً حول تداعيات هذه الفتوى على الاقتصاد الأردني والاستثمار، لا سيما في ظل الأرقام الكبيرة التي تُظهر دور قطاع التبغ والتدخين في دعم خزينة الدولة.
صناعة التبغ والتدخين في الأردن تعد من أبرز القطاعات الداعمة للاقتصاد الأردني، حيث تسهم بما يقارب 890-900 مليون دينار سنوياً، كما تُظهر الدراسات أن الأردنيين ينفقون حوالي 540-600 مليون دينار سنويا على منتجات التبغ، فيما يبلغ متوسط استهلاك الرجال الأردنيين المدخنين 23 سيجارة يومياً، وهو معدل مرتفع مقارنة بدول أخرى.
فتوى الحسنات هذه جاءت في وقت تعتمد فيه ميزانية الدولة بشكل كبير على الضرائب المفروضة على منتجات التبغ، والتي تُعتبر مصدرا أساسيا لتعزيز الإيرادات الحكومية، علماً أن الحكومة السابقة برئاسة بشر الخصاونة، اتخذت قرارا وداعياً أخيراً قبل رحيلها بساعات برفع الضرائب على السجائر والمعسل، في خطوة تستهدف بشكل غير معلن تعزيز مداخيل الخزينة وسط ضغوط اقتصادية متزايدة.
الحكومة الجديدة بقيادة الدكتور جعفر حسان تواجه تحدياً مزدوجاً الآن، الالتزام بالتوجهات الدينية والاجتماعية من جهة، والحفاظ على الإيرادات الاقتصادية من جهة أخرى، دون أن تصدر حتى الآن تعليقاً رسمياً أو حتى تلميحاً حول تأثير هذه الفتوى على قطاع التبغ، لكن مراقبين للشارع الأردني يرون أن هذه الفتوى من الممكن أن تعرقل مساعي الحكومة في جذب الاستثمارات وتوسيع قاعدة الإيرادات.
محللون اقتصاديون أشاروا إلى أن فتوى تحريم التدخين وصناعته وبيعه قد تؤدي إلى تراجع الإيرادات الضريبية، ما سيؤثر سلباً على قدرة الحكومة في جمع ايراداتها من هذا القطاع، مما سيؤدي الى توجهها الى قكاع آخر لفرض الضرائب، كما أن أي إجراءات مفاجئة تستهدف تقليص نشاط صناعة التبغ قد تُضعف ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في السوق الأردني، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية القائمة.
الفتوى الدينية سليمة شرعياً وهي في محلها وتستند الى دلائل واحكام وصادرة عن جهة تخاف الله وتحرص على تطبيق شرع الله، بصرف النظر أنها اعجبت فلان واغضبت علان، ولكن سؤال نطرحه، ما رأي مدير عام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات الدكتور حسام ابو علي الذي يبحث عن أي قرش هنا أو هناك بهذه الفتوى، واذا سيكون وضع ايراد الضريبة لو تاب الشعب الاردني وابعد عن المنكر وقرر ان يرمي اسفنجة السيجارة الى غير رجعة مقلعا عن النيكوتين.. الجواب عند حسام ابو علي الذي طالما دق جرس الانذار مبكرا.
وبينما ترى دائرة الإفتاء أن فتواها تنطلق من حماية صحة الأفراد والامتثال لمقاصد الشريعة الإسلامية، يشدد خبراء اقتصاديون على ضرورة موازنة التوجهات الدينية مع الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية، ويبقى هنالك سؤال آخر أيضاً.. هل ستنجح حكومة جعفر حسان في التعامل مع هذه التحديات بحكمة تُرضي مختلف الأطراف؟ وكيف ستتأثر موازنة الدولة إذا تم الالتزام بهذه الفتوى؟