كان من المفترض أننا سبقنا السوق المشتركة الاوروبية, بعد أن وقعنا ميثاق السوق العربية المشتركة عام 1956.
وكان من المفترض أننا بدأنا بتنفيذ عقد الانماء الاقتصادي العربي قبل ثلاثة وثلاثين عاماً حين اقرته قمة عمان عام 1980. لكن اللعبة السياسية كانت امتع, وأرخص وأقرب الى التخلف فدخلناها بديلاً عن مسيرة الوحدة الاقتصادية.. ولعل الحشد العسكري السوري على حدودنا الشمالية قبل انعقاد القمة, وكتم انبائه الى ما بعد انتهائه واحدة من تلك الالاعيب السياسية المشهورة.
وقتها أخذ النظام السوري مائتي مليون دولار ثمن وساطة كريمة.. لكننا حشدنا وقتها مقابل الفرقة فرقتين!! وكيفنا انفسنا لتعليمات السوق المشتركة. ولو أخذنا بعقد الانماء العربي لكان عندنا الان شبكة حديد متكاملة, وخطوط نفط, وموانئ تكرير عظمى ومشروعات زراعية تصل الى حد الكفاية!!
ما فات مات!! والان نحن في مواجهة قمة اقتصادية عربية تنظم علاقات فقراء العائلة العربية واغنيائها على اسس من المصالح القومية الاستراتيجية، وتوسع السوق العربي الذي نيّف على 300 مليون عربي، واحياء موات ملايين الدونمات في صحارى السودان ومصر، وبوادي العراق والاردن، فنقاط الماء التي تتحول الى سلة غذاء في الاردن تشبعنا وتشبع جيراننا هي نموذج لما يمكن ان تنتجه شواطئ النيل ودجلة والفرات والزاب الاكبر والزاب الاصغر، وها هم العرب على شاطئ الخليج يروون الجنان التي اقاموها على الماء المحلى من البحر، فلم تعد هناك صحارى ولا غوطة ولا دلتا في زمن العلم والمعرفة واستثمار العقول العربية التي تملأ قارات العالم واكثرها هارب من وطنه.
ندعو قمة الرياض الاقتصادية الى ما هو ابعد من اطعام مئات الاف المشردين السوريين فهذا القتل المجنون هو حتما الى نهاية، والمطلوب اعادة اعمار سوريا، واخراجها من لعبة السياسة المقيتة الى طريق الحياة والتقدم ووحدة العرب، ندعو قمة الرياض الى برنامج عمل لا يقوم على «الشرهات» وانما على تمويل متحضر لمشروعات كبرى، فنحن نتحدث عن السكك الحديدية، ونتحدث عن الطاقة المستدامة, ونتحدث عن قناة البحرين ونتحدث عن استزراع الصحاري بالقمح والاعلاف.. والاهم الأهم فإننا نتحدث عن مشروعات مشتركة, تموّل عربياً, وتوزع مكاسبها عربياً!! فالألف ميل تبدأ بخطوة واحدة!