زيارة رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي إلى الأردن، مهمة ومفصلية، يجب البناء عليها واستثمارها من الجوانب السياسية والاقتصادية والاعلامية كلها، لان العراق مهما اختلفت اتجاهات بوصلته سيبقى العمق الاستراتيجي للاردن.
العبادي قادم من طهران، وفي وصوله الى عمان كأول محطة عربية يصلها بعد تكليفه برئاسة الحكومة العراقية، رسالة سياسية بامتياز هي ان الاردن الرئة الرئيسية للعراق، وهو نقطة عودة العراق الى العمق العربي، بعد ان تخلى عن عباءة الحكومة الطائفية، وهو السند للتوجه العروبي الذي يرتسم الآن في بغداد، يواجه ملفات المرحلة السابقة بتعددية سياسية ووطنية، ويحارب داعش على اساس وطني لا مذهبي. بين الاردن والعراق لحمة وتوافقات ترسخت بفضل ارادة حقيقية للبلدين في عز الأزمات الكبرى، التي عادت بالخير على البلدين والشعبين، من الممكن البناء عليها في مرحلة استعادة العراق دوره الوطني والقومي والعروبي في ظل انقسامات عمودية تعيشها الأمة.
زيارة الرئيس العبادي ومرافقيه من الوزراء الذين يمثلون مكونات الشعب العراقي كله، رسالة لإعادة الاعتبار للمشتركات الاردنية العراقية جميعها، ورسالة الى المسؤولين في البلدين بضرورة إعادة الحياة للملفات العالقة بين البلدين، ومعالجة أية اشكالات تعترض طريق ابناء العراق ومستثمريه في الاردن، كما تعني معالجة الملفات الاردنية كلها في العراق، المجمدة منذ سنوات.
مدى الترحيب الاردني بزيارة العبادي لها ما لها، واللقاءات مع رأس الدولة والحكومة الاردنية تدل على رؤية البلدين المشتركة، والمصالح السياسية والاقتصادية التي يجب تعزيزها وتنميتها.
تعزيز التعاون الاردني العراقي لا يجب ان يبقى ضمن الطبقات العليا فقط، لان العلاقات الشعبية بين الاردنيين والعراقيين، تجاوزت العلاقات الرسمية الى علاقات اجتماعية متشابكة، وتجارية ومالية عادت بالفائدة على البلدين والشعبين.
قد يتصدر ملف مجابهة الارهاب، وعنوانه داعش هذه الايام اي لقاءات رسمية، وقد يكون قد سيطر على لقاءات العبادي في عمان، وهو بكل الاحوال قضية اردنية عراقية عربية انسانية عموما، سوف تدفع شعوب المنطقة والعالم كثيرا من احلامها وطموحاتها وخيراتها الكثير اذا استمر هذا الارهاب يضرب في ارضنا العربية، ولهذا فإن أولوية مجابهته لا يختلف عليها اثنان.
دعوتنا لاستثمار زيارة العبادي والبناء عليها في قابل الايام، تأتي من خلال فهم عميق لطبيعة العلاقة الاردنية العراقية، وعمق النسيج الذي حيك بين الشعبين، من خلال المصالح المشتركة والاحلام الواحدة.