مُحيّر جدًا أمر مجلس النواب، إذ لا يخرج من أزمة ثقة إلّا ويقع في أخرى. في معركة رئاسة مجلس النواب والانتخابات الداخلية للنائب الأول، تفاجئك تقديرات النواب وتصريحاتهم.
في الاسبوعين الماضيين سألت أكثر من نائب حول تقديراته لانتخابات رئاسة المجلس المقبلة، الجواب بالمطلق واحد، حتى اليوم فإن النائب عاطف الطراونة الأوفر حظًا، لكن؛ لا تدري ماذا سيحدث غدًا.
وغد ــ بنظر النواب ــ ليس مرتبطًا باختلاف برامج المرشحين ومدى تواصلهم مع النواب والكتل البرلمانية ولا تحالفاتهم مع دهاقنة المجلس ورموزه، لكن الغد مرتبط بالتدخلات الخارجية، وبالألو الذي ينتظره النواب من جهات أخرى.
الجهات الأخرى حسب النواب مرتبطة بثلاثة مواقف، الحكومة والدائرة والديوان، موقف الحكومة يتكشف من خلال الأعضاء المحسوبين عليها، وللدقة؛ المحسوبون على شخص رئيسها، والدائرة لديها من الروافع والاصدقاء الذين يمثلون الخط المحسوب عليها، والديوان يعطي ضوءا أخضر بطريقة ما..
هذه القراءة، وان صحّت في الرغبات لدى هذه الجهات، فلا تنتج عملًا برلمانيًا مؤسسيًا لو كان حال مجلس النواب (اعضاء أو كتل وتجمعات) أفضل من الحال الذي نعرفه، لكن كل هذا يكشف عن حالة الضعف التي يمر بها العمل البرلماني.
في فترات ماضية اعترف نائب ــ رئيس قسم الألو في مجلس النواب ــ، ان في معظم المجالس النيابية كان النواب يتأثرون بالتدخلات الخارجية، واذا كان هناك نائب رئيس لقسم الألو فإن هناك نوابًا يُعتبرون عناوين لجهات عُليا، ويظهر ذلك من خلال تحرك أقطاب مُعيّنة في موقف ما يظهر أن هذا الموقف مطلوب من الديوان، وهناك نائب يزعم انه "الضابط المناوب" واي تحرك له يشي بأن هذا الموقف تعمل عليه الأجهزة الأمنية، وتدفع باتجاه تبنيه.
لنتذكر انه في جلسات نيابية مهمة، اضّطر أحد النواب إلى الخروج أكثر من عشر مرات إلى دورات المياه، حتى يغيب عن التصويت على قانون المالكين والمستأجرين، كما اضّطر نائبٌ آخر إلى التمثيل بأنه يتلقى هاتفا أكثر من خمس مرات، ويخرج من الجلسة، وعند التصويت لم يكن تحت القبة، مع أن هذا النائب يعرف جيّدا أن الاتصالات تُحجب عن جلسات المجلس بشكل عام، ولا يُسمح بها إلا في الحالات المتوقع فيها تدخلات خارجية.
لست ممن يتصيدون المواقف للهجوم على مجلس النواب، بل من الداعمين دوما لرفعة العمل النيابي وتعزيزه وتطويره، لكن ما يغيظني جدا سلوك بعض النواب الذين لا يعرفون حقيقة ما منحهم الدستور من قوة وسلطة، ولا يعرفون انهم ممثلون للشعب لا يمثلون عليه.