ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺮوض أن ﻳﺮد اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت اﻟﻘﺮاء واﻟﻤﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ﻟﻤﺎ ﻳﻜﺘﺐ. وأﺣﯿﺎﻧﺎً، أﻛﺘﺸﻒ أن اﻟﻤﻌﻠﻖ أﺳﺎء فهم ﻣﺎ
ﻗﻠﺖ، وﺑﻨﻰ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ. ﻓﺄﺣﺪھﻢ ﻳﻘﻮل إﻧﻨﻲ ذﻛﺮت أن رﻓﻊ أﺳﻌﺎر الكهرباء ﺑﻨﺴﺒﺔ 14 % ﻋﻠﻰ ﻛﻞ
ﻣﺴﺘﮫﻠﻜﻲ الكهرباء ﺳﻮف ﻳﺰﻳﺪ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻐﻼء ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ ﻧﻔﻘﺎت اﻷﺳﺮ ﺑﻨﺴﺒﺔ 1.8 %، ﻓﺘﺴﺎءل: وﻛﯿﻒ وﻻ ﺗﺮﺗﻔﻊ
اﻷﺳﻌﺎر ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻨﺴﺒﺔ؟ واﻟﺠﻮاب ھﻮ أن الكهرباء ﺗﺸﻜﻞ ﺟﺰءاً ﻣﻦ إﻧﻔﺎﻗﻨﺎ، وﻧﺴﺒﺔ ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﻣﻦ ﻛﻠﻒ اﻹﻧﺘﺎج.
وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺷﻜﻠﺖ ﻣﺎ ﻧﺴﺒﺘﻪ 10 % ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع ﺗﻜﺎﻟﯿﻒ اﻹﻧﺘﺎج، ﻓﺈن اﻟﺮﻓﻊ ﺑﻨﺴﺒﺔ 14 % ﺳﯿﺮﻓﻊ ﺗﻜﺎﻟﯿﻒ اﻹﻧﺘﺎج
اﻟﻜﻠﯿﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ 1.4% ﻓﻘﻂ.
ھﻨﺎﻟﻚ ﻣﻌﻀﻠﺔ ﻟﺪى ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺐ ﺑﺸﺄن ﻗﻀﯿﺔ ﻣﺎ، ﻓﻲ ﺣﻮاﻟﻲ 500 ﻛﻠﻤﺔ. فهو ﻗﺪ ﻳﺘﻨﺎول ﻣﻮﺿﻮﻋﺎً ﺣﺴﺎﺳﺎً ﺑﺤﺎﺟﺔ
إﻟﻰ ﺷﺮح وﺗﻮﺿﯿﺢ، ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺟﺰاً وﻓﻌﺎﻻً ﻓﻲ ﻧﻘﻞ أﻓﻜﺎره. وأﺣﯿﺎﻧﺎً ﻳﺤﺎﻟﻔﻪ اﻟﺤﻆ واﻟﺘﻮﻓﯿﻖ، وأﺣﯿﺎﻧﺎً أﺧﺮى ﻳﺨﻮﻧﻪ
ﻗﻠﻤﻪ وﻋﻘﻠﻪ، ﻓﻼ ﻳﻮﺻﻞ اﻟﻔﻜﺮة ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ.
وﻧﺤﻦ ﻧﻌﯿﺶ اﻵن ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻻﺗﺼﺎﻻت، وسهل أن ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻳﺪ وﻗﺘﻤﺎ ﺗﺸﺎء، وﻣﻦ أي ﻣﻜﺎن أﻧﺖ
ﻓﯿﻪ. ﻓﺄﻧﺖ ﻗﺎدر أن ﺗﺘﻮاﺻﻞ ﻋﺒﺮ الهاتف اﻟﻨﻘﺎل؛ اﺳﺘﻼﻣﺎً وإرﺳﺎﻻً، ﻣﻨﺤﺎً ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺔ أو أﺧﺬاً لها . وﻟﺬﻟﻚ ﻧﺸﺄت ﻋﻮاﻟﻢ
اﻓﺘﺮاﺿﯿﺔ ﻷﻧﺎس ﻳﺘﻔﺎﻋﻠﻮن ﻣﻊ ﺑﻌﻀﮫﻢ ﺑﻌﻀﺎ ﺑﺎﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺼﻮر واﻵراء واﻷﺧﺒﺎر، ﺑﺪون أن ﻳﻌﺮﻓﻮا بعضهم ﺑﻌﻀﺎ. وﻟﻢ
ﻳﻌﺪ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ أﻧﺎس ﻟﻢ تقابلهم ﺧﺎﺿﻌﺎً ﻟﻠﺼﺪﻓﺔ أو ﻟﻠﻈﺮوف، ﺑﻞ ﺻﺎرت ھﺬه اﻻﺗﺼﺎﻻت ﻣﺴﺘﻤﺮة، وﻣﻨﻈﻤﺔ ﺿﻤﻦ
أطﺮ ﻣﺆﺳﺴﯿﺔ.
وﻗﺪ ﺑﺪأﻧﺎ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ ﻧﺒﻨﻲ ﺟﺎﻣﻌﺎت اﻓﺘﺮاﺿﯿﺔ. وﻻ داﻋﻲ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ أن ﻳﻌﺮﻓﻮا ﺑﻌﻀﮫﻢ ﺑﻌﻀﺎ، أو أن ﻳﻌﺮف اﻟﻄﺎﻟﺐ أﺳﺘﺎذه.
وﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ أن اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻣﻦ أﻣﺎﻛﻦ ﺳﻜﻨﺎھﻢ، وأﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا، ﻳﺘﻠﻘﻮن اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻓﻲ أوﻗﺎت ﺗﻨﺎﺳﺒﮫﻢ، ﻣﻦ ﺧﻼل
ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻣﺴﺠﻠﺔ ﺗﻨﻘﻞ إﻟﯿﮫﻢ ﻋﺒﺮ اﻷﻣﻮاج واﻷﻗﻤﺎر اﻟﺼﻨﺎﻋﯿﺔ.
وﻗﺮﻳﺒﺎً ﻧﺮى ﺷﺮﻛﺎت ﺗﻘﺎم ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ. واﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺪأت ﺗﺘﻀﺢ أﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت أﺧﺮى، أﺑﺮزھﺎ "اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ
اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﯿﺔ". فهل ﺳﯿﺆدي ھﺬا إﻟﻰ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ أﻧﻤﺎط ﻋﻼﻗﺔ اﻷﻓﺮاد ﺑﺎﻷﻓﺮاد، واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻋﺎت؟ وھﻞ ﺳﯿﻜﻮن
ﻟﮫﺬا اﻟﺘﻄﻮر ﺗﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮﻛﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ؟ وھﻞ ﺳﯿﺴﺘﻄﯿﻊ اﻵﺑﺎء اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ ابنائهم ؟
ﻣﺎذا ﺳﯿﻜﻮن ﺣﺎل ﻣﻦ ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻏﺮﻳﺒﺎً ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ، وﻳﺮى أﻧﻪ ﻋﺎﺟﺰ ﻋﻦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ، أو اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ
اﻷﺟﯿﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة بلغتها ؟ وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﺘﺤﺎور ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ﻋﺒﺮ اﻟﺤﺎﺳﻮب أو اﻟﺸﺒﻜﺎت
اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ؟
ﻛﺜﯿﺮون ﻣﻨﺎ ﺣﺎﺋﺮون، وﻻ ﻳﺪرون ﻓﻲ أي ﻋﺎﻟﻢ ﻳﻌﯿﺸﻮن. فهل ﻳﻔﺴﺮ ھﺬا اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺬي ﻧﺮاه؟ وھﻞ ﺳﯿﻨﻘﺴﻢ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ
إﻟﻰ ازدواﺟﯿﺔ ﻻ ﺗﺠﻤﻌﮫﺎ إﻻ اﻟﺠﻐﺮاﻓﯿﺎ؛ ﺟﯿﻞ ﻳﺘﺤﺪث ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﺟﯿﻞ ﻻ ﻳﺠﺪ إﻻ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺘﺤﺪث ﻣﻌﮫﺎ؟
ﻟﻘﺪ اﻧﺘﺸﺮت ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺪﻳﺠﯿﺘﺎﻟﯿﯿﻦ ﻓﻲ اﻷردن. وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻧﺘﺸﺎرھﺎ ﺻﺪﻓﺔ، ﻷﻧﮫﺎ ﻻﻣﺴﺖ أﺳﻤﺎع ﺟﯿﻞ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ، وﻓﺌﺎت
ﺑﺎﺗﺖ ﺗﺮى ﻧﻔﺴﮫﺎ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ ﻋﻦ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻘﺮار، وﻟﻢ ﻳﻨﺘﺞ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﻋﺠﺰھﺎ، وإﻧﻤﺎ ﻋﻦ ﻛﻮن اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ
ﻓﻲ دوﻻب اﻟﺰﻣﻦ ﺑﺎﺗﺖ ﺗﻀﻊ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﻷطﺮاف.
وﻛﺬﻟﻚ وﺟﺪت ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺪﻳﻨﺎﺻﻮرات ﺻﺪى ﻟﺪى ﻧﻔﺲ اﻟﺠﯿﻞ، ﻋﻠﻤﺎً أن ھﺬا اﻹﺻﻄﻼح ﻓﻲ اﻟﻐﺮب دارج، وھﻮ ﻳﺸﯿﺮ
إﻟﻰ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺤﺪث ﻳﻮﻣﺎً، وﻳﺮﻳﺪون اﻟﻌﻮدة إﻟﯿﻪ، رﻏﻢ أن ﻗﻄﺎر اﻟﺰﻣﺎن ﻗﺪ ﺧﻠﻖ أﺣﺪاﺛﺎً وﺗﻄﻮرات
ﻻ ﻳﻠﻤﻮن ﺑﮫﺎ أو ﺑﺄﺑﻌﺎدھﺎ.
ﻓﺎﻟﺪﻳﺠﯿﺘﺎﻟﯿﻮن ھﻢ اﻟﺬي ﻳﺴﯿﺮ اﻟﺰﻣﺎن ﻣﻌﮫﻢ؛ ﻓﮫﻢ أﺻﻐﺮ ﺳﻨﺎً، وأﻛﺜﺮ اﻧﺪﻓﺎﻋﺎً، وﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﯿﺎن أﻛﺜﺮ ﻣﻌﺮﻓﺔ
ﺑﺎﻟﻌﻠﻮم واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎ، وإن ﻛﺎﻧﻮا رﺑﻤﺎ أﻗﻞ ﺣﻜﻤﺔ.
أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﻼ اﺳﺘﺨﺪم ھﺬﻳﻦ اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﯿﻦ، إﻻ إذاُوﺿﻌﺎ ﺿﻤﻦ إطﺎرھﻤﺎ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺬي ﻗﺼﺪا
ﻣﻨﻪ. وأﻗﻮل: ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻄﺮﻓﯿﻦ ﻣﻌﺎً.
ﺟﻮاد اﻟﻌﻨﺎﻧﻲ